الحوثي يحبس أنفاسه.. الرئيس العليمي يجتمع بقادة الجيش في مارب ويشيد بالجاهزية القتالية العالية    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    القبض على مقيمين يمنيين في جدة لقيامهم بهذا الأمر الصادم    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    في زيارة تفقدية لفرع المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي بعدن ... العباب والداؤودي يزوران فرع المطابع بالمنصورة ويشيدا بجهود العاملين    الوزير البكري يناقش مع الحامد هموم أندية ومشاريع البنى التحتية بأبين    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    شاهد ما الذي خرج من عمق الأرض في الحرم المدني عقب هطول الأمطار الغزيرة (فيديو)    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    ريمة سَّكاب اليمن !    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سوهارتو ".. سنّة السقوط
نشر في نشوان نيوز يوم 08 - 03 - 2011

كان وربما لا يزال الكثير من الشباب اليمني، بمن فيهم كاتب هذه السطور، يجهل الكثير عن تفاصيل ثورة الشباب الإندونيسي التي أطاحت بالديكتاتور سوهارتو في مايو 1998، بعد ثلاثة عقود من الاستبداد والحكم الفردي والأسري والاستغلال السيئ للسلطة، حتى جاءت الثورات العربية، بدءاً بتونس مروراً بمصر وليبيا وحالياً الحالة الراهنة في اليمن، لتسلط الضوء على أحد أهم نماذج الثورات في العصر الحديث، هو النموذج الإندونيسي باعتباره الأكثر شبهاً بهذه الثورات المتلاحقة في تونس ومصر وليبيا واليمن.

جاء الرئيس الإندونيسي المخلوع سوهارتو بانقلاب عسكري إلى الحكم عام 1965 بعد انقلابه الشهير على الرئيس الشيوعي الذي سبقه سوكارنو، وبرغم المذابح التي ارتكبها سوهارتو ضد أعضاء الحزب الشيوعي، بمساندة الغرب لخدمة الإمبريالية، إلا أن الرجل استطاع على مدى ثلاثة عقود إحراز تقدم اقتصادي كبير، خاصة في مجال التصنيع، وبدأت بلاده تقترب من محاكاة النمور الآسيوية اللامعة أمثال كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان.
لكنه، كحال الديكتاتوريات العربية المرتحلة أخيراً وهذه الآيلة للسقوط، اعتقد سوهارتو أن البلاد ملك له ولأفراد عائلته وبطانته الفاسدة وعدد من قادة جيشه، وظنّ هو وأولاده بأن تلك المروج الخضراء والجنان الباسقة ملكية خاصة بهم، يحصدون ريعها لصالحهم، متجاهلين حقوق الملايين المسحوقة من أبناء شعبهم، ومتجاهلين تطلعات الشعب في الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والعيش بكرامة.
ووفقاً لتقارير صحافية، كان لدى عائلة سوهارتو فقط أسهما في أكثر من 1200 شركة، وسيطرت عائلته على عدد كبير من الصناعات والمجالات الهامة مثل السيارات، الكيماويات، الاتصالات، الفنادق، وسائل الإعلام، صناعة السفن والطائرات، البترول، المقاولات، المحطات الكهربية، محطات المياه،... وغيرها.
لقد بدأت الثورة الإندونيسية باحتقان شعبي واسع جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي شهدتها أواخر عهد سوهارتو، بسبب انتشار الفساد، وتردي أجور العمالة، وما تبعها من تدهور شديد في المعيشة، سيما في أوساط العمال والفلاحين، واتساع رقعة البطالة وارتفاع الأسعار، مقابل الثراء الفاحش للرئيس الإندونيسي سوهارتو وأفراد عائلته، ولعل هذه هي ذات الظروف والأسباب التي خرجت لأجلها الجماهير العربية اليوم في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن.
ولكن برغم أوجه الشبه هذه بين أنظمة الحكم العربية ونظام سوهارتو، فقد اتسمت الثورات العربية منذ انطلاقتها بطابعها السلمي رغم حدة القمع، بخلاف الثورة الإندونيسية التي اتخذت في بداياتها الأولى طابعاً عنصرياً ضد الأقلية الصينية التي عمد نظام سوهارتو إلى التحريض ضدها، كما تشير بعض المصادر، قبل أن تتحول إلى ثورة طلابية شبابية اجتاحت مدن البلاد وانضم إليها الملايين في أنحاء البلاد، إثر مقتل ستة من طلاب جامعة تري ‌ساكتي في العاصمة جاكرتا برصاص الشرطة في 12 مايو 1998، كانوا يشاركون في تظاهرة طلابية ضد نظام الرئيس سوهارتو.
لقد أدى مقتل الطلاب الستة إلى تضامن طلابي واسع في العديد من مدن البلاد، وخرج الآلاف من الطلبة إلى الشوارع في تظاهرات عارمة تطالب بسقوط سوهارتو، قبل أن يستقر بها المقام في قلب العاصمة جاكرتا، حيث انضمت إليهم أعداد هائلة من العمال والعاملات والفقراء المنتشرين في المدينة، كما ترك الموظفون مكاتبهم لينضموا للمظاهرات.
