بين قميص عثمان وقميص لبنان قواسم مشتركة لا تخفى على أحد، وأخشى ما أخشاه أن تصل هذه القواسم -لا سمح الله- إلى حدود الفتنة العمياء التي لا يستفيد منها إلا العدو المشترك.. وقد يتعجب الإنسان من التركيز الدولي على لبنان الصغير الوديع الذي كان ينبغي أن نجعل منه منتزه الأمة أو سويسرا العرب، ولكن ذلك العجب ليس في محله، فلبنان يقع في خط التماس مع العدو الذي يسعى لتحصين نفسه بتطويع وتركيع باقي خطوط التماس من حوله وما بقي إلا سورياولبنان.. لكنه فوجئ بأن لبنان لم يكن الحلقة الأضعف في المعادلة رغم تركيبته الطائفية والمذهبية النادرة.. فماذا حصل؟!! دفع العدو أثماناً باهظة في محاولاته لتركيع لبنان سواء قبل خروج عرفات أو بعد خروجه، وسواء قبل خروج سوريا أو بعد خروجها، وأثبتت الأيام أن خسائره المادية والبشرية في لبنان بلغت أضعاف أضعاف خسائره مع العرب -كل العرب- فلم يجد بّداً من اللجوء «للوصفة» البريطانية الشهيرة: «فرق تسد».. وكان الشهيد الحريري هو الضحية المثلى لتحريك «المجتمع الدولي» وتفكيك «المجتمع اللبناني» وإشعال فتيل «الفتنة». وانقسم اللبنانيون إلى فريقين: فريق يطالب بتدويل القضية للكشف عن الجناة والأخذ بالثأر، وفريق يعتبر «التدويل» وسيلة لتصفية المقاومة نيابة عن إسرائيل، وكالعادة دخل مجلس الأمن في الخط وأصدر قرار إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لصالح الفريق الأول الذي لم يتردد في الموافقة عليها قبل اكتمال شروطها الدستورية، فجاءت الاستقالات الجماعية من الحكومة والبرلمان، وبدأت الاستعدادات لتحريك الشارع بالمظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني.. فهل نجحت المؤامرة؟!! لا أحد يملك الرد القاطع على هذا السؤال.. لا سيما وهناك عدد من «السيناريوهات» المحتملة، وأهمها أن يبادر عقلاء «الفيتو» في مجلس الأمن لتأجيل البدء في تنفيذ قرار المحكمة، أو أن يستشعر الفرقاء في لبنان مسؤوليتهم الوطنية ويعودوا إلى «الطاولة» قبل فوات الأوان، أو أن تنجح المرجعيات اللبنانية في تطويق الأزمة، وإيقاف الاغتيالات، وتقديم الحلول الوسط تحت شعار «لا غالب ولا مغلوب». وفي تقديري أن التقارب السوري العراقي الأخير، والزيارة المفاجئة التي قام بها وليد المعلم إلى بغداد سوف تسهم في إذابة الجليد الجاثم على العلاقات الأمريكية السورية، وتعزز الأمل في انفراج الأزمة اللبنانية لصالح الأمن والاستقرار في المنطقة، والتئام النسيج اللبناني من جديد تحت راية الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.. فهل نتفاءل؟!! ضريبة الحرية لأن الحرية غالية جداً.. فمن الطبيعي أن تكون ضريبتها باهظة جداً.. ومن يريد أن ينعم بالحرية عليه أن يدفع تلك الضريبة بطيب خاطر دون أي تذمر، وضريبة الحرية تفرض نفسها على الجميع بلا انتقائية ولا تمييز.. فحرية التجارة -مثلاً- يدفع ضريبتها المواطن الغلبان الذي يبحث عن التسعيرة فلا يجدها، وإذا سأل يقال له: التجارة حرة.. وحرية الصحافة يدفع ضريبتها الكبار، وكلما زادت الحرية زادت الضريبة، وقد تصل إلى حد أن من يصاب بتخمة الحرية يستطيع السفر على حساب الدولة لطلب اللجوء في الخارج.. عجبي!! مجرد سؤال اللجنة العليا التي ترعى مراكز الصحة النفسية في بلادنا لم نعد نسمع عنها، وربما لم تنجز مشروعاً واحداً منذ إنشائها، والزحام على المركز الوحيد في صنعاء يتصاعد، ومن يتعافى لا يجد من يرعاه ويتيح له فرصة الاندماج في المجتمع من جديد!! فما رأي اللجنة؟!! مجرد سؤال! متى نفهم؟ الشاعر الكبير الأستاذ حسن عبدالله الشرفي لم يحظ حتى الآن بما يستحقه من التكريم.. وما يستحقه أكثر بكثير من الميدالية والقفطان.. فقد أغنى المكتبة اليمنية بالعديد من الثمار الأدبية والشعرية الخالدة.. وما زال يعطي بسخاء دون أن ينتظر منا جزاء ولا شكورا.. فمتى نفهم؟!!