أيامٌ جميلة وممتعة يقضيها أطفال اليمن في حديقة السبعين بصنعاء بين أحضان مهرجان صيف صنعاء السياحي 2006م، الذي يستمر لمُدَّة شهر كامل خلال الفترة (16 يوليو الجاري - 16 أغسطس القادم). فعاليات الأطفال أتاحت لهم فرصاً جميلةً لقضاء عطلتهم الصيفية، حيث يرسمون ابتساماتهم ويُلوِّنون أحلامهم ويُرفرفون في رحاب السعادة والانشراح والاستمتاع بمشاهدة الأفلام الشيِّقة والمغامرات وعروض مسرح الدُّمى والألعاب الشعبية، والمجال مفتوح لمشاركة جميع الأطفال من مختلف المحافظات في أيِّ وقتٍ، وهي فرصة ينبغي ألاَّ تفوت أولياء الأمور، الذين يهتمُّون باستفادة أبنائهم من العطلة الصيفية، حيث بدأ الاثنين الماضي الساعة السادسة والنصف مساءً في حديقة السبعين عرض فيلمين يمنيين، الأول عبارة عن فيلم كارتوني بعنوان «سلمى تذهب إلى المدرسة»، يتناول قضايا مختلفة، أهمُّها مشكلة الثأر وتعليم الفتاة وبعض العادات والتقاليد السيِّئة التي ما زالت منتشرةً في بعض المناطق اليمنية، وبالذات في المناطق النائية، والتي تسعى الدولة جاهدةً إلى القضاء عليها من خلال العلم والتوعية والمساجد وغيرها. الفيلم من تنفيذ اتحاد نساء اليمن بدعم من السفارة الأمريكية وبكادر يمني مُتخصِّص من مُمثِّلين وفنانين ومُصمِّمين، أمثال «فؤاد الكهالي» و«فتحية إبراهيم»، وتتواكب رسومات الفيلم مع التقنية الحديثة، حيث برز فيها الفنان «مازن شجاع الدين»، وفي الصوت «فؤاد الشرجبي» وغيرهم من الفنانين والمُصمِّمين الذين كان لهم دور كبير في إعداد هذا الفيلم، الذي تم مونتاجه في القاهرة. أمَّا الفيلم الثاني «يوم جديد في صنعاء القديمة»، الذي حاز على عدد من الجوائز، منها الجائزة الأولى في مهرجان القاهرة الدولية وجوائز فضَّية من هولندا والإمارات، فتمّ إنتاجه بدعم من وزارة الثقافة في بلادنا والحكومة البريطانية وعدد من الشركات الوطنية، وقد ناقش الفيلم عدداً من القضايا الاجتماعية الهامة، منها الفوارق الطبقية التي تتجلَّى في شخصيتي الفيلم «إيناس» الفقيرة و«نبيل» الغني، اللذين وقعت بينهما قصَّة حُبّ، لكن العادات والتقاليد السيِّئة أرادت إنهاء هذه المشاعر، بيد أن الحُبّ كان أقوى، كما يتضمَّن الفيلم فقرات سردية باللغة الإنجليزية على لسان المصوِّر الإيطالي، ليتجاوز بها الزمان، وكذا لتوضيح قضايا أخرى، مثل حوار الحضارات، الذي يتجسَّد في شخصيات الفيلم، فالهندي يُدرِّس اليمنيين، والإيطالي مُصوِّر أعجبته اليمن، كما يدعو الفيلم إلى الحفاظ على العادات والتقاليد السليمة التي ما زالت موجودةً في مجتمعنا، وكذا ضرورة مواكبة كل المُتغيِّرات الحديثة والتكنولوجية، وقد أبرز الفيلم التراث القديم الذي تحتويه مدينة صنعاء القديمة من خلال الديكور. الفيلم من إخراج «بدر الحرسي» - شاب يمني وُلد في بريطانيا - أمَّا فريق العمل فقد ضم مجموعةً من الكوادر اليمنية، بالإضافة إلى المصوِّر الإيطالي والمُمثِّلة اللبنانية التي قامت بدور «إيناس»، وتم المونتاج في بريطانيا. اثنا عشر فيلماً { الأستاذة «نجيبة حدَّاد»، عضو اللجنة التحضيرية لمهرجان صيف صنعاء 2006م، حدَّثتنا عن طريقة العرض، حيث أشارت إلى أن المؤسسة العامة قامت بتوفير الوسائل الحديثة من أجهزة عرض «بروجكتر» و«سواقت» (DVD) وشاشة عرض، كما استخدمت المؤسسة الكسار وسماعات كبيرة في الصوتيات. أمَّا عن حجم الإقبال من الجمهور، فقالت «حدَّاد» : «على الرغم من الأمطار الغزيرة التي هطلت على الحديقة خلال عرض الفيلم، وعلى الرغم من أنه اليوم الأول للعرض، إلاَّ أن إقبال الجمهور كان ممتازاً، حيث تجاوز عدد الحضور الألف مشاهد، وهذا يدل على وعي الأسرة اليمنية ونجاح التحضيرات نتيجةً لاهتمام الوزير الشاب (نبيل الفقيه)، وزير السياحة، الذي بذل جهداً كبيراً في سبيل نجاح المهرجان». الجدير بالذكر أن عدد الأفلام التي ستُعرض خلال مهرجان صيف صنعاء 2006م يبلغ (12) فيلماً، بمُعدَّل ثلاثة أفلام أسبوعياً. معرض الكتاب { وفي يوم الاثنين الماضي - أيضاً - تم افتتاح معرض كتاب