بعد كساد اقتصادي وأزمة مالية حادة اجتاحت مختلف أرجاء العالم، وأصابت كبرى أسواق السلاح العالمية بمقتل، ودفعت بمئات البنوك العريقة لإعلان إفلاسها- والتي بلغت في الولاياتالمتحدة وحدها 143 بنكاً- نجحت الدول الصناعية الكبرى في العبور من بوابة القوة "الخرافية" النووية لإيران، و"بعبع" المخططات التآمرية، إلى خزائن ثروات دول الخليج البترولية، لتفتح أبواب صفقات التسليح على مصاريعها، ولتدخل تجارة السلاح مجدداً عصراً ذهبياً يمطر الغرب بمليارات الدولارات..! ورغم محاولة دول الاتحاد الأوروبي الحفاظ على مراكزها المتقدمة في ماراثون تسليح دول الخليج تحت عباءة "مواجهة التهديد الإيراني"، إلاّ أن الولاياتالمتحدة وروسيا كانا الأسبق في طرق البوابة السعودية، وخوض تنافس محموم بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا الحربية، وبما لم يسبق الرياض أحد في الشرق الأوسط امتلاكه. تقارير حديثة كشفت أن موسكو عرضت مؤخراً على المملكة العربية السعودية صفقة سلاح بقيمة ملياري دولار، تتضمن تجهيز الرياض بما يزيد عن (150) دبابة من طراز "تي– 90 اس" ذات المواصفات الملائمة للمناطق الصحراوية، بالإضافة إلى (150) طائرة مروحية، منها (30) مروحية من نوع "مي– 35" و(120) مروحية نوع "مي– 17" بمختلف طرازاتها، وأيضاً (250) عربة قتالية للمشاة من طراز "بي ام بي– 3 ام"، وعشرات منظومات الصواريخ المضادة للجو من طراز "بوك– ام 2 اي". كما تشير التقارير إلى أن موسكو عرضت على الرياض مؤخراً شراء منظومة "اس– 400 تريؤومف" الصاروخية المضادة للجو التي ظهرت مؤخرا في حوزة الجيش الروسي، ومنظومات الصواريخ والمدفعية "بانتسير– اس 1" والمروحيات الحربية "مي– 28 ان"، وغيرها من الأسلحة، والتي ما زالت ملفاتها قيد دراسة الخبراء السعوديين. وجاءت تلك العروض في أعقاب نجاح موسكو في مد جسور علاقة وثيقة مع المملكة من اتفاقيات البرامج الفضائية، التي تشير التقارير إلى إن الحكومة الروسية أصدرت في أواخر العام الماضي 2009م توجيهات مكنت وزارة الدفاع من استخدام الأنظمة الفضائية لإطلاق قمرين صناعيين سعوديين (عرب سات– 5 آ) و(عرب سات 5 ب) للاتصال الفضائي من مطار "بايكونور" الفضائي، وذلك بواسطة صاروخ "بروتون– ام" المزود بوحدات التسارع من طراز "بريز– ام". غير أن خبراء السلاح الروس ينتابهم حالياً القلق حول مدى موافقة الرياض على إتمام صفقات السلاح المذكورة، وعلى خلفية المفاجأة التي فجرتها واشنطن يوم 20 أكتوبر الماضي، حين أعلن البنتاغون رسمياً عن عزمه توقيع صفقة طائرات حربية ومروحيات ب(60) مليار دولار مع المملكة العربية السعودية. وبحسب ممثل في قطاع الصناعات الحربية الأمريكية فإن هذه الصفقة جاءت بعد محادثات أمريكية- سعودية استغرقت شهوراً، ناقشت خلالها المملكة قلقها بشأن القدرة الصاروخية الإيرانية، فكان أن قدمت واشنطن للمملكة رزمة اقتراحات لتعزيز قدراتها الحربية، بينها صفقة الطائرات الحربية والمروحيات.. غير أنه كشف أيضاً أن من ضمن المقترحات التي تدرسها الرياض حالياً هو شراء عدة آلاف من "القنابل الجوية الذكية"، بما فيها القنابل الموجهة بالليزر من طراز " JDAM"، وصواريخ جوية من طراز "هلفاير" و"سايدويندر"، والتي ستكلف المملكة عدة مليارات الدولارات. كان أمام الكونجرس الأمريكي شهر واحد فقط ابتداءً من 20 أكتوبر الماضي لإبداء موافقته من عدمها على صفقة ال"60" مليار دولار؛ وعندما انقضى يوم 20 نوفمبر دون صدور رأي رسمي بالصفقة انتعشت الآمال الروسية قليلاً، وتوقع خبراء السلاح الروس أنه ربما لدى الكونجرس بعض التحفظات بشأن رفع القدرات الحربية لدول إسلامية بالشرق الأوسط تخوض صراعاً مع إسرائيل. لكن آمال الروس خابت مجدداً أمس الأربعاء 24 نوفمبر بصدور بيان من الحكومة الأمريكية منحت فيه البنتاغون ضوءً أخضراً بتزويد السعودية بالأسلحة البالغ قيمتها (60) مليار دولار، والتي تتضمن (84) مقاتلة "اف– 15" و(70) مروحية ضاربة "اباتشي" و(72) مروحية تكتيكية "بليك هوك"، و(36) مروحية خفيفة. بالإضافة إلى تطوير (70) مقاتلة "اف– 15" موجودة من قبل بحوزة السلاح الجوي السعودي.. هذه الصفقة التي تعد أكبر صفقات الأسلحة الأمريكية ستتسلمها الرياض خلال فترة تم تحديدها ب(15– 20) سنة من تاريخ توقيعها.. ويعتقد الخبراء الأمريكيون أن المروحيات التي يتضمنها العقد ستضمن للرياض سلامة حدودها مع اليمن، وحمايتها من المتمردين الحوثيين. وبدا واضحاً أن صناعة الغرب ل"بعبع" إيراني خرافي بديل لنظلم صدام حسين في المنطقة هو الحل الأمثل لاستنزاف ثروات دول الخليج، وإنعاش تجارة السلاح مجدداً.. فالمملكة العربية السعودية تفتحت شهيتها لشراء السلاح على نحو غير مسبوق. ففي يوم 31/10/2010 توجه مساعد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلطان إلى أسبانيا للتباحث بشأن شراء صفقة أسلحة تقدر قيمتها بحوالي 4 مليارات دولار. وتتضمن الصفقة مع أسبانيا حصول الرياض على ما بين (200- 270) دبابة "ليوبارد" نوع "2 أي" المتطورة، والتي قام السعوديون بتجربتها في معسكر للتدريب في منطقة "سرقسطة" بشمال أسبانيا، ووافقوا على جودتها شريطة إدخال بعض التحسينات لملائمة بيئة السعودية المعروفة بحرارتها المرتفعة وأجوائها الجافة، كما تشمل تدريب الضباط السعوديين والصيانة مستقبلاً. وكانت السعودية وقعت أيضاً في وقت سابق مع شركة مقرها في لندن على صفقة لشراء (72) طائرة مقاتلة من نوع "تايفون" تصل قيمتها (7.25) مليار دولار.. فيما أجرت مفاوضات مع شركة "فنكانتيري" الايطالية لشراء (6) فرقاطات بحرية متعددة المهام من نوع (فريم) لتعزيز قدرات سلاحها البحري، وتصل قيمتها إلى (2.2) مليار دولار. وكانت "نبأ نيوز" نشرت في أول مارس الماضي معلومات نقلاً عن مصادر عسكرية كشفت أن المملكة تسعى منذ بداية العام الجاري إلى إبرام صفقة شراء أسلحة من جنوب أفريقيا، تحصل بموجبها على (78) وحدة من منظومة راجمة صواريخ متكاملة، تعمل ذاتيًا، ويُطلق عليها اسم صواريخ "(ج- 6)، حيث تعتبر جنوب أفريقيا من أفضل المصنعين لراجمات الصواريخ. كما كشفت المصادر ذاتها عن برنامج تسليح سعودي "وطني" جديد لتطوير القوة الصاروخية للمملكة، التي تمتلك اكبر ترسانة صواريخ في الشرق الأوسط، وذلك بسعيها لإنتاج صواريخ تفوق قدرات الصواريخ البالستية الصينية (CSS-5 و CSS-6) التي اشترتها خلال القرن الماضي. وقالت: أن البرنامج الصاروخي