قدرت مصادر وزارة التجارة والصناعة اليمنية إنفاق اليمنيين البالغ تعدادهم 20 مليون نسمة خلال شهر رمضان والعيد لهذا العام بنحو 150 مليار ريال يمني «750 مليون دولار» وذلك مقارنة مع إنفاق قدر بنحو 200 مليار ريال (مليار دولار تقريبا) العام الماضي بانخفاض قدرة 50 مليار ريال (250 مليون دولار). وعزت المصادر التراجع في إنفاق اليمنيين خلال رمضان لهذا العام الى عدة أسباب لعل أبرزها الارتفاع الملحوظ في أسعار السلع والمنتجات بنسب تراوحت ما بين 30 الى 40 بالمائة بسبب سياسة تحرير الاسعار في إطار برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي تطبقه اليمن بالتنسيق مع صندوق النقد والبنك الدوليين، بالإضافة لتزامن حلول شهر رمضان هذا العام مع بداية العام الدراسي وما يشكله من أعباء إضافية على الأسرة اليمنية بالنظر للتوجه الكثيف نحو إلحاق التلاميذ بالمدارس الخاصة والأهلية نتيجة تراجع مستوى مدارس التعليم العام وازدحامها. وبالرغم من تراجع الإنفاق بشكل عام خلال رمضان تبدو الأسواق مزدحمة وتروج وسائل الإعلام لعشرات المعارض التجارية التي تنظمها شركات ومؤسسات صناعية محلية وعربية لتوفير احتياجات رمضان والعيد، لكن المتسوقين مجمعين على ارتفاع الاسعار بشكل واضح في هذه المعارض مقارنة مع العام الماضي ويرون في الإعلان عن تخفيضات وسيلة لجذب اكبر عدد من المستهلكين. ومع زيادة أعباء الأسرة اليمنية وارتفاع مستوى المعيشة عموما، وما تبع ذلك من تنوع في المائدة الرمضانية، إلا ان الكثير من اليمنيين يعبرون عن عدم ارتياحهم لغزو السلع والمنتجات المصنعة لموائدهم ويؤكدون ان استهلاك أنماط جديدة من السلع والمنتجات في رمضان وغيره قد يكون ضارا على صحتهم وتسبب في شيوع أمراض مستعصية لم تعرف من قبل، فضلا عن الجهد المضاعف الذي يبذلونه لتأمين هذا السلع وهم يحنون لتلك الأيام عندما كانت فيها المائدة الرمضانية أكثر بساطة وتعتمد على ما تجود به أرضهم من خيرات طازجة وكانت متطلبات العيد أيضا محدودة وفى متناول الجميع. لكن الأهم بالنسبة للتجار هو ما يشكله رمضان والعيد من فرص لتعويض خسائرهم الناتجة عن حالة الركود المخيمة على الأسواق بقية شهور السنة فما يباع خلال رمضان والعيد يمثل 35 بالمائة من إجمالي حركة البيع والشراء على مدار العام كما يعد الرابح الأول من زيادة الطلب على السلع والمنتجات هو الصناعات المحلية التي تواجه منافسة شرسة من السلع والمنتجات المستوردة جراء ارتفاع حركة التبادل التجاري بين اليمن ودول الجوار خلال السنوات الماضية حيث تحظى المنتجات المحلية بإقبال كبير نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة مع المستوردة والتي تبقى بعيدة عن متناول شرائح عريضة من أصحاب الدخول المحدودة في مجتمع يعيش 70 بالمائة من سكانه تحت خط الفقر. لكن اقتصاديين يمنيين يحذرون من النمو العشوائي للطلب نتيجة شيوع قيم استهلاكية غير حقيقية لدى الأسرة اليمنية فوسائل الإعلام المرئية أسهمت في خلق أنماط استهلاكية جديدة لا تدخل ضمن أولويات الأسرة وعززت ثقافة استهلاكية زادت من الأعباء المعيشية في واقع اقتصادي يتراجع باستمرار. ويرى هؤلاء أيضا إن الارتفاع الملحوظ هذا العام في أسعار المنتجات يرجع أيضا لسعي التجار لتعويض الخسائر التي تكبدوها في دعم الحملات الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية والمحلية والتي قدر حجم الإنفاق عليها بنحو 20 مليار ريال يمني (100 مليون دولار).