زادت أعداد المتظاهرين في اليوم التالي ولمدة ثلاثة أيام على التوالي، حتى اشتعلت جاكرتا بغضب الجماهير وامتدت المظاهرات لتشمل أعدادًا أخرى غفيرة. وكان انضمام الفقراء والمهمشين للمظاهرات من العوامل التي أثرت كثيرًا في سير الأحداث، فاندفع الفقراء إلى المحلات الفخمة يحرقونها وينهبون ما فيها من طعام وملبس وأجهزة ثمينة ظلوا محرومين منها لسنوات طويلة.
لم تقف قوات الشرطة مكتوفة اليدين تجاه أعمال العنف والفوضى والنهب وأطلقت الرصاص على المتظاهرين وقتلت المئات، وهو ما أشعل غضب الجماهير أكثر فأكثر، وأرسلت السلطات وحدات من الجيش للسيطرة على الموقف، غير أنه كالعادة ما لبث أن أعلن الكثير من أفراد الجيش والأمن انضمامهم إلى صفوف المتظاهرين.
حطم الفقراء والمحرومون رموز الرفاهية والبذخ في عاصمة أكبر دولة إسلامية في العالم، ودخلوا البنوك التي يمتلكها الرئيس سوهارتو وأفراد عائلته وصادروا محتوياتها وحطموا نوافذها وأبوابها، كما اندفعوا إلى محلات السيارات التي يمتلكها نجل سوهارتو وحطموا ما فيها، وأضرموا النار في مبنى وزارة الشئون الاجتماعية التي كانت ترأسها ابنة سوهارتو.
لقد كان غضب الفقراء موجها إلى الديكتاتور وعائلته التي نهبت موارد الشعب لأكثر من ثلاثين عامًا متصلة. كما رفعت الجماهير صوتها هاتفةً: "يسقط ملك الحرامية".
أصيبت العاصمة جاكرتا بالشلل التام، وأغلقت المدارس والشركات والمكاتب وبدأ التضامن الجماهيري يعلو بوتيرة سريعة، حتى امتدت الانتفاضة إلى أنحاء أخرى من الأرخبيل الإندونيسي، وأحرقت صور سوهارتو في الشوارع واختطف أحد أعضاء البرلمان، بل أحرق مبنى البرلمان الإندونيسي نفسه في وقت لاحق، وزادت حدة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العديد المدن، بينما فشلت هذه القوات في صد التظاهرات في مدن أخرى، لتصبح معظم جزر إندونيسيا البالغ تعدادها نحو 18 ألف جزيرة، خارج نطاق السيطرة.
لقد استمرت التظاهرات في اندونيسيا لمدة عشرة أيام، وأحاط أكثر من مليون اندونيسي مبنى البرلمان، ولكن الرئيس سوهارتو ظل متمسكاً بمنصبه، ولجأ إلى القيام بمحاولات استقطاب في صفوف المتظاهرين المطالبين برحيله، ونجح في ذلك إلى حد ما، كما دفع بأحد القيادات الإسلامية المعارضة إلى الظهور أمام المحتشدين لإقناعهم بالهدوء حتى يتم الاستجابة لمطالبهم، غير أن المطلب الوحيد الذي كان قائماً هو استقالة سوهارتو ولا شيء غيره، وبالفعل ففي اليوم التالي 21 مايو، ظهر سوهارتو على شاشة التليفزيون يعلن استقالته، بينما لم يكن قد مضى على آخر انتخابات رئاسية سوى شهرين.
حاول أقطاب النظام السابق خداع الشعب الإندونيسي وسرقة ثورته بعد أن ذهبت السلطة إلى نائب الرئيس بحر الدين يوسف حبيبي، وهو الصديق المخلص لسوهارتو، وصاحب أكبر شركة لصناعة الطائرات وأخرى لصناعة السفن، غير أن شباب الثورة الإندونيسية والعمال كانوا أكثر حذراً وبدا أن الخطوات الإصلاحية التي اتخذها حبيبي غير مجدية نفعاً، فاستمرت الاحتجاجات والاعتصامات حتى أعلن حبيبي تحت الضغط أن حكومته مجرد حكومة انتقالية وأن الانتخابات سوف تجري في يونيو 1999، أي بعد سنة من سقوط سوهارتو.
بعد تنحي سوهارتو، عن الحكم، مرت البلاد بأزمة اقتصادية وسياسية كبيرة لمدة عام، استكمل يوسف حبيبي خلالها الفترة الرئاسية المتبقية لسوهارتو، قبل أن يعقبه عبد الرحمن وحيد في عام 1999، حتى 2001 حيث توفي نتيجة مضاعفات جراء إصابته بداء السكري وجلطة دماغية، ليخلفه الرئيس الحالي سوسيلو بامبانج يوديويونو.
وفي كل الأحوال، تبدو أبرز أوجه الشبه بين سوهارتو والديكتاتوريات العربية التي تتهاوى واحدة تلو الأخرى، هو تحالفها الوثيق مع للولايات المتحدة الأمريكيَّة من جهة، والاتفاق في أسباب سقوطها من جهة ثانية.
وإذا كانت اندونيسيا اليوم تشهد نهضة حضارية لافتة، فإن سقوط الديكتاتوريات العربية اليوم يبشر بمستقبل واعد للأجيال القادمة، والأيام حبلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.