حتى أشهر خلت كان بعض ساسة العالم العربي غير مصدقين ما يتردد حول الديمقراطية والحريات في اليمن، وتتمالكهم الدهشة كيف للبعض أن يصدق حدوث ذلك في بلد فرغ لتوه من لملمة جراحات التشطير، وصراعاته الدامية، وما انفكت الأمية والفقر تلتهم شريحة عريضة من أبنائه فيما غيره سبقه للثراء والعمران ولم ينبس ببنت شفة حول الديمقراطية ! سمية علي رجاء- سيدة عاشت كل تلك المعاناة والظروف اليمنية الصعبة، لكنها لم تجد ما يمنع أن تتخذ الشعوب الفقيرة من الديمقراطية مشروعاً لبناء أوطانها وتجاوز تحدياتها.. فكانت أن رفعت صوتها معلنة ترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية ضمن الانتخابات القادمة، لتجعل منه صوت اليمنية الحرة الذي يسكت كل قول حول إرادة شعب اليمن، ولتفتح الباب لأخريات من بنات جنسها اللواتي ما لبثن أن أعلن ترشيح أنفسهن. (نبأ نيوز) التقت السيدة سمية على هامش مشاركتها في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، فأجرت معها لقاءً قصيراً فيما يلي نصه: * ما الذي دفع السيدة سمية لترشيح نفسها للرئاسة، وهل تتوقعين مواجهة صعوبات؟ -- عندما الإنسان –امرأة أو رجل- يرشح نفسه لهذا المنصب الذي هو أعلى منصب في الجمهورية اليمنية عليه أن يتوقع كل الصعوبات التي يمكن أن تقف أمامه فذلك هو ما يحدث في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن كل صغيرة أو كبيرة في حياة المرشح سيتم رصدها وتعقبها. أما رأيي لماذا رشحت نفسي لهذا المنصب، فالأمر ليس فقط لكسر حاجز، وإنما هذا الزمن هو زمن النساء لأن الرجال ربما يعانوا من تضرر، لكن الحمد لله أننا في اليمن لم نبدأ بعد أن نضر النساء أو نقتلهن.. المنطق الذي أتطلع إليه هو أنه يجب أن يكون تغيير بالعدالة، لأنه بدون عدالة نزيهة- هذا الكلام الذي يقوله الرئيس والحكومة- لا يمكن أن نقيم دولة متحضرة، لأنه عندما يكون هناك ظلم يحصل فقر، ويحصل تشريد كنتيجة له؛ وأنا اليوم أطالب أن نهتم بقضية العدالة ونتحدث عن الأشياء التي تحصل في البلد بالفعل، ونعيد تزكية كل الموجودين و"تشوف" نزاهة القضاة الخ .. لأنه بدون عدل لا تقوم الدولة. * عادة ما تتخلل الانتخابات طبخات خلف الكواليس بين الأحزاب، ألا يقلقك هذا؟ -- أنا لا اسميها "طبخات" دائما.. ثم عندما يدخل أي شخص هذا الصراع ينبغي أن يكون ملم بما يجري خلالها‘ ورغم أنني عندي مستشارين لكن ليس في حملتي من يكتب عني أو يتحدث باسمي، فأنا أول مرشحة.. أول امرأة يمنية تكسر الحاجز وتدخل التاريخ.. والمصداقية جاءت من أخواتي ذكرى أحمد، ورشيدة القيلي أكدوا لي أن المرأة اليمنية مستعدة كل الاستعداد. الشيء الثاني هو أن "الطبخات" تحصل في كل أرجاء العالم، حيث تكون هناك تنسيقات وراء الكواليس، و هذا نوع من الحوار.. لكن الذي أراه في اليمن هو أن كل واحد يطلع إشاعة ويمشي بها.. هذا غلط ، فانتم كصحافة أناشدكم من كل قلبي أن تتمسكوا بالديمقراطية، وتتمسكوا بنقل الحقيقة الصادقة للقارئ؛ فنحن مجتمع تقدر نسبة الأمية فيه 70% ، وأكثر شيء نريد أن نمحيه من المجتمع هو