عندما ترى لوحة جميلة بجانب أخرى قبيحة وتشم رائحة زكية لبستان من الورد بجانب رائحة سيئة لكيس قمامة وعندما تتعرف على مجموعة من القيم والاعتقادات والنظم المفيدة والسليمة بجانب أخرى فاسدة متعصبة وغير نافعة.. من السهل عليك في كل الحالات السابقة معرفة الجيد من السيئ وبكل سهولة، لكن ماذا لو جاء احدهم ليقول لك أن الصورة القبيحة هي جزء من اللوحة الجميلة وان كيس القمامة ما هو إلا احد عناصر البستان الجميل وان مجموعة القيم والعادات والسلوكيات السيئة هي الإطار العام لتلك المجموعة من القيم المفيدة والنافعة. المشكلة في الخلط ، أي أن يخلط احدهم السم بالعسل..قد تسأل لم قد يخلط احدهم السم بالعسل..أقول لك أن المشكلة في أن السم هو نتاجهم الطبيعي والذي يعتقدون في إخلاص انه العسل كل العسل. تنزل الأديان بشكل عام لتغير المجتمعات "بالتأكيد للأفضل" ولتنهي السلوكيات والأفكار الخاطئة منه وهذا ما فعله الإسلام في المجتمع العربي وفي غيره من المجتمعات اثر في الناس وغير حياتهم بل وحتى عاداتهم وتقاليدهم أبقى على الجيد منها وأنهى الباقي ليطور مجموعة أخرى من العادات المفيدة والصحية. المشكلة إن المجتمعات وبطبيعة الحال تجد صعوبة في التخلي عن عاداتها وتقاليدها وتتمسك بها ويحاول بعضهم أن يحدث انسجام بين نمط الفكر الإسلامي وتعاليمه وبين عادات وتقاليد مجتمعه المتوارثة وتكون النتيجة لمن ينجح في ذلك من المجتمعات رائعة حيث يستبعد ما يخالف الفكر الإسلامي من العادات والتقاليد فلا يبقى إلا الصالح منها لتكون مع الفكر الإسلامي منظومة سليمة ورائعة. المشكلة تكمن مرة أخرى في من يصمم على إدماج عاداته و أفكاره المجتمعية"بحلوها ومرها" في الفكر الإسلامي أي انه "يتيس" ولا يقتنع بفساد بعض سلوكياته و ينظر ويفلسف الأمور حتى "يدحشها دحشا" ليقدم لمجتمعه فكر متناقض غير واضح وغير سليم يسبب الارتباك ..فمن البديهي أن الماء لا يختلط بالزيت و"السليط" ومن البديهي انك كمجتمع تعاني من مشكلة عندما يقترف احدهم خطاء ما وعوضا عن تطبيق حكم الله فيه يذبح ثور مسكين لا علاقة له بالموضوع ولاشك انك كمجتمع تعاني من خلل كبير عندما يقول لك الشرع الذي تؤمن به كل الإيمان أن يد السارق تقطع وعوضا عن ذلك يقال لك أن السارق ذهب إلى بيته لأنه " في وجه الشيخ". ازعم أن المشكلة كبيرة وعويصة ففي بعض الحالات يظهر ما هو من تقاليد المجتمع وما هو من الشرع مثل المثال السابق ولكن في حالات اخطر وهي ما يحاولون أن يقنعونا أنها أراء الشرع الإسلامي بينما هي مسألة عادات وتقاليد فمثلا في الإسلام يحق للرجل أن يرى المرأة التي سيقترن بها وان ينظر إليها جيدا كي يكون على بينه وكي لا تنتهي الأمور إلى الطلاق الذي يحدث كثيرا بسبب "المفاجآت الغير سعيدة" التي تحدث ولكن الحاصل أن الكثير مقتنعون أن الرجل لا يرى زوجته إلا ليلة العرس وفي بعض الأحيان صبيحة العرس. وبغض النظر عن صحة هذا السلوك من عدمه إلا أن المهم انه ليس من الإسلام في شيء بل انه من عادات وتقاليد المجتمع العربي..المشكلة كما أسلفت في الخلط والمشكلة انك لو طلبت حقك وهو شرع الله لأصبحت في نظر الكثيرين زنديق حقيقي والكثيرين يفضلون الصمت فان تكون مجرد غبي آخر أفضل بكثير واسلم من أن تكون زنديق!. علينا أن نفهم ما هو دين في اعتقاداتنا وسلوكياتنا وما هو عادات وتقاليد المجتمع الذي نعيش فيه ،علينا أن نفصل بين ديننا وعاداتنا فالدين هو الجانب السليم في حياتنا أما العادات ففيها السليم وفيها الخطاء ولي الحق أن أتمرد عليها وان ارفضها وهو ما لا يحق لي مع الدين، ومن هنا أوجدت التيارات المتعصبة في المجتمع والتي ترفض التغير حتى وان كان للأفضل والتي ترفع شعار القفل شعارا عقليا لها أوجدت تلك المعادلة التي لا حل لها إن أردتهم أن يلتزموا بعاداتك وأفكارك دونما إحداث التغير الذي تكرهه لتصبح مثل أفكار الدين لا تتغير. بسيطة، قل إنها من الدين"..عندما يكون للمجتمع بعض الأفكار الصارمة والرافضة حيال قضايا مثل منع تعليم الفتيات و منع المرأة من العمل والكثير من القضايا الحساسة الأخرى والتي لا يريد المجتمع أن يتقبل أي رأي مخالف حتى ولو كان رأي الإسلام يكون الحل ببساطة أن يرفع كتفيه شأن من لا علاقة له بالموضوع ويقول لك: هي ليست أفكاري بل هي تعاليم دينيه..تقدر تقول شي؟؟؟؟ الكثير من "السليط "الفكري وضع في إناء ماء الإسلام النقي خلال مئات السنين ولكن وكما أسلفنا لن يكون الفصل صعبا فلماء والزيت لا يختلطان وسنستطيع أن نميز ببساطة بين أوامر ديننا الحنيف وأوامر العادات والتقاليد المتعصبة..فقط لا تقولوا لنا إن الماء زيت والزيت ماء..فقط دعونا نشرب الماء كاملا دون أي شيء آخر. فبعد ألف وأربعمائة سنة من الإسلام من العيب أن نظل متمسكين بأفكار متزمتة لا علاقة لها بالإسلام ومن المؤسف أن مجتمعنا يسير على قواعد العدال والهجار ويتمسك بشرع القبيلة الذي"مع احترامي" يقودنا التمسك به إلى سؤال بسيط..إن أخذنا بشرع القبيلة في أي خزانة سنضع شرع محمد بن عبد الله ونغلق عليه؟!!!! وجه الإسلام الذي قد يراه الكثير وجها مكفهرا عابسا يمسك في يمينه سيفا وفي شماله بندقية ويصيح في تشنج بكلام غير مفهوم ..ابعدوا عنه ما أقحم فيه من فكر وسلوك ومنظومة قيم وعادات وتقاليد فتستجدوا انه وجه يشع نورا مبتسم ضاحك يمسك بيمينه يدك لتسير دنياك بشكل جيد ويمسك في شماله مفتاحك الخاص لدخول الجنة إن أنت تمسكت بيمينه في الدنيا .. يحدثك بصوت جميل مطمئن ومفهوم بوضوح .. وبرغم التعصب الفكري الموجود للأسف في كثير من المجتمعات إلا إن الإنسان السوي في آخر الأمر قادر على أن يميز وقادر على أن يعرف التعاليم والأفكار القادمة عبر عقول مظلمة وتلك القادمة عبر السماوات. [email protected]