إذا أردت أن تعيش في المجتمع اليمني وتنسجم مع أحداث الساعة عليك بتحديد موقف وأن تُحسب على جهة معينة وأن يكون توجهك العام محسوم، فلا وجود لك في اليمن إن كنت من عشاق اللون الرمادي فهناك لون واحد هو الأبيض ولون آخر مضاد له. إن المجتمعات المتقدمة استطاعت أن تميز بين الاختلاف فيما بينها البين في القضايا العامة والقضايا الخاصة.. فأحداث صعدة هي من القضايا العامة وهي قابلة للنقاش وحسم القضية مهمة من مهام المؤسسات الدستورية الشرعية والحكومية وهناك من يعتقد أن حل الأزمة يتوجب إيجاد حل لما قبل الأحداث، فهناك من يعتقد أن حرب 94 هي السبب رغم خروج الحزب الاشتراكي من السلطة وإعلان إعدام حالة التوازن السياسي في حينها.. ولكن بهذه الحرب تم المحافظة على الوحدة بالدم فلقد شاهدنا الصواريخ تقصف على صنعاء وسمعنا عن "الفيد" في عدن..! وهناك من يعتقد أن دخول الدبابة إلى صعدة كان قبل دخول المدرسة والمعهد وصولاً إلى الخدمات الأساسية هو السبب الرئيسي في حالة التمرد، أما خريجي المذاهب الدينية وهم لب الموضوع في هذا الصراع مختلفون فيما بينهم فهناك المتطرفون مذهبياً في المذهب الشافعي والمذهب الزيدي، وهناك جناح عسكري متواجد بين الطرفين.. وللعلم أنه لا يوجد نصر في الصراع المذهبي، وتجربة أوروبا في الصراع المذهبي ما زالت في الأذهان.. وهناك اعتقاد أن صعدة هي "الثورة"، وهذه الأحداث هي مؤشرات "الثورة" وأن ثوره 26 سبتمبر توقفت في صعدة واصطدمت بجبالها، وهم بذلك متجاهلين أن زمان الثورات والقوميات لم يعد ذات جدوى، فنظرية الفراغ الأيدلوجي هي الأبقى في عصر العولمة وبسبب هذا الفراغ نعيش الآن في عصر تحكم فيه الأديان، وتتصارع فيه المذاهب في جميع أنحاء العالم. ومن سوء الحظ أن متطرفي مذاهبنا الإسلامية يحملون السلاح ولهم مبرراتهم التاريخية، فحماية المذهب ليس بقوة مُخرجاته الفقهية والسياسية ولكن بما يملكه من ذخيرة ومعدات عسكرية- وهي حالة إسلامية بحتة ولقد تخلصت منها أوروبا "المسيحية" بعد صراع كبير بين المذاهب المسيحية! وهناك اعتقاد، وأصحاب رأي لهم بُعد أخر وهو إقحام جامعة الدول العربية في التدخل وحل القضية بين الأطراف وبطرق سلمية وكان من الأجدر أن تكون توصياتهم بإشراك جميع الأحزاب السياسية اليمنية، فهم الأجدر في التدخل وحل قضيه صعدة.
في المجتمعات المتقدمة وفي حالة حدوث أي تمرد أو فوضى لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها أو تكون إحدى قضايا الرأي العام وتأثيرها واضح على حياه الناس، وفي هذه الحالة يتم إحالة الموضوع إلى السلطة التشريعية فهي السلطة الأولى في حسم وتوجيه السلطة التنفيذية بما يتم تنفيذه عن طريق تكوين اللجان المختصة ودراسة الحالة ومناقشتها بصورة قانونية والتصويت عليها وتوجيه الحكومة بما تم إقراره.
لهذا وبسبب تركيبة المجتمع اليمني تم التركيز على توصيه العلماء في قضيه صعدة أكثر من التركيز على قرارات مجلس النواب. إن القرار الأخير في إعلان الحرب والقضاء على أي حالة تمرد في جميع الدول المتقدمة أو غير المتقدمة هي من اختصاص رئيس الدولة.. ولا يوجد رئيس لا يحب الأمن والطمأنينة في مجتمعه. وبقدر رضوخ السلطة التنفيذية لقرارات الأغلبية البرلمانية ولكنها تُقدِر وتحترم الأقلية مهما كانت توجهاتها دينية أو سياسية. فحل قضيه صعدة مربوط بنزع السلاح أولاً واحترام معتقدات الأقليات في ممارسه شعائرهم الدينية بما لا يتعدى إلغاء الآخرين.. فمن هو المستفيد من هذه الأحداث والقتل غير متطرفي المذاهب!! فلماذا لم يحمل الشيعة في المملكة العربية السعودية السلاح في منطقه الشرقية ومحاربة الحكومة هناك؟ ولماذا لم يحمل مذهب أهل السنة السلاح ضد الجمهورية الإيرانية؟ ولماذا لم يحمل السلاح جماعه "أمِش" الدينية الموجودة في ولايات معينة ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية!؟ إن الجمهورية اليمنية تواجه اليوم تحدي هو أقوى من متمردي صعدة ومعارضي الضالع وتمرد مجموعة في أبين واعتصام الصحفيين في صنعاء.. تحدي التنمية، واحترام القانون وتفعيل أجهزه القضاء، ومحاربه الفقر.. وليكون في الحسبان أن المؤسسات الدولية والإقليمية تتعامل مع أنظمة ومؤسسات ترسخت عن طريق الشرعية الدستورية، وأن من حق وسائل الإعلام والمعارضة كشف الخروقات القانونية، وجعل المحاكم القضائية هي الفاصل الأخير!! ولاية متشجن الأمريكية [email protected]