الأمية.. فبعد (44) سنة من الثورة عندنا أمية، هذا شيء لا يصدق! وهذه المسألة تقع ضمن اهتماماتي الأولى.. العدالة، التعليم، الصحة.. نريد مستشفى جيدة تفتح أبوابها للجميع، ولا نريد أي احد أن يضطر لتحمل مشقة الذهاب الى مصر أو غيرها من أجل دخول مستشفى.. المفروض يكون عندنا مستشفى، وأن تؤمن لكل طفل خلال أول ست سنوات من عمره رعاية صحية متكاملة.. نحن إذا لم نؤسس للتعليم والصحة كيف نسمي أنفسنا دولة!؟ والذي فوق كل هذا هو العدالة.. أنت داري أن العدالة اليمنية طول السنين مفصولة عن السلطة إلا السنوات الأخيرة. * معلوم أن الانتخابات تتطلب إمكانيات مادية، والتمويل فيها يؤثر على النتائج، فكيف تتدبرين الأمر؟ -- الحمد لله الحالة المادية لا بأس.. وعندي دعم من الأهل والأقارب، والأهم عندي طاقم متبرع بوقته كله. وأعتقد أن الرجال محتاجين أكثر الى أموال، فنحن مجتمع ذكوري وعندما تطلع امرأة الكثير زعلوا لأن تغطيتنا تكون أكبر لأنه نحن نساء ، وهذا سلاح ذو حدين، ويساعدني أكثر.. وهنا أشيد بالمستشارين الذين حولي: جميلة علي رجاء، وعبد الغني الإرياني فسياستهم جيدة جدا، وسبق أن عملنا على التركيز على الصحف الغربية من أجل تنظيف صورة اليمن في الخارج كي نمحو صورة الإرهاب .. أنا تعبت عندما كنت في الخارج أن أجد صورة اليمن كلها تنقل بشكل سيء، وهو ما يدفعنا لمحاولة تنظيف ننظف هذه الصورة. * هل تشعرين أن هناك حملة مضادة تستهدفك – سواء من قبل الحزب الحاكم أو أحد أحزاب المعارضة!؟ -- هناك نوع من الخوف، لأن هذه الانتخابات لها طابع ثاني.. فيها جدية لأنه عندما تدخل النساء المنافسة يحرجن الرجال – خاصة أنهن لم يشاركن مشاركة فعلية قوية من قبل.. نحن نناشد بالديمقراطية (13) سنة، ونقول كل ما هو موجود الآن مجرد شعارات وكلام فارغ.. وبعدين تطلع واحدة مثلي تصدق أنه فيه صدق ديمقراطية، وتقوم بترشيح نفسها، و"تخبص" العالم .. المسألة لابد أن تسبب إحراج للبعض! * هل ستطلبي ذات يوم من الأخ رئيس الجمهورية أن يقف بجانبك، أم لديك موقف معين منه؟ -- الرئيس علي عبد الله صالح كلنا نعرفه، وكلنا نشيد أنه جعل اليمن في نوع من الاستقرار لأول مرة، الوحدة حققها.. الرئيس كلنا نعرفه، وكلنا قابلناه، والرجل بنفسه يشهد أنني رفعت صورة اليمن في الداخل والخارج بترشيحي، ورفعت معنوية الشعب، وأن هذا له.. أنا متأكدة انه سيدعمني، ويزكيني، ويقف معي.. بس كل واحد على قدرته.. حتى الآن لا قد دعمني ولا وقف معي.. هو يريد كل إنسان يدخل بقوته ومقدرته، والزمن سيرينا من الذي سينفع البلد أكثر. * تتوقعين انه ممكن يقف معك؟ أتمنى.. أتمنى يشجعني أكثر.. أتمنى ذلك طبعاً، فنحن في خدمة الشعب، وأهم شي في الديمقراطية هي أن تصب في خدمة الشعب. * كيف تتمنين منه الوقوف بجانبك وأنتِ تنافسيه على الرئاسة؟ -- هذه هي ديمقراطيتنا .. وأنا حملتي الانتخابية ستركز على التوعية بما هي الديمقراطية.. الديمقراطية يعني أننا نمارس حريتنا، ونأكل ونشرب، ونؤمِّن لأبنائنا التعليم والصحة والعدل.. هذه أساس الديمقراطية وبدونها لن نحقق دولة.