«هل حجزت مقعدك لمتابعة كأس العالم».. سؤال كثيراً ما يتردد بين أوساط الشباب والمهتمين بالرياضة في السعودية بشكل عام هذه الأيام، لكن ذلك المقعد ليس في البلد المضيف ألمانيا، هذه المرة في أحد المقاهي التي أنهت استعداداتها لمتابعة الحدث والكرنفال الكروي العالمي بتجديد الاشتراكات في القنوات المشفرة. هذا فيماحمى المنافسة على مستوى وسائل الإعلام بلغت ذروتها بين مطابع الصحف، وأرشيف القنوات الفضائية، ومراسلي المحطات الإذاعية، بالإضافة إلى دخول منافس قوي على الساحة الإعلامية السعودية، والذي يتمثل في الصحف الإلكترونية التي بدت ناقلة للمستجدات بصورة أسرع من نظرياتها. ويعلق بدر الغانمي، مدير تحرير الشؤون الرياضية في جريدة عكاظ السعودية بقوله «من المؤكد أن كل صحيفة تسعى للتميز الإعلامي خلال تغطيتها لهذا الكرنفال العالمي، ونحن لدينا موفد هناك سيكون تركيزه منصباً على الأخبار الخاصة بمنتخبنا في المقام الأول، وبالنسبة لبقية أخبار المنتخبات العالمية المشاركة، فإننا سنعتمد بشكل أساسي على أخبار الوكالات التي لها السبق في هذا المجال، ونرتبط معها بموجب اتفاقيات تعاون كالفرنسية والألمانية، ويأتي دورنا في عملية بث أخبار الوكالات بشكل منتظم، ووفق تصنيف يتوافق مع الصفحات الخاصة بالصحيفة». أما مدير تحرير القسم الرياضي في صحيفة المدينة السعودية عبد الله فلاته، فقد أوضح أن التغطية ستكون عبر موفدها في ألمانيا، والذي وصفه فلاته بأنه لن يتمكن من تغطية كل شيء حتماً، وأضاف أن صحيفته تعتزم إرسال موفد آخر لألمانيا للمشاركة في التغطية، وفيما يتعلق بالجانب الرسمي أوضح فلاته أن المنسق الإعلامي للمنتخب هو المصدر الرئيس لمعظم الأخبار المتعلقة بالمنتخب، بالإضافة لتصريح أحد المسؤولين المرافقين لبعثة المنتخب، والذي يعتبر مصدر رئيس أيضاً للأخبار الرسمية للمنتخب السعودي، وأضاف فلاته «بالتأكيد سنركز على أخبار الوكالات التي ستساعدنا كثيراً في تغطية أخبار المنتخبات الأخرى المشاركة في المونديال، وهناك تعاون مسبق مع هذه الوكالات، ونسعى لتطويره خلال الفترة المقبلة». وعن تهيئة القارئ السعودي، أوضح فلاته أنهم يسعون لأن يكون لهم دور فاعل في تهيئة القارئ، خاصة في الفوز أو الخسارة، إلا أن فلاته لم يغفل مدى الثقافة التي وصل لها القارئ الرياضي في السعودية، بسبب متابعة لمجريات المباريات العالمية كالبطولات الإقليمية العالمية كالبطولة الأوربية والأفريقية وغيرها، أو حتى دوري الأندية العالمية كالدوري الإسباني والإيطالي والإنجليزي، وذلك أكسب المتابع السعودي بعداً ثقافياً فيما يتعلق بالجانب الرياضي، وأضاف فلاته «التهيئة الآن لم تعد مقتصرة على القراء فقط، بل نحن في الصحافة الرياضية نسعى لإعطاء شيء من الزخم الإعلامي والمعنوي لأفراد منتخبنا المشارك في كأس العالم، مع المحافظة على الانتقاد الذي لا يتعدى قدر التصحيح الممكن من خلال ذلك الانتقاد».وهو الأمر نفسه الذي أكده الغانمي بقوله «أنا لا أبالغ إذا ما أخبرتك بأن القارئ السعودي ثقافته الرياضة تصل لمرحلة تفوق ثقافة عدد من الإعلاميين المتخصصين في الشؤون الرياضية، وهذا ليس إنقاصاً في شأن احد من الزملاء، ولكنه يوضح مدى الثقافة التي وصل لها القارئ السعودي، من خلال متابعته المستمرة للكرة العالمية تحديداً، إضافة إلى اهتماماته بالكرة المحلية والإقليمية، وذلك جراء متابعته المستمرة للصحف الرياضية وما تنشره من نقد وإشادة وخلافه، كل ذلك ولد حساً إعلامياً وثقافياً في نفس الوقت تجاه هذه الرياضة». الغانمي عاد بقوله «كانت الرياضة العالمية تحتل صفحة واحدة من الصحيفة، فيما تستحوذ الرياضة المحلية على بقية الصفحات، إلا أننا قمنا برفعها مؤخراً إلى صفحتين لتغطية مسيرة المنتخب الرياضية والفرق المشاركة خلال كأس العالم، وسنقوم بزيادة عدد الصفحات المخصصة للرياضة العالمية إلى 6 أو 7 صفحات، وسيتم تقليص أخبار الرياضة المحلية، وبمعنى آخر ستأخذ التغطية لكأس العالم ما نسبته 80 في المائة من الملحق الرياضي للصحيفة، بينما المحلي 20 في المائة». وعن المشكلة التي قد تواجهها الصحف بسبب فارق التوقيت يقول الغانمي «في الحقيقة هذه مشكلة تعاني منها معظم الصحف، بسبب تأخر بعض المباريات عن موعد الطبع، إلا أن الطبعة الثانية للصحيفة ستكون متابعة للحدث بشكل يومي، نظراً