الطفل، الذي تُباع فيه الكتب بأسعار رمزية جداً، ويمكن للطفل أن يستعير كتاباً لتصفُّحه في الحديقة وإعادته بعد قراءته، حيث أشار الأخ «عبدالعزيز العقاب»، مسؤول مكتبة الطفل في المهرجان، إلى أهمية مكتبة الطفل لاحتوائها على مجموعة قيِّمة من الكتب التي تهتم بثقافة الطفل ووسائله التعليمية والأدبية والترفيهية، مُوضِّحاً أن هناك جهات شاركت في تجهيز وإعداد المكتبة، على رأسها مشروع ريدان لتنمية ثقافة الطفل. وأثناء وجودنا في المُخيَّم لاحظنا إقبالاً كبيراً على شراء الكتب الخاصة بالطفل، خاصةً من الآباء والأُمَّهات. مرسم حُرّ { وكان من ضمن الفعاليات المرتبطة بالأطفال المبدعين في مهرجان صيف صنعاء 2006م، «المرسم الحُرّ للأطفال»، الذي افتتح الاثنين الماضي ويستمر طوال أيام المهرجان، حيث خُصِّص هذا المرسم للتعرُّف على إبداعات الطفل في مجال الرسومات ومحاولة استغلال العطلة الصيفية، كما يتم خلال المهرجان توزيع الجوائز التقديرية للمبرزين في مجال الرسم، حيث أكَّدت الأخت «جميلة شبالة»، مشرفة المرسم الحُرّ، أن المرسم يعتبر فرصةً جيدةً جداً، وفي جوٍّ جميل محاط بالخضرة يُتاح فيه للطفل أن يرسم دون وجود أيَّة عقبات أو إحباطات، لكن هناك تهيئةً للجوّ المناسب للطفل، مُوفِّرين له كافة متطلَّبات الرسم دون تحميله أو تحميل أسرته أيَّة تكاليف مادية. وعن حجم الإقبال على المرسم قالت «شبالة» : «كان حجم الإقبال كبيراً جداً، الأمر الذي يبعث على التفاؤل ويشعرنا بالبهجة والسرور، كما شمل الإقبال أطفالاً من مختلف المدارس ودُور الأيتام وأطفالاً من محافظات أخرى». الفنانة التشكيلية المعروفة الدكتورة «آمنة النصيري»، التي وجدناها تتجوَّل في المرسم الحُرّ، عبَّرت عن سعادتها بهذا المرسم، لأنه يعتبر شكلاً من أشكال الإبداع، مُؤكِّدةً على ضرورة الاهتمام بالكشف عن مواهب الأطفال وقدراتهم، ومُتمنِّيةً أن تتكرَّر مثل هذه الأنشطة في سبيل جذب الأطفال في العُطَل الصيفية من الشوارع إلى أماكن يُعبِّرون فيها عن قدراتهم. «الذئب يا امه» { الألعاب الشعبية إحدى فعاليات قطاع المرأة والطفل في المهرجان، وفيها يلعب الأطفال في الحديقة وبشكل يومي مختلف الألعاب الشعبية الموجودة في بلادنا، حيث أشار الأخ «محمد محمد الأشول»، مسؤول الألعاب الشعبية، إلى أن هناك مجموعةً من الألعاب التي ستُمارس خلال أيام المهرجان، منها ألعاب «المطاردة الجماعية والثنائية»، وكلها من التراث اليمني القديم، مثل لعبة «الذئب يا امه»، التي عبارة عن مطاردة بين قطار من الأطفال وفرد يُمثِّل الذئب، ويحاول اختطاف أحدهم، ولعبة «الوقل»، التي عبارة عن مستطيل يتم تقطيعه إلى خمسة مستطيلات، وتتم اللعبة بواسطة شخصين - فقط - وبِرجْل واحدة، كما أن هناك الكثير من الألعاب التي سيشهدها المهرجان. وعن الهدف من إقامة مثل هذه الألعاب الشعبية، قال «الأشول» : «الهدف من الألعاب هو التعريف بمخزوننا الثقافي وإبراز ما لدينا من تراث وإبداع، ونقله إلى الآخرين، وكذا ربط التراث بالطفل لنضمن الحفاظ عليه». مسرح الدُّمى { كما يتضمَّن المهرجان في إطار فعاليات المرأة والطفل، تقديم فن لا يزال مجهولاً لدى الجمهور، وهو عروض «مسرح الدُّمى»، التي تقام كل خميس وجمعة من كل أسبوع، من الساعة الرابعة عصراً وحتى السادسة مساءً طوال أيام المهرجان. وعن ماهية هذا الفن تقول الأستاذة «نجيبة حدَّاد» : «إنه فن راقٍ يحتاج إلى كادر مُتخصِّص، بدءاً من كتابة النصّ ثم السيناريو والتمثيل والمؤثرات الصوتية والديكور والإكسسوارات والإخراج، وهذا الفن عبارة عن دُمى تشبه «الأراجوز»، وتتحدَّث عن قضايا هامة يتم من خلالها مناقشة قضايا سياحية تهدف إلى خلق الوعي لدى الأسرة والطفل في هذا الجانب، ومن هذه النصوص «أين نذهب في الإجازة الصيفية»، وهو عملٌ عبارة عن محادثة بين مجموعة من الأطفال من الجنسين، يهدف إلى استغلال العطلة الصيفية في كل ما هو مفيد، وهناك نصّ «سحرور والفراشة»، ونصوص أخرى شيِّقة وممتعة، الغرض منها التوعية والتسلية». عن "الثورة"