عدن.. البنك المركزي يواصل ايقاف تراخيص شركات ومنشآت الصرافة    غداً.. الصقر يواجه ميناء المخأ في افتتاح بطولة بيسان الكروية 2025    البنك المركزي يوقف منشآت صرافة جديدة وتحسن جزئي للريال أمام الدولار    سريع يعلن استهداف مطار بن غوريون وإسرائيل توقف الملاحة الجوية    احتجاجات شعبية واشتباكات مع الشرطة ضد السياحة الإسرائيلية    استشهاد امرأة مُسنة وإصابة طفلة بقصف حوثي استهدف قرى الصلو جنوبي تعز    عمران .. لقاء للعلماء والخطباء يناقش المستجدات الراهنة في غزة    أمريكا ترفع مكافأة تقديم معلومات عن "سعد بن عاطف" إلى عشرة مليون دولار    - عاجل مجلس النواب في صنعاء يوقف قرارًا حكوميًا ويدعم انتصار الغرفة التجارية    وزارة الاقتصاد تسلم شهادة إجازة محاسب قانوني ل 61 محاسباً بعد أداء القسم    دعوات لقوات النخبة الحضرمية لإنهاء تقطع قواطر الوقود بالقوة    طارق... في ظلّ عفاش، أم في مهب عواصف الساحل الغربي؟    السامعي يبحث مع الرهوي أولويات حكومة التغيير وعدد من الملفات الحيوية    - احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش مخبأة في عبوات زيت سيارات في حضرموت    شباب المكلا يجبرون بن حبريش على الافراج عن قاطرات الوقود    انتشار عصابات نشل وسطو من الحرافيش والأفارقة في شوارع المكلا    ندوة بصنعاء بعنوان "الآثار المنهوبة بين التشريعات وآليات الاسترداد"    وزارة الصحة في غزة تكشف حجم الخسائر البشرية منذ أكتوبر 2023    حضرموت : تنفيذية انتقالي تريم تقف أمام تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية بالمديرية    وفاة امرأة بصاعقة رعدية بمديرية الجميمة في حجة    أكثر من 2.4 مليار ريال عُماني فائض الميزان التجاري لسلطنة عُمان    الدكتور الداعري: هل سيُنهي الحوثي بشهادة دكتوراه؟    "الصحة" بغزة: 55% من الشهداء جرّاء الإبادة الصهيونية من الأطفال والنساء وكبار السن    اللجنة الأمنية بحضرموت: نقف إلى جانب المطالب المشروعة لأبناء المحافظة    انتقالي حضرموت يحمل السلطة المحلية ومجلس القيادة مسؤولية تدهور الاوضاع في المحافظة    الرئيس الزُبيدي يشيد بالتدخلات الإنسانية للجنة الدولية للصليب الأحمر في بلادنا    تعز.. مواطن يفجّر قنبلة داخل منزله ويقتل زوجته ويصيب ثلاثة من أفراد أسرته    لقاء مسع بذمار يؤكد الحفاظ على أموال وممتلكات الأوقاف    خبير في الطقس: تقلبات جوية وأمطار غزيرة متوقعة على عدد من المحافظات اليمنية    باحث يمني يكشف عن عرض آثار يمنية في مزاد عالمي بالمملكة المتحدة    مدرب مانشستر سيتي ينتقد الصمت العالمي تجاه الكارثة الإنسانية في غزة    عاجل: المهرة.. الإفراج عن القيادي الحوثي محمد الزايدي بوساطة قبلية    تقرير: تخاذل الحلفاء عن تسليح القوات الجنوبية قوّى الحوثيين لتهديد الملاحة    ريال مدريد يحدد بديل فينيسيوس    حضرموت تشهد موجة احتجاجات واسعة وقطع للشوارع    سبعيني في صنعاء يحب " أفراح " ما قصته مع الشحط    تظاهرات غاضبة تهز المكلا    وصل الجولاني فحل الظلام.. فرحل الرحباني.. فيلسوف الفن وفنان الفلاسفة    الهلال يختار ألمانيا.. ويخوض 4 تجارب    جوارديولا: سيتي محطتي الأخيرة.. ولا عودة إلى برشلونة    المشي الياباني.. فوائد صحية كبيرة بأقل قدر من الوقت    "الخضيري": ابتعدوا عن الدقيق الأبيض.. واعتمدوا التخمير الطبيعي 12    البايرن يتحرك جديا لضم لويس دياز    فليك يأمل في خروج جيد لتير شتيغن من برشلونة    بهدف وحيد.. منتخب الشباب يخسر أمام أهلي صنعاء ضمن استعداداته لكأس الخليج    سباق لحماية أطفال اليمن من الشلل و242 ألف لم يتلقوا اللقاحات الروتينية    أول ظهور للفنانة فيروز في مراسم تشييع زياد الرحباني    سقطرى والطموح المنشود للرقي بتنميتها ارضا وانسانا    أطباء بلا حدود: ارتفاع حالات الإسهال المائي في اليمن وعمران تتصدر القائمة    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    المحرّمي يبحث مع وزير الأوقاف تعزيز نشر الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف    صنعاء .. شاب يُقتل على يد "أصدقائه" بطريقة وحشية    ولادة وعلين في محمية محمد بن سلمان    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (6)    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    حمّى غامضة تجتاح اليمن .. والناس يواجهون الألم بصمت والسلطات تغيب    اجتماع برأسة الرهوي يناقش الاعداد و التحضير للاحتفال بدكرى المولد النبوي    جبر الخواطر يكفيك شر المخاطر:    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (3-3)
نشر في نشوان نيوز يوم 11 - 07 - 2020

د. كمال القطوي يكتب: إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (3-3)
مشكلة كثير من المسائل الفقهية تكمن في التقليد وجفلة الفقهاء عن الخروج من مقررات المذهب، فيردد العشرات منهم تقريرات السابقين دونما نظر واجتهاد واستقلال، وهذا التكرار يفزع القارئ ويلقي في نفسه الروع فيحجم عن مفارقة الجمع الغفير من الفقهاء ولو كان الدليل في غير صفهم.
9- غير أن أساطين الفقه السياسي قد أعادوا النظر في ذلك الاختيار السني، ومالوا إلى رأي جمهرة التابعين وهو كذلك رأي الخوارج والمعتزلة في إسلامية الخلافة(أي أن يتولاها أي مسلم كفء لها)، فقد قاد الاستقراء الفقهي لإمام الحرمين الجويني إلى تأسيس قاعدة كلية في التعامل مع الفقه السياسي أودع فيها نتائج استقرائه قائلاً : ( مُعْظَمُ مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ عَرِيَّةٌ عَنْ مَسْلَكِ الْقَطْعِ، خَلِيَّةٌ عَنْ مَدَارِكِ الْيَقِينِ)الغياثي(ص: 75). ومن هنا جاء اجتهاده في مسألة القرشية منسجماً مع رؤيته الكلية لطبيعة الحقل السياسي، وهو حقل خاضع للمبادئ الكلية، عري عن التفصيلات المتروكة للبشر، فلم ير العمل بحديث «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، وعلق عليه قائلاً: ( وَهَذَا مَسْلَكٌ لَا أُوثِرُهُ، فَإِنَّ نَقَلَةَ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْدُودُونَ، لَا يَبْلُغُونَ مَبْلَغَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ. وَالَّذِي يُوَضِّحُ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ أَنَّا لَا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا ثَلَجَ الصُّدُورِ ; وَالْيَقِينَ الْمَبْتُوتَ بِصَدَرِ هَذَا مِنْ فَلْقٍ فِي رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَمَا لَا نَجِدُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، فَإِذًا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْحَدِيثُ الْعِلْمَ بِاشْتِرَاطِ النَّسَبِ فِي الْإِمَامَةِ) الغياثي(ص: 80).
وقد تطابق اجتهاد الإمام الجويني مع اجتهاد إمام أهل السنة والجماعة قبله الإمام الباقلاني الذي قال عنه الدارقطني : (هذا إمام المسلمين والذّاب عن الدّين). فقد ذهب الباقلاني إلى أن (ظَاهر الْخَبَر لَا يَقْتَضِي ذَلِك وَلَا الْعقل يُوجِبهُ وَظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) يُوجب كَونهَا شائعة فِي سَائِرهمْ) التمهيد:(ص475).
10- ثم أضاف الفقيه المالكي وأبو علم الاجتماع العلامة ابن خلدون بعداً آخر في فهم مسألة القرشية، وهو بعد يتسق مع التحليل الاجتماعي الذي مهدنا به هذا المقال، فهو يؤكد أن مقصد الشارع تحقيق الاستقرار وذلك عائد للعصبية التي تشتد حول الملك ولما كانت قريش ذروة عصبية مضر في عهدها فقد كانت الوصية لها، فلما ذاب ملك العرب وظهرت عصبيات أولى بحماية الدين منهم وأقوى، انتقلت الخلافة إليهم، تحقيقا لمراد الشارع في تحقيق الاستقرار فيقول ابن خلدون: (فإذا ثبت أنّ اشتراط القرشيّة إنّما هو لدفع التّنازع بما كان لهم من العصبيّة والغلب وعلمنا أنّ الشّارع لا يخصّ الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمّة علمنا أنّ ذلك إنّما هو من الكفاية فرددناه إليها وطردنا العلّة المشتملة على المقصود من القرشيّة وهي وجود العصبيّة فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبيّة قويّة غالبة على من معها لعصرها ليستتبعوا من سواهم وتجتمع الكلمة على حسن الحماية) المقدمة (1/ 245).
11- أما الأحرار من فقهاء اليمن، فقد انحازوا إلى إسلامية الخلافة، وكان في مقدمتهم أشجع مجتهدي اليمن وأجسرهم على مصاولة الأفكار ومنازلة الأقران، الإمام صالح المقبلي، فقد قال : ( وأما ما يدعونه من إجماع الصحابة على المنصب فغير صحيح.. والذي وقع من الصحابة تولية قرشي ولم يذكر أحد منهم أن ذلك شرط.. والحاصل أن الصحابة فعلوا فعلاً وجدوه أقرب شيء في تلك الحادثة إلى تحصيل المقصود، فأخذ الناس الواقعات شروطاً، ولا يلزم من الوقوع الوجوب. ثم عمود ذلك بعد، إجماع الصحابة، ودون الإجماع الذي يكون حجة خرط القتاد) المنار(2/464). وهو رأي العلامة نشوان الحميري إذ قال: (من كان أتقى الناس وأكرمهم عند الله وأعلمهم بالله وأعلمهم بطاعته كان أولاهم بالإمامة، والقيام في خلقه، كائناً من كان منهم عربيا أو عجميا ) (قرشية الخلافة،ص: 123). وممن قال بإسلاميتها العلامة المجتهد أحمد بن حسن الجلال، وهو ورأي الإمام أحمد بن يحيى المرتضى "صاحب متن الأزهار، إذ قال: (جواز نصب كل من صلح للقيام بالمقصود منها، ويحصل العلم بذلك، قرشياً كان أو غيره، هاشمياً كان أو غير هاشمي) الإصباح (1 / 149). ومن فقهاء الزيدية الذين آبوا إلى إسلامية الخلافة، الإمام عز الدين بن الحسن الذي خاض تجربة سياسية قصيرة مطالبا بالإمامة لنفسه، ثم ما لبث أن خذلته القبائل فعاد أدراجه إلى الدرس العلمي، ثم خرج من تجربته المريرة بخطورة النظرية القرشية والعلوية منها على وجه الخصوص، فنادى بإسلامية الخلافة في كل من يصلح لها. (قرشية الخلافة ص:142).