السعودي الجديد يسعى لتطوير صواريخ بالستية من حيث القدرة التدميرية والمسافة، ليصل إلى ما بين (3000 - 3500) كيلومتر، وهذا المدى يمكنها أن تطال معظم أرجاء أوروبا وشبه القارة الهندية، إلى جانب كونه ذو قدرة تدميرية فتاكة.. مشيرة إلى أن "خبراء آسيويين" يشرفون على تطوير البرنامج الصاروخي السعودي، رجحت أنهم باكستانيون، كما أنها لم تستبعد تطلع السعودية إلى امتلاك صواريخ بالستية ذات رؤوس نووية، مرجعة اعتقادها إلى تعاظم التهديدات الإيرانية. وكان تقرير حديث لمؤسسة (رند) الأمريكية، أكد أن "المملكة العربية السعودية تنشر منظومة صواريخ هي الأبعد مدى في منطقة الشرق الأوسط، والمقصود بها منظومة سي أس أس -2 التي اشترتها السعودية من الصين في عام 1987" وأنها "تمتلك عدة عشرات من هذه الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكّنها مداها البالغ 2000 كيلومتراً من أن تطال معظم أنحاء أوروبا وأوراسيا وشبه القارة الهندية"، مؤكداً "وجود إمكانيات فنية مستقبلية لدى السعودية قد تجعلها تسعى، بالإضافة إلى ما لديها من دوافع محتملة، إلى تأسيس مشروع نووي في المستقبل". ولفت التقرير إلى أن هناك سبع دول عربية تملك صواريخ بالستية, هي: مصر، وسوريا، وليبيا، والعراق، واليمن، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.. ومن بين هذه الدول فقط "مصر، وسوريا، وليبيا" تملك أسلحة كيماوية وجرثومية. كما تحدثت مصادر عسكرية عن برنامج وطني سعودي للصواريخ، أشار إلى قيام المملكة بدءً من العام 1996م بإجراء عدة تجارب على صواريخ "سعودية" تراوح مداها ما بين (600 – 1000) كيلو متراً، تم إطلاق عدد منها خلال الحرب الأخيرة مع الحوثيين.. ولدى السعودية طموح كبير في التوسع في الصناعات العسكرية، حيث اشترت عدداً من مصانع الدروع، والصواريخ، والهاونات، وباتت تؤمن جزء كبير من احتياجاتها من الذخائر المختلفة، فيما طورت مراكز بحوثها العسكرية التي تعمل من خلالها على تطوير بعض أصناف الأسلحة. ويلعب الخبراء الصينيين دور كبير في مساعداتها على تطوير برنامج تسليحها الوطني. هاجس الخوف لدى دول الخليج الذي صنعته الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من "التهديد الإيراني" كان فعلاً حلاً مثالياً للأزمات الاقتصادية الأمريكية بالدرجة الأولى ثم للغرب بشكل عام.. فلم تكن السعودية وحدها من اشترت أسلحة أمريكية ب(60) مليار، بل أن الإمارات أبرمت أيضاً صفقة مع أمريكا بقيمة (6ر35) مليار دولار، ووقعت أيضاً صفقة لشراء 4 طائرات من نوع c-17 للنقل العسكري.. وسلطنة عمان اشترت ب(3ر12) مليار دولار، والكويت بقيمة (1ر7) مليار دولار. كما أن الإمارات العربية المتحدة، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي أجرت أيضاً محادثات مع شركة "داسو" الفرنسية لشراء (60) مقاتلة من نوع (رفاييل) وقد تصل القيمة النهائية للصفقة إلى (8) مليارات يورو. فالإمارات التي تعد حسب معهد استكهولم الدولي لدراسات السلام ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم بين عامي 2004- 2008م بعد الصين والهند تنفق حالياً ما يصل إلى (3.3) مليار دولار على أنظمة صواريخ "الباتريوت".