لم تكد جموع الثائرين المتظاهرين بحشودهم المليونية تصل تقاطع شارع الزبيري – الستين وهم يحملون الورود ويلقون التحية على جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري تعبيرا عن حبهم لهم وسليمة ثورتهم ومسيرتهم، حتى بادلهم الجنود تلك الورود بالقذائف والقنابل السامة وآلاف الطلقات النارية التي حصدت أرواح أكثر من 12 شهيداً وعشرات الجرحى وعشرات الإصابات بالاختناقات الغازية. مجزرة جديدة أضافتها قوات صالح في هذا اليوم إلى مجازرها السابقة. عندما تجاوز الشباب الثائر جولة عصر، كان القناصة ينتشرون في مآذن المساجد المحيطة ومبنى وزارة الخارجية وسطح مستشفى ابن سيناء وعدة مبانٍ مجاورة، صوبوا نيرانهم إلى الشباب من الخلف. خرج الشباب في هذه المسيرة حاملين معهم رسائل محبة لجنود الحرس الجمهوري والأمن، رددوا هتافات "خرجنا من أجلكم..خرجنا وأيدينا ممدودة لكم.. نقابل رصاصاتكم بالورود وقمعكم لنا بالتحية، ونقبل رؤوسكم". بعض الشباب يتساقطون جراء القنص، فيما يواصل مئات الالاف سيرهم مرددين شعارات الحرية وحلم اليمن الجديد، قاموا بمصافحة طوابير الجنود من الحرس الجمهوري والأمن المركزي عانقوهم، قبلوا رؤوسهم. بعض الجنود كان يرد التحية، آخرون لا يقبلون المصافحة، وعندما مر الشباب على مدخل شارع بغداد، كانت المتاريس أعلى من الرؤوس، ألقى بعض الشباب لأولئك العسكر بالورود، وصعد أحدهم بمظلته وظلل أحد جنود الحرس الجمهوري من حر الشمس إلا أن ذلك الجندي قام بإلقاء المظلة من رأسه بعنف وداسها تحت قدميه. كان الموقف مثير للدهشة، شباب الثورة يرقبون مستوى التعبئة ضدهم من قبل النظام العائلي لدى الحرس والامن. في هذا المشهد حضر القتلة المستأجرين " البلاطجة"، احتشدوا بالقرب من وزارة الخارجية، يؤكد شهود عيان أنهم قاموا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين من أماكن مختلفة. أجهزة المخابرات التابعة للاسرة تنشط بشدة في تجمعيهم من حارات مختلفة، تعدهم كعتاد مستأجر بأجور خيالية لقتل المتظاهرين. مواقف نسائية بطولية: وفي لحظات الارتباك، كان البعض من المتظاهرين يتراجعون ليحتموا من القنص بجدران جانبية، كانت هناك أربع الفتيات يتجمعن بالقرب من فتاة ويسحبنها بقوة إلى الخلف. للوهلة الاولى ظن البعض انهن يعتدين على تلك الفتاة " 16 عاما " أو يحاولن إسعافها.. إقترب منهن بعض المتظاهرين، وفي حين استدعوا سيارات الاسعاف بدأ لهم الامر مختلف. كانت شجاعة تلك الفتاة لا توصف . تهرع بقوة إلى قلب الحدث وتصرخ في وجوه الشباب بعدم التراجع، وتردد : أريد أن أستشهد". فيما تحاول اختها جرها إلى الخلف وتتصاعد صيحات الشباب بأن يعدن خوفن عليهم من حمم النيران، ومع ذلك تتقدم الصفوف وتأبى ان تعود.