مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    استشهاد 27 فلسطينياً برصاص الاحتلال الاسرائيلي قرب مركز مساعدات رفح    اقرار امريكي بالهيمنة اليمنية البحرية ..    الحكومة تحمل الحوثيين مسؤولية جريمة العرسوم بتعز وتدعو المجتمع الدولي لإدانتها    -    لماذا ستوزع صنعاء غدا عملة الخمسين ريال المعدنية الجديدة؟    إدارة المبادرات المجتمعية في إب تتسلم خزان مياه للشرب في ذي السفال    منصة متخصصة: السفينة "إترنيتي سي" لم تكن مؤمّنة ضد مخاطر الحرب    حركة الجهاد : الاستنزاف والوقت في صالحنا ..!    سحب استوائية ضخمة تضرب محافظة يمنية اليوم .. فيديو    سعر الدولار في عدن وحضرموت اليوم السبت 12يوليو 2025    مدينة إسبانية تنسحب من استضافة مباريات مونديال 2030    اجتماع في إب برئاسة المحافظ يقر تقرير الإنجاز السنوي للمشاريع للعام 1446ه    استشهاد 4 أطفال إثر انفجار مقذوف من مخلفات المليشيا شمال تعز    نيوكاسل الانجليزي يعلن تعاقده مع إيلانغا في صفقة ضخمة    برشلونة يعتزم تكريم ميسي في إعادة افتتاح ملعب كامب نو    المحويت.. وفاة شاب بصاعقة رعدية في مديرية الرجم    النفط يصعد 3% مع تقرير متخصص بأن الإمدادات أقل مما تبدو عليه    رئيس الوزراء يدشن الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل اللواء محمد بن محمد عسكر    الزواج ليس سباقًا مع الزمن بل رحلة تحتاج الى شريك مناسب    الحوثيون يتهمون غروندبرغ ب«الانحياز» ويلوِّحون بقطع التواصل معه    خاطرة عن الفضول في ذكراه    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    القوات الروسية تنفذ ضربة جماعية ضد منشآت المجمع الصناعي العسكري الأوكراني    مقتل جندي وإصابة آخرين في كمين مسلح استهدف دورية عسكرية بأبين    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 12 يوليو/تموز 2025    حريق يلتهم سوق تجاري بعدن    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    بيان نقابي صادر عن نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت    السلطان عبدالله آل عفرار يدعو أبناء المهرة لوحدة الصف    عن المناطقية التي يراد لها أن تسود في تعز    بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة المهرة    اليوم بعدن.. انطلاق الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد مرض شلل الأطفال    الريال يلفظ أنفاسه الأخيرة في عدن    - صاعقة تضرب منزلًا في عمران وتحذيرات لسكان الأرياف من مخاطر البرق*     "إشهار الإفلاس" من قبل "عمائم على بهائم،.. فسبحان الحي الدايم"    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    جيسوس ثامن برتغالي يدير دفة النصر السعودي    ب 287 مليونا.. «ثاندر» يمدد عقد وليامس    أسقطوه من ذاكرتهم.. فعاد ليصبح في كل العناوين    الإمارات تنهب ذهب حضرموت بحماية الانتقالي    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    ثمن باهض وفشل عظيم مقابل نص راتب شهري!!    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    ستلاحقه اللعنات.. بن ماضي يتحمل مسؤولية جريمة هدم جسر المكلا    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    عن بُعد..!    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ملاحظات البارونة البريطانية على الانتخابات اليمنية
نشر في نشوان نيوز يوم 24 - 02 - 2012

ساق نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات، في المؤتمر الصحفي الذي عقد في المركز الإعلامي للجنة مساء يوم الخميس 23/ 2/ 2012م , جملة من الملاحظات التي طرحتها البارونة البريطانية ، السيدة إيما نيكلسون ، عضو مجلس اللوردات البريطاني التي زارت اليمن مؤخراً ، وكانت قد شاركت في مراقبة “الانتخابات” اليمنية في مدينة عدن يوم 21 فبراير الجاري ، و سأختار هنا ملاحظة واحدة ، ربما لم يلتفت إليها البعض كثيراً ولم يعي فحواها الحقيقي ويسبر أغوارها الكثير ممن استمع و صفق طويلاً لها ، لنبين وقعها وتأثيرها على جميع مناحي حياتنا.
هذه الملاحظة تتمثل في أن البارونة – بحسب ما جاء على لسان نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات – أعربت عن استغرابها من وضع إصبع الناخب أو الناخبة في في اليمن في الحبر بعد الاقتراع واعتبرت أن هذه العملية تمثل إهانة للناخب وتوحي بأن هناك عدم ثقة بالناخب اليمني. و أنا أوافق البارونة في رأيها هذا جملة وتفصيلاً، و لكن أريد أن أبين الأسباب والخلفية التي دَعت البارونة البريطانية لطرح هذه الملاحظة.
بصفة عامة، الغش بكافة أشكاله وألوانه أمر مذموم وغير محمود في بريطانيا ولا يعتبر ظاهرة في تلك البلاد على عكس الوضع ، للأسف ، في بلادنا الحبيبة. هذه الخلفية الثقافية والعقلية هي التي دَعت البارونة البريطانية إلى الاستغراب وطرح تلك الملاحظة الدقيقة والهامة التي لا يختلف عليها اثنان وبخاصة في أي بلد تنبذ الغش بكل ألوانه وأشكاله في كل جوانب الحياة وبين جميع أفراد المجتمع وتحاربه إن وجد وتسخر ممن يتصف به أياً كان ولا يجرؤ أن يتباهى به أحد على الإطلاق.
