قبل الخوض في الحديث لا بد من تعريف مصطلحي الفتوى والحكم؟ الفتوى :- عبارة عن مرسوم ديني في الدين الإسلامي يقوم بإصداره علماء في الشريعة الإسلامية يتحلون بصفات معينة. يعتبر إصدار الفتوى في الإسلام أمرا عظيما من ناحية المسؤولية ويعتبر البعض من يصدر الفتوى إنه شخص نصب نفسه للتوقيع عن الله في أمور جدلية مثل الأمر أو النهي أو إطلاق مسميات مثل الحلال والحرام ومستحب ومكروه وغيرها (ويكيبيديا الموسوعة الحرة).
سيادة الحُكم :- هي التمكن والسيطرة على زمام الأمور في الدولة والسلطة العليا المطلقة التي تفردت وحدها الحق في إنشاء الخطاب المتعلق بالحُكم على الأشياء و الأفعال. فطرة الإنسان البشرية وسيادته وشخصيته ترفض أن تنصاع أو تنقاد إلا لاثنين فقط و هم (عالم جليل، والحاكم). الذين يستطيعون تجنيد البشر وتسييرهم، لان المسلم دائما يلتزم بتعاليم الإسلام والإسلام يأمرنا بأتباع ولي الأمر الذي تولى أمر المسلمين واتباع العالم الجليل الذي له حق با إصدار الفتوى وفق كتاب الله وسنة رسوله. هاتان الركيزتان هما الأساس في تسيير الأمور في البلاد. من هذه المقدمة البسيطة نتطرق إلى كيف استطاع الرئيس الصالح الجمع بينهما بالإضافة إلى الجناح القبلي الذي يلعب دور مهم في امن و استقرار اليمن و بتالي تمكن من السيطرة و السيادة في الحكم و إقصاء الآخرين المعارضين له في الحكم. في أواخر السبعينات وطيلة الثمانينات، استند صالح على الإسلام السياسي في المواجهة مع الجنوب والجبهة الوطنية الديمقراطية، بالإضافة إلى الجناح القبلي الذي كان له دور كبير و فعال في حكم اليمن. اعتقد اليمنيون أن قيام الوحدة خاتمة مطاف حروبهم لكن الرئيس علي عبد الله صالح بدأ ومنذ اليوم الأول للوحدة يعد لإلغاء شراكة الجنوب والاستفراد بالسلطة. جاءت الحرب على خلفية اغتيال ما يزيد عن مائة وخمسين كادرا من كوادر الحزب الاشتراكي مدنيين وعسكريين؛ بعدها وسّع علي عبد الله صالح تحالفاته مع الجناح القبلي والإسلام السياسي بزعامة الشيخين: عبد الله بن حسين الأحمر وعبد المجيد الزنداني فكانت حرب 94. كلنا نعرف دور الإصلاحيين في حرب 94 وعلى رأسهم عبد المجيد الزنداني حتى تكاتفت جهود اليمنيين ضد الانفصاليين, لان الوازع الديني لعب دوا كبيرا وفعالا في تجميع الصفوف وبعث القوة والطاقات في أرواح الجنود المرابطين في ميادين القتال خاصة واليمنيين عامة. بعد الحرب وسيادة حكم الرئيس على اليمن وتفكير الرئيس في توريث نجله الأكبر أحمد، بدئت عملية الإقصاء والاغتيالات فأقصى كل القيادات الجنوبية الفاعلة واغتال القيادة الشمالية الرافضة توريث أحمد السلطة منهم محمد إسماعيل ومن معه في حادثة الطائرة. طبعا لم يستطيع الرئيس اغتيال من تبقوا معارضين للتوريث ليتخذ حرب صعده وسيلة جيدة للتصفية القيادات العسكرية و المعسكرات القوية وإضعافها و خاصة للواء الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن و الذي تعرض لثلاثة اغتيالات و التي كان أخرها ما نشرته وثائق وكيليكس. كيف بدأت الأوراق الرابحة تتساقط من يد الرئيس؟ الورقة الأولى: العالم المفتي في الانتخابات الرئاسية السابقة عندما صرح الرئيس الصالح أنه كان يستخدم الإصلاحيين ورقة رابحة. حتى يجد الرئيس نفسه قد خسر ورقته الدينية الرابحة في حرب صعدة ولم يتبق في يده إلا ورقة الحكم والقوة ولذلك وقف حائر في حرب صعدة عندما لم يجد من يسانده أو يصدر له الفتاوى بوجوب حرب الحوثيين حتى يخرج بنفسه في احد خطابته ليفتي هو بنفسه في وجوب الحرب . وتكبدت الدولة خسائر كبيرة في حرب صعده لاستمرار الحكم والذي سطرت في طياتها اهداءات لا تنسى لكل مدينة في اليمن لكل حارة لكل قرية لكل منزل شهيد يواريها الزمن. كل ذلك لضمان استمرار الرئيس في الحكم و توريث أبنائه. ويتكرر المشهد مرة أحرى في ثورة الشباب اليمني ليصدر فتواه العالمية التى لا تنسى وستظل محفورة في كل قلب يمني حر و هو يجزم على تحريم الاختلاط في ساحات التغيير فقط دون غيرها وهو بذلك لا يدري أنهو يقذف بنات وأمهات وأخوات اليمنيين دونما استثناء. الورقة الثانية والثالثة: ورقة الجيش والقوة (الحكم)، ورقة القبيلة. بعد نشر وثائق وكليكس وإدراك اللواءعلي محسن بعزم الرئيس على اغتياله مهما كلف ذلك من ثمن حتى يخرج الشباب مطالبين برحيل الرئيس فيتخذها علي محسن صالح، الرجل الواسع النفوذ في الجيش والقبيلة فرصته ليعلن انضمامه لثورة الشباب، وانضمام قبيلتي حاشد وبكيل، وهما القبيلتان الكبيرتان اللتان تتقاسمان الغلبة والقوة للحاكم أي حاكم، وقد استند إليهما صالح في حروبه ضد قوات الحزب الاشتراكي، وفي تهديد المعارضة السياسية وابتزازها، كل ذلك أسقط خيار الحسم العسكري. ومع استمرار جذوة هذه الثورة التي فجر شرارتها الأولى الشباب، بدأت رموز قبلية كبيرة في الانضمام إلى المعتصمين والمحتجين، وعلى رأس هؤلاء: كل أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر "حاشد"، وأمين العكيمي والشيخ سنان أبو لحوم وهما من أهم مشايخ بكيل، فضلا عن مشايخ أرحب وصعدة، وعمران وحجة ومراد وخولان والبيضاء.ولم تسلم من الانشقاقات حتى قبيلة علي صالح نفسه، وهي قبيلة سنحان، حيث انشق عليه أهم القادة العسكريين من نفس القبيلة، من أبرزهم عبد الملك السياني وزير الدفاع الأسبق، فضلا عن قادة عسكريين مثل عبد الله القاضي وصالح الضنين، ولم يبق له من سند قبلي أو عسكري غير أولاد إخوته وبعض إخوانه. واللافت في المشهد اليمني، أن التجار في كل الغرف التجارية قد التحقوا بصفوف المحتجين، وأعلنوا تأييدهم للاحتجاجات المدنية السلمية.الضربة القاصمة للرئيس الصالح. ماذا تبقى في يد الرئيس بعد انسلاخ الجيش والدين والقبيلة يتبق في يده ثلة قليله من البلاطجة الذين يجندهم و غريهم بالاموال الكثيفة ليتبلطجو على شباب الثورة في كل ميادين التغيير وتجميعهم يوم الجمعة لكسب الزخم الإعلامي , و هذه ما يطلق عليها البعض بالقوة الكاذبة.. ماذا بعد الرئيس نريد السيادة الوطنية وهي بقاء الوطن حراً أبياً شامخاً بقيادته الوطنية والقومية، وبأبنائه الأحرار الرافضين للاحتلال وسيادة الوطن هي تمتع هذا الوطن بحريته وسيادته على نفسه وشعبه الذي يجب أن يتمتع بحقوقه وبكرامته وينعم بثرواته ولا نريد سيادة حاكم لينفرد بحكم البلاد و ينهب ثروات الشعب نريد ان يحم اليمنيون أنفسهم بأنفسهم و يكون حاكمهم خادما لهم يقدم مصلحة الوطن عن نفسه. فالسيادة الوطنية هي بقاء الوطن حراً أبياً شامخاً بقيادته الوطنية والقومية، وبأبنائه الأحرار الرافضين للاحتلال. وسيادة الوطن هي تمتع هذا الوطن بحريته وسيادته على نفسه وشعبه الذي يجب أن يتمتع بحقوقه وبكرامته وينعم بثرواته. جامعة الملك سعود – الرياض – السعودية [email protected]