لتأخر وقت إغلاق الطبعة، ولكن سنحاول التغلب على هذه المشكلة؛ إما بواسطة التعليقات على مجريات المباريات السابقة أو تغطية المباريات التي في نفس اليوم وخلافه، أي ان الصحيفة ستكون حاضرة ولكن بشكل مختلف من منطقة لأخرى بسبب فارق التوقيت». ويعتبر عبد الله فلاته حجم المنافسة بين الملاحق الرياضية في الصحف السعودية شرساً، بسبب رغبة كل الصحف بأن تعكس خلاصة الرياضة السعودية، وإثبات تفوقها الإعلامي على الصعيد المحلي والذي يعكس صورتها لفترات تتعدى كأس العالم، خاصة وأن جميع الصحف تسعى للتميز، ولذلك فإنه خلال هذا المونديال سيسعى القائمون على هذه الصحف من البحث عن كل ما هو متميز والبعد عن التغطية التقليدية. وفيما يتوقع الكثيرون ازدياد مبيعات المطبوعات الرياضية خلال المونديال، وهو الأمر البديهي، يعتبر وليد قطان مدير مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، أن الارتفاع المتوقع لمبيعات وتوزيع الصحف سيكون مرتفعاً، ولكنه لا يصل إلى الحجم الذي وصلت إليه خلال مونديالات سابقة، قطان أرجع السبب وراء ذلك إلى انتشار القنوات التي تعني بالتغطية الإعلامية للمباريات، وهو ما يقلل نسبة المشاهدة. وفيما يتعلق بالجانب المهني المتعلق بهذه المناسبة، فإن فلاته لم يخف سعي جميع الصحف السعودية المشاركة في المونديال للاستفادة من الخبرة الإعلامية من خلال هذا المناسبة، وذلك بواسطة الاحتكاك المباشر لموفدي الصحف هناك بعدد من المحررين العالميين والمتميزين في هذا الجانب، والذين وصلوا إلى مراحل متقدمة من الحرفية والمهنية الإعلامية. ومع كل هذا الحماس الشعبي، بدأت القنوات المحلية والفضائية حملاتها الترويجية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المشاهدين بعرض برامج تحكي تاريخ البطولة، وأبرز المستجدات، والتحليل للمجموعات والمنتخبات ال32 المشاركة في الكرنفال الرياضي العالمي الذي يتجدد كل أربعة أعوام. وكذلك استقطاب عدد من نجوم الكرة البارزين على المستوى المحلي والعالمي، للتعليق على مجريات المباريات، وذلك قبل وبعد المباراة، رغم أن قضية البث المباشر للمباريات قد حسمت لصالح مجموعة راديو وتلفزيون العرب «art»، باستثناء بعض الاتفاقات الثنائية بين القناة الحاصلة على حق البث، والقنوات الحكومية والخاصة الأخرى للمشاركة في عملية البث. وبالنسبة للمحطات الإذاعية، والتي تقوم في الوقت الراهن بنشر تقارير مفصلة، وأحياناً مباشرة عن مجريات الأحداث داخل الملاعب الألمانية التي تستضيف المونديال، كخطوة منها لتلبية طموح الجمهور الذي يؤمل كثيراً على الإعلام لنقل الأحداث إليه، والبقاء على تواصل دائم بأخبار المونديال بسبب غيابهم عنه. وانتقلت هذه الحمى التنافسية إلى دهاليز المقاهي والمطاعم التي توفر المشاهدة للجمهور من خلال أجهزة التلفاز الموجودة داخل تلك المقاهي، يقول سيف الدين شعيب مدير العلاقات في مطعم لوست سيتي «بالرغم من أن مطعمنا عائلي، إلا أننا اضطررنا لتجهيز أحد الغرف المستقلة في المطعم تتميز بسعتها، لاستقبال المجموعات الراغبة في مشاهدة المباريات، سواء من العائلات أو مجموعات الشركات، وبالفعل قمنا بشراء شاشة بلازما كبيرة الحجم إضافة إلى الاشتراك في قناة ال«a r t» (الحاصلة على امتياز عرض المباريات) لتوفير الجو الملائم للمشاهدة». هذا فيما أبدى البعض تخوفه من ارتفاع أسعار الجلسات في المقاهي والتي تعتبر هذه الفرصة ملائمة لكسب أكبر قدر من المال، من الجمهور المتعطش لمتابعة المباريات. من جهته، يقول جابر علي، وهو احد المشرفين على أحد المقاهي المنتشرة في مدينة جدة، حيث أن تحديد أسعار الجلسات ليس استغلالاً لأحد وإنما لتنظيم عملية المتابعة، وأضاف جابر «ليس من المعقول أن يفتح المقهى أبوابه لكل من أراد المتابعة، بسبب عدم إمكانية تصور مثل هذا الأمر، ولك أن تتخيل حجم الإقبال على المشاهدة لو كان الأمر كذلك، بالإضافة إلى أن لنا زبائننا الذين نهتم بتوفير الراحة لهم». وعن التجهيزات التي انجزها المقهى لاستقبال زبائنه يقول جابر «قمنا باستحضار شاشة عرض كبيرة قمنا بوضعها في مكان بارز من المقهى، حتى يتمكن أكبر قدر ممكن من المتابعة، بالإضافة إلى أجهزة التلفاز التي تحتويها كل جلسة في المقهى، وجددنا اشتراكنا مع القناة المسؤولة عن البث، حيث نرتبط معهم باشتراك مسبق». ش-أ