وسأسرد عليكم باختصار موقف حدث لي شخصياً في بريطانيا قبل 30 سنة تقريباً لأثبت صدق ما طرحته آنفاً عن الثقافة والعقلية البريطانية ليس من قبيل الإعجاب فقط ولكن من باب الحسرة على حالنا أيضاً. دخلت امتحان في اللغة الانجليزية تشرف عليه جامعة كمبريدج العريقة مع زملاء لي كُثر من جميع أنحاء العالم – من البرازيل ، وألمانيا , وإسبانيا ، والبرتغال ، والسلفادور ، وسويسرا ، وفرنسا ، وإيطاليا ، الخ. وكان يجلس بالقرب مني زميل إيطالي ، ومن المعروف عن الإيطاليين خفة الدم والمرح وحب النكتة ونصب المقالب لأصدقائهم وللآخرين ، وكان زميلي الإيطالي – طيب الذكر- يجسد كل هذه الخصائص وغيرها الكثير عن الإيطاليين. على أية حال ، حاول زميلي الإيطالي أن يلفت انتباهي بأسلوبه الكوميدي المضحك أثناء الامتحان في محاولة غير جادة للغش ولكن من باب الدعابة وإثارة المراقبين الموجدين في القاعة ضدي. وحين عدنا في المساء إلى المعهد الذي كنا ندرس فيه للاحتفال بانتهاء برنامجنا الدراسي وانتهائنا من الامتحان ، ذكرت للمدرسين والطلاب ما قام به زميلي الايطالي، أنتينيوني ، في صباح ذلك اليوم من محاولة للغش من قبيل الدعابة ليس إلا ، فأخذوا ما ذكرته لهم على محمل الجد وكان ما حدث مثار للاستغراب والدهشة ومثار ضحك وانتقاد للزميل أنتينيوني – المسكين – طوال سهرة تلك الليلة ولأيام وأشهر بعد ذلك بالرغم من تأكيدي المستمر لهم أن الزميل العزيز كان يريد فقط مداعبتي بفعلته تلكَ!!
لماذا حدث كل ذلك؟ لأن الغش في الامتحانات أمر لا يخطر على بال المواطن البريطاني والأوروبي بصفة عامة. يا ترى ، كم سيثير دهشة واستغراب الشعب البريطاني والأوروبي وسيضحك من كل قلبه إذا ذكرنا لهم فقط محاولات الغش ولأساليب المبتكرة للغش في امتحان واحد في أيٍ من مدارسنا أو جامعاتنا والمعارك بالسلاح الأبيض والخفيف والثقيل والتهديد والوعيد الذي قد ينشأ ضد من يحاول أن يمنع الغش من المراقبين والمدرسين والمسئولين التربويين؟ قد يضحكون الدهر كله ولن يحتاجوا إلى مستر بن أو تشارلي شابلن آخر أو أي من الكوميديين في بلدانهم ، وسيوفرون الكثير من المال على أنفسهم وعناء ذهابهم إلى صالات العرض السينمائية والمسارح وستطال البطالة كل الفنانين والمسرحيين الكوميديين وسنتسبب في قطع رزقهم وفي مجاعة لهم ولأبنائهم ، لا قدر الله!!
إذاً ربما نعي الآن ملاحظة البارونة البريطانية وخلفيتها الثقافية والقيم التي تؤمن بها ويؤمن بها شعبها وما جعل بلدها توصف بأم الديموقراطيات ، ونعي عدم إدراكها للواقع في المجتمع اليمني الذي تستشري فيه ظاهرة الغش في كل مناحي الحياة بصورة رهيبة إلى درجة أن الغش أصبح يسري ويجري مجرى الدماء فينا. فنحن نغش بعضنا البعض في حياتنا مروراً بكل شيء من أبسط الأمور المتمثلة في لتعامل فيما بيننا بكل صنوفها وأنواعها وصولاً إلى الامتحانات والانتخابات وأبعد من ذلك ، وسأترك لكم المجال لتتخيلوا كل أنواع الغش المختلفة التي تحدث من حولنا لمعرفة حجم الخلل الأخلاقي والقيمي الذي أصاب مجتمعنا من أقصاه إلى أقصاه بالرغم من أننا مجتمع مسلم ويحثنا ديننا الإسلامي الحنيف على عدم الغش في كل شيء و يقول رسولنا الكري – صلى الله عليه وسلم – بما معناه أن من غشنا ليس منا.
يا ترى، هل يمكننا أن نثور على الغش بكل أشكاله وأنواعه وصوره في بلدنا الحبيب حتى نتمكن من التخلص من كل الأوبئة والأمراض المزمنة التي أصابت حياتنا وأخلاقنا وقيمنا ، ونتمكن أيضاً من النجاح في كل الثورات التي نعمل على إحداثها في حياتنا ونتوقف عن بيع الوهم لأنفسنا ولغيرنا؟ سؤال عام أطرحه للجميع ، وبخاصة على كل من يدعي ويتغنى بحب اليمن ، ولا يعمل على إثبات حبه بالقول والعمل لهذا اليمن الذي قد يأتي يوماً عليه يضيق بنا ذرعاً ويصرخ فينا متبرئاً منا ومن أفعالنا و حبنا الوهمي له الذي هو من نوع الحب الذي يقتل ويدمر وسيستمر – حتماً – إذا بقينا بهذه العقلية المدمرة!! و الحليم – الحليم وحده فقط – قد تكفيه في هذا الزمن الإشارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.