31 عاماً على حرب صيف 94.. الجنوب يحيي الذكرى ويؤكد أن لا وحدة بالقوة    اصابة 10 لبنانيين في غارات إسرائيلية    غرق سفينة بضائع جافة تعرضت للاستهداف في البحر الأحمر    مجلس النواب يدين العدوان الصهيوني على الحديدة ويؤكد على حق اليمن في الرد    شركة النفط تؤكد استقرار الوضع التمويني    اليابان تعلن تقدم منحة جديدة لليمن لتعزيز برنامج المساعدات الغذائية    بدء أعمال تمديد كابلات خطوط مشروع نقل الطاقة الشمسية الاماراتية في شبوة    شاهد - شهداء الأقصى وألوية صلاح الدين يقصفان تجمعاً لآليات صهيونية    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    رئيس مجلس إدارة وقف أويس القرني يزور مؤسسة افق في تعز    مجلس الوزراء يقر حزمة من الإجراءات لمعالجة أزمة الكهرباء    لقاء تنسيقي في عدن يناقش مجال التعاون في مجال البيئة والتنمية المستدامة    هيئة الإغاثة تتفقد أسرة ضحايا مجزرة الحوثي في المُسيمير بلحج    الدفاع المدني بغزة ينفذ 52 مهمة خلال ال24 ساعة الماضية    للتنفير من التعليم.. مليشيا الحوثي تفرض رسوما باهظة على طلاب المدارس الحكومية في إب    المنتخب المكسيكي يُتوّج بلقبه العاشر في بطولة الكأس الذهبية    تراجعُ قيمة الأجور في اليابان بأعلى معدّل منذ 2023    الذهب يتراجع مع انحسار المخاوف التجارية عقب تمديد مهلة الرسوم الجمركية الأميركية    الصين ترد على تهديدات ترامب بفرض رسوم إضافية على الدول الداعمة ل"بريكس"    حزام يافع يكشف تفاصيل جريمة مقتل الطفل صالح الجهوري ويضبط الجاني    هل سيعاد تصدير النفط اليمني مقابل عودة تشغيل مطار صنعاءفماذا قال خالد العراسي؟    الإعلام الأمني: تسجيل 23 حالة انتحار خلال يونيو ومأرب وتعز تتصدران القائمة    يايسله ومحرز ينضمان إلى الأهلي في النمسا    سان جيرمان يتلقى ضربة بغياب 4 نجوم    ضبط 513 مهاجرا غير شرعيا في عمران    خاتشانوف.. أول المتأهلين إلى ربع نهائي ويمبلدون    جارسيا.. حفيد مصارع الثيران.. ونجمة هوليوود    إسرائيل تشن هجوماً على الحديدة والحوثيون يتصدون "للعدوان"    رسميا.. النصر السعودي يعلن رحيل مهاجمه جون دوران    وثيقة العهد والاتفاق... حين وقّع الجنوب على آخر أوهامه    مصر.. اكتشاف مقابر أثرية تحمل زخارف مدهشة في أسوان تعود للعصرين اليوناني والروماني    "حنتوس" علوَّ في الحياة وفي الممات    صدى كربلاء    غارات تستهدف الحديدة والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن عدد الصواريخ المستخدمة ونوعها    ارتفاع حصيلة الفيضانات في تكساس وترامب يعلنها «منطقة كوارث»    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (3)    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 45)    سريع: تصدينا لجزء كبير من تشكيلات الهجوم الاسرائيلي    بعد 27 عاما من الفراق.. "الجواهرجي" يجمع محمد هنيدي ومنى زكي    من يومياتي في أمريكا .. عذاب القبر في أمريكا    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    بمشاركة عدد كبير من الأطباء من الداخل والخارج .. تحضيرات لعقد المؤتمر الطبي السابع لطب الأسنان    منظمة ترصد اختطاف 51 مدنياً في إب خلال الشهر الماضي    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عدوك الحقيقي    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    مرض الفشل الكلوي (11)    حمى يا بابا... ويل للملاعين من عذاب طفل حرمه الخوف من الظلام وشدة الحر من النوم    دراما اللحظات الأخيرة.. الريال يعبر دورتموند ويصطدم بسان جيرمان    نار الأسعار بعدن تجبر المواطنين على ترك وجبة شعبية شهيرة    مواطن يسلم وزارة الثقافة قطعة أثرية نادرة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    مسئول حضرمي يرفع دعوى قضائية على فرقة مسرحية لتطرقها للمعيشة المتدهورة    انطلاق أعمال لجنة تحكيم مسابقة "أمير الشعراء" في عدن برعاية إماراتية    ساير الوضع    ساير الوضع    وفاة أسترالي نتيجة الإصابة بفيروس خفافيش نادر وغير قابل للعلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجاحظ بين كارزما الساسه وضياع الطاسه
نشر في نشوان نيوز يوم 16 - 03 - 2012


1
كُنتُ في معتكفي بعد أنْ توقفتُ عن الكتابة لأسباب ' جيبية وَقحط بنكي مجحف ' ؛ وقررتُ أن أهدأَ قليلا ، وأستريح . إذ أنَّ هذه الثورة كنت قد أعطيتها قدرَ جهدي ، وما قد كانَ في استطاعتي ، واجتهادي ؛ وقد أخذتني كثيراً عن نفسي ، وأهلي ، وبيتي ، وأصدقائي ، وهدأةِ روحي . فقلتُ أنْ قد آنَ لها أنْ تستريح . فلقد رأتْ عيني ما لا يُرِيْح ؛ فَتَقَذَّتْ . حتى لقد أفلستُ وأنا أجاهد في الشبكة العنكبوتية .

