انهيار وشيك لمجلس القيادة الرئاسي اليمني.. والرياض تتحرك لاحتواء الموقف    رغم التعتيم / فيديو مسرب للحظة استهداف مبنى للموساد وسط تل ابيب بصاروخ يمني!    وزارة الخارجية تدين بيان مجلس الامن حول "الجواسيس"    ريال مدريد المنقوص يتماسك ليخرج فائزًا من عرين سوسيداد    غداً انطلاق بطولة كأس الجمهورية لكرة السلة    الصين تحدد هدف مبيعات السيارات لعام 2025 عند 32,3 مليون سيارة    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    الإصلاح.. صمود وتضحيات من أجل الثوابت الوطنية    الجامعة العربية ترحب باعتماد الجمعية العامة "إعلان نيويورك" بشأن حل الدولتين    العديني: تأكيد الإصلاح بأنه لا ينتمي لتنظيم خارجي ليس بجديد ونحن شركاء في المعركة الوطنية    الداخلية : ضبط 161 متهما بينهم مطلوبون أمنياً في محافظة اب    منع 7 لاعبين صهاينة من المشاركة ببطولة شطرنج في إسبانيا    الاطلاع على أضرار السيول بالجدار الساند لحي وطن في مديرية السدة    مجلس الأمن يجدد التزامه بوحدة وسيادة واستقلال اليمن ويدين احتجاز المليشيا موظفين أممين    العلامة مفتاح يواصل زياراته التفقدية للوزارات    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    عاجل: الرباعية تناقش هيكلة مجلس القيادة الرئاسي وتوجه لإزاحة العليمي    الداؤودي يدشن العام الدراسي بمؤسسة رموز للصم    نقابة الصحفيين اليمنيين تدين الهجوم الصهيوني على صحيفة "26 سبتمبر" بصنعاء    مدير عام مديرية البريقة يتفقد عدداً من مناطق المديرية    فصائل فلسطينية تعلن إعدام 6 أشخاص تعاونوا مع إسرائيل    محافظ حضرموت يبحث مع أورتسلا صيانة محطات الكهرباء    نائب وزير المياه والبيئة: قرارات الرئيس الزُبيدي وضعت حدا للتلكؤ بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض    أنظمة العصبيات المُستَبِدة    شرطة الممدارة تستعيد حافلة مسروقة وتضبط المتهمين    مستشار الرئيس الفلسطيني: دماء أطفال غزة أحيت الضمائر    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من المرتفعات والسواحل    اليوم.. انطلاق البطولة الأفريقية لشباب الكرة الطائرة بالقاهرة بحضور وزير الرياضة    الصين تعارض إدراج شركات لها ضمن قائمة العقوبات الأمريكية على كيانات يمنية    مرة ثالثة.. الاتحاد يضرب الفتح 42    ممتاز السيدات.. الأهلي يكتسح نيوم بخماسية    القبض على متهم بجريمة قتل والشروع في قتل رجل وامرأة    ضبط 594 مهاجراً غير شرعيا في عمران    الدوري الاسباني : التعادل الايجابي ينهي مواجهة إشبيلية والتشي    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على الدوحة و يؤكد دعمه القوي لسيادة قطر    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    ايمري يصف مارتينيز بأفضل حارس في العالم    جريمة هزت إب .. شاب يقتل اخر في الجعاشن ويعتدي بالسلاح الأبيض على والديه    الانتظار الطويل    وزارة التجارة والصناعة تعلن شطب قرابة ألفي علامة ووكالة تجارية    اليمن كل اليمن    الشراكة الخائنة: كيف تُسرق إيرادات الجنوب لتمويل أعداءه؟    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    تمرد بن حبريش.. خنجر في خاصرة التنمية بحضرموت    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    "عربدة "    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (3-3)
نشر في نشوان نيوز يوم 11 - 07 - 2020

د. كمال القطوي يكتب: إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (3-3)
مشكلة كثير من المسائل الفقهية تكمن في التقليد وجفلة الفقهاء عن الخروج من مقررات المذهب، فيردد العشرات منهم تقريرات السابقين دونما نظر واجتهاد واستقلال، وهذا التكرار يفزع القارئ ويلقي في نفسه الروع فيحجم عن مفارقة الجمع الغفير من الفقهاء ولو كان الدليل في غير صفهم.
9- غير أن أساطين الفقه السياسي قد أعادوا النظر في ذلك الاختيار السني، ومالوا إلى رأي جمهرة التابعين وهو كذلك رأي الخوارج والمعتزلة في إسلامية الخلافة(أي أن يتولاها أي مسلم كفء لها)، فقد قاد الاستقراء الفقهي لإمام الحرمين الجويني إلى تأسيس قاعدة كلية في التعامل مع الفقه السياسي أودع فيها نتائج استقرائه قائلاً : ( مُعْظَمُ مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ عَرِيَّةٌ عَنْ مَسْلَكِ الْقَطْعِ، خَلِيَّةٌ عَنْ مَدَارِكِ الْيَقِينِ)الغياثي(ص: 75). ومن هنا جاء اجتهاده في مسألة القرشية منسجماً مع رؤيته الكلية لطبيعة الحقل السياسي، وهو حقل خاضع للمبادئ الكلية، عري عن التفصيلات المتروكة للبشر، فلم ير العمل بحديث «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، وعلق عليه قائلاً: ( وَهَذَا مَسْلَكٌ لَا أُوثِرُهُ، فَإِنَّ نَقَلَةَ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْدُودُونَ، لَا يَبْلُغُونَ مَبْلَغَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ. وَالَّذِي يُوَضِّحُ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ أَنَّا لَا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا ثَلَجَ الصُّدُورِ ; وَالْيَقِينَ الْمَبْتُوتَ بِصَدَرِ هَذَا مِنْ فَلْقٍ فِي رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَمَا لَا نَجِدُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، فَإِذًا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْحَدِيثُ الْعِلْمَ بِاشْتِرَاطِ النَّسَبِ فِي الْإِمَامَةِ) الغياثي(ص: 80).
وقد تطابق اجتهاد الإمام الجويني مع اجتهاد إمام أهل السنة والجماعة قبله الإمام الباقلاني الذي قال عنه الدارقطني : (هذا إمام المسلمين والذّاب عن الدّين). فقد ذهب الباقلاني إلى أن (ظَاهر الْخَبَر لَا يَقْتَضِي ذَلِك وَلَا الْعقل يُوجِبهُ وَظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) يُوجب كَونهَا شائعة فِي سَائِرهمْ) التمهيد:(ص475).
10- ثم أضاف الفقيه المالكي وأبو علم الاجتماع العلامة ابن خلدون بعداً آخر في فهم مسألة القرشية، وهو بعد يتسق مع التحليل الاجتماعي الذي مهدنا به هذا المقال، فهو يؤكد أن مقصد الشارع تحقيق الاستقرار وذلك عائد للعصبية التي تشتد حول الملك ولما كانت قريش ذروة عصبية مضر في عهدها فقد كانت الوصية لها، فلما ذاب ملك العرب وظهرت عصبيات أولى بحماية الدين منهم وأقوى، انتقلت الخلافة إليهم، تحقيقا لمراد الشارع في تحقيق الاستقرار فيقول ابن خلدون: (فإذا ثبت أنّ اشتراط القرشيّة إنّما هو لدفع التّنازع بما كان لهم من العصبيّة والغلب وعلمنا أنّ الشّارع لا يخصّ الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمّة علمنا أنّ ذلك إنّما هو من الكفاية فرددناه إليها وطردنا العلّة المشتملة على المقصود من القرشيّة وهي وجود العصبيّة فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبيّة قويّة غالبة على من معها لعصرها ليستتبعوا من سواهم وتجتمع الكلمة على حسن الحماية) المقدمة (1/ 245).
11- أما الأحرار من فقهاء اليمن، فقد انحازوا إلى إسلامية الخلافة، وكان في مقدمتهم أشجع مجتهدي اليمن وأجسرهم على مصاولة الأفكار ومنازلة الأقران، الإمام صالح المقبلي، فقد قال : ( وأما ما يدعونه من إجماع الصحابة على المنصب فغير صحيح.. والذي وقع من الصحابة تولية قرشي ولم يذكر أحد منهم أن ذلك شرط.. والحاصل أن الصحابة فعلوا فعلاً وجدوه أقرب شيء في تلك الحادثة إلى تحصيل المقصود، فأخذ الناس الواقعات شروطاً، ولا يلزم من الوقوع الوجوب. ثم عمود ذلك بعد، إجماع الصحابة، ودون الإجماع الذي يكون حجة خرط القتاد) المنار(2/464). وهو رأي العلامة نشوان الحميري إذ قال: (من كان أتقى الناس وأكرمهم عند الله وأعلمهم بالله وأعلمهم بطاعته كان أولاهم بالإمامة، والقيام في خلقه، كائناً من كان منهم عربيا أو عجميا ) (قرشية الخلافة،ص: 123). وممن قال بإسلاميتها العلامة المجتهد أحمد بن حسن الجلال، وهو ورأي الإمام أحمد بن يحيى المرتضى "صاحب متن الأزهار، إذ قال: (جواز نصب كل من صلح للقيام بالمقصود منها، ويحصل العلم بذلك، قرشياً كان أو غيره، هاشمياً كان أو غير هاشمي) الإصباح (1 / 149). ومن فقهاء الزيدية الذين آبوا إلى إسلامية الخلافة، الإمام عز الدين بن الحسن الذي خاض تجربة سياسية قصيرة مطالبا بالإمامة لنفسه، ثم ما لبث أن خذلته القبائل فعاد أدراجه إلى الدرس العلمي، ثم خرج من تجربته المريرة بخطورة النظرية القرشية والعلوية منها على وجه الخصوص، فنادى بإسلامية الخلافة في كل من يصلح لها. (قرشية الخلافة ص:142).
12- وقد ذهب جمهرة فقهاء النظرية السياسية الإسلامية اليوم إلى إسلامية الخلافة، وطرحوا فكرة القرشية جانباً، ومنهم الفقيه محمد أبو زهرة، والمحدث السوري محمد المبارك، والمجتهد السوداني حسن الترابي، والعلامة عبد القادر عودة، والأصولي عبد الوهاب خلاف، وأحمد شاكر، وعبدالحميد متولي، ولؤي صافي.. ومن فقهاء الشيعة المعاصرين العلامة محمد حسين فضل الله، الذي تنكر لولاية الفقيه ونادى بولاية الأمة، وجمع ممن لا تتسع المقالة لحشد أقوالهم.
13- وقد كفى الله المؤمنين القتال، فقد جرت سنة التداول على العرب وقريش بوجه الخصوص، فقد تلاشت القبضة العباسية عقب مقتل المتوكل العباسي سنة 247ه، إذ هيمن على أمور الخلافة الترك والفرس، وكان الخليفة رمزاً لا يملك من أمر السلطة شيئاً، ثم ما لبث هذا الرمز أن جرفته جحافل التتار في عام 656ه، ثم نصب المماليك رمزاً آخر لاستكمال مسرحية القرشية، ولكنها انتهت على يد السلطان سليم القاطع عام 923ه، حين أخذ الخلافة من آخر رمز عباسي، فصارت الخلافة رمزاً وحقيقة لدى العثمانيين الأتراك حتى سقطت دولتهم. وأما في المغرب العربي فقد سقطت دولة بني أمية، ثم نهض بعد ذلك الموحدون البربر، وكانوا يعتبرون أنفسهم خلافة إسلامية، وأميرهم أمير للمؤمنين، ولم يتلفتوا للنظرية القرشية، وهم مالكية المذهب سنية المعتقد. وقد فعل حكم التاريخ وسنتة في التداول على النظرية القرشية، مالم تفعله أقلام الأحرار من الفقهاء.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صورة من مفاعيل سنة التداول فقال : (كان هذا الأمرُ في حِمْيَرَ فنزعَه اللهُ منهم وصيَّرَه في قريشٍ وسيعودُ إليهم) السلسلة الصحيحة 5/34. وفي الحديث دليل إلى ما ذهبنا إليه من زمنية الخلافة القرشية، وغيرها، فمقتضى عدالة الله أن يداول الأمر بين الأمم، وأن يعطي لكل أمة فرصتهم في الاختبار.
وتلك وأيم الله من مزايا حضارة الإسلام العظيمة، فقد حكمت كل الأمم التي دخلت الإسلام باسمه، ولم تكن القيادة حكراً على جنس دون جنس، فقد ساد العرب والفرس والترك والبربر والكرد باسم الإسلام، فكانت واحدة من تجليات عالمية هذا الدين العظيم.
14- ومما يحسب للنظرية القرشية أنها لا توجب الخروج بالسيف لأجل تحقيقها كما تفعل نظرية البطنين المتوحشة، بل يرى أرباب النظرية القرشية قبول تغلب المفضول وغير القرشي، وجريان أحكامه، وهذا ما يسر تكييف ظهور العديد من الدول التي حكمت باسم الإسلام.
15- ومرادي من هذه المقالة المطولة تلخيص أسفار النزاع القديم الحديث بين أنصار القرشية وأنصار الإسلامية، خاصة في أيام يتعرض ديننا لغمز من أهل الأهواء الذين يزرون على الفقهاء اجتهادهم، أو أنصار نظرية البطنين(الهادوية ترى الحكم في ذرية الحسن والحسين) الذين يجعلون من النظرية القرشية متكأ لهم، وكلا الطرفين جاف وغال.
والأيام تؤكد لنا الدرس القديم الجديد: ما لم يفيء الناس إلى شورى تحكمهم، وشرعة غير شرعة الاستبداد القبلي والسلالي والفئوي، فلا أمل بخروج الأمة من أزمتها المزمنة.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
عناوين ذات صلة:
جامعة صنعاء ستسقط سرطان الحوثي
إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (2-3)
انتبهوا على أبنائكم من سماسرة الحوثي بالحارات والقرى
الحوثيون وإشكالية الهوية
إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (1-3)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.