12- وقد ذهب جمهرة فقهاء النظرية السياسية الإسلامية اليوم إلى إسلامية الخلافة، وطرحوا فكرة القرشية جانباً، ومنهم الفقيه محمد أبو زهرة، والمحدث السوري محمد المبارك، والمجتهد السوداني حسن الترابي، والعلامة عبد القادر عودة، والأصولي عبد الوهاب خلاف، وأحمد شاكر، وعبدالحميد متولي، ولؤي صافي.. ومن فقهاء الشيعة المعاصرين العلامة محمد حسين فضل الله، الذي تنكر لولاية الفقيه ونادى بولاية الأمة، وجمع ممن لا تتسع المقالة لحشد أقوالهم.
13- وقد كفى الله المؤمنين القتال، فقد جرت سنة التداول على العرب وقريش بوجه الخصوص، فقد تلاشت القبضة العباسية عقب مقتل المتوكل العباسي سنة 247ه، إذ هيمن على أمور الخلافة الترك والفرس، وكان الخليفة رمزاً لا يملك من أمر السلطة شيئاً، ثم ما لبث هذا الرمز أن جرفته جحافل التتار في عام 656ه، ثم نصب المماليك رمزاً آخر لاستكمال مسرحية القرشية، ولكنها انتهت على يد السلطان سليم القاطع عام 923ه، حين أخذ الخلافة من آخر رمز عباسي، فصارت الخلافة رمزاً وحقيقة لدى العثمانيين الأتراك حتى سقطت دولتهم. وأما في المغرب العربي فقد سقطت دولة بني أمية، ثم نهض بعد ذلك الموحدون البربر، وكانوا يعتبرون أنفسهم خلافة إسلامية، وأميرهم أمير للمؤمنين، ولم يتلفتوا للنظرية القرشية، وهم مالكية المذهب سنية المعتقد. وقد فعل حكم التاريخ وسنتة في التداول على النظرية القرشية، مالم تفعله أقلام الأحرار من الفقهاء.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صورة من مفاعيل سنة التداول فقال : (كان هذا الأمرُ في حِمْيَرَ فنزعَه اللهُ منهم وصيَّرَه في قريشٍ وسيعودُ إليهم) السلسلة الصحيحة 5/34. وفي الحديث دليل إلى ما ذهبنا إليه من زمنية الخلافة القرشية، وغيرها، فمقتضى عدالة الله أن يداول الأمر بين الأمم، وأن يعطي لكل أمة فرصتهم في الاختبار.
وتلك وأيم الله من مزايا حضارة الإسلام العظيمة، فقد حكمت كل الأمم التي دخلت الإسلام باسمه، ولم تكن القيادة حكراً على جنس دون جنس، فقد ساد العرب والفرس والترك والبربر والكرد باسم الإسلام، فكانت واحدة من تجليات عالمية هذا الدين العظيم.
14- ومما يحسب للنظرية القرشية أنها لا توجب الخروج بالسيف لأجل تحقيقها كما تفعل نظرية البطنين المتوحشة، بل يرى أرباب النظرية القرشية قبول تغلب المفضول وغير القرشي، وجريان أحكامه، وهذا ما يسر تكييف ظهور العديد من الدول التي حكمت باسم الإسلام.
15- ومرادي من هذه المقالة المطولة تلخيص أسفار النزاع القديم الحديث بين أنصار القرشية وأنصار الإسلامية، خاصة في أيام يتعرض ديننا لغمز من أهل الأهواء الذين يزرون على الفقهاء اجتهادهم، أو أنصار نظرية البطنين(الهادوية ترى الحكم في ذرية الحسن والحسين) الذين يجعلون من النظرية القرشية متكأ لهم، وكلا الطرفين جاف وغال.
والأيام تؤكد لنا الدرس القديم الجديد: ما لم يفيء الناس إلى شورى تحكمهم، وشرعة غير شرعة الاستبداد القبلي والسلالي والفئوي، فلا أمل بخروج الأمة من أزمتها المزمنة.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
عناوين ذات صلة:
جامعة صنعاء ستسقط سرطان الحوثي
إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (2-3)
انتبهوا على أبنائكم من سماسرة الحوثي بالحارات والقرى
الحوثيون وإشكالية الهوية
إسلامية الخلافة أم قرشيتها؟ قراءة فقهية تاريخية (1-3)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.