.. ورجعتُ لعادتي التي نصحني بها الطبيب . "شاهد أفلام مضحكة .. فأنتَ تعيشُ بنصف قلب ؛ والإبتعاد عن القلق ، والإجهاد النفسي ، مهم لصحتك " ! هكذا كان دائماً ينصحني .
وغالباً ما أهربُ إلى الجاحظ ؛ وإلى توم و جيري !!..
ب :
... حكي عن الجاحظ أنه قال :
( ألفتُ كتاباً في نوادرِ المعلمين ، ثم رجعتُ عن ذلك . وعزمتُ على تقطيعِ الكتاب . فدخلتُ يوماً مدينةً ، فوجدتُ فيها معلماً ؛ فسلمتُ عليه ، فرَدَّ علي أحسنَ ردٍّ ، ورحبَ بي ؛ فجلستُ عنده ، وباحثته في القرءآن ؛ فإذا هو ماهرٌ فيه . ثم فاتحته في الفقه ، والنحو ، وأشعار العرب ؛ فإذا هو كاملُ الأدب ..
.. فقلتُ في نفسي .. ' هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب ' . وكنت في صلةٍ مستمرةٍ بهذا المعلم . وكنتُ أترددُ اليه يأستمرار . ومرةً من الأيام لم أجده في الكُتابِ !
فسألتُ عنه ..
فقيلَ لي : " ماتَ له ميت ، وحزن عليه ، وجلس في بيته للعزاء "..
... فذهبتُ إليهِ في البيتِ ؛ للقيامِ بواجبِ العزاء . وعندما دخلتُ البيتَ ، قلتُ :
" أحسن الله عزاك . كل نفس ذائقه الموت . إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون . هذا الذي ماتَ أبوك "؟
فقال : " لا " .
فقلت : " أأمُّك " ؟
فقال : "لا " .
فقلت : " أأخوك " ؟
فقال : " لا " .
فقلت : " أزوجتك " ؟
فقال : " لا "
فقلت : " وَمَنْ هو منك " ؟!
فقال : " حبيبتي " !..
.. فقلتُ في نفسي :
" هذا أولُ المناحس " !!
قُلتُ له : " سبحانَ الله ! النساءُ كثير ؛ وستجد غيرها " !!
فقال : " أَوَتظن أني رأيتها " ؟!
.. فقلتُ في نفسي : " وهذه منحسةٌ ثانيه " !!
قلتُ له : " وكيف تعشقُ - عافاكَ الله - مَنْ لم ترَ " ؟!!
فقال : " إعلمْ أني كنتُ جالساً في هذا المكان ، وانا انظرُ من الطاق ؛ إذا برجلٍ على بِرْذَونٍ وهو يقول :
' يا أُمَّ عَمْرٍ جَزَاكِ اللهُ مَكْرُمَةً
رُدِّي عَلَيَّ فُؤآدِي أينَمَا كَانَا
لا تَأخُذِينَ فُؤآدِي تَلْعَبِينَ بِهِ
فَكيْفَ يَلْعَبُ بِالإنسَانِ إُنْسَانَا ' "
... فقلتُ في نفسي : " وهذه مَنْحَسَةٌ ثالثة ... فالفاعلُ منصوب ؛ فالشَّاعر يقول :
' أَلَسْتِ أَمْلَحُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ
يَا أَمْلَحَ النَّاسِ - كُلَّ النَّاسِ - إِنسَانا ' " !
.. والمُعلِّمُ يواصلُ حديثه عن أُمِّ عمروٍ :
" .. لَولا أنَّ أُمَّ عمروٍ هذه مافي الدنيا أحسن منها ؛ ما قِيلَ فيها هذا الشعر ؛ فعشقتها !.. فلما كانَ من يومين ؛ مرَّ ذلك الرجلُ بعينه ، وهو يقول :
' لَقَدْ ذَهَبَ الحِمارُ بِأُمِّ عَمْروٍ
فَلا رَجِعَتْ وَلا رَجَعَ الحِمَارُ '
فعلمتُ أنها ماتت ؛ فحزنتُ عليها ؛ وأغلقتُ كُتَّابِي ، وجلستُ في الدار !.. "
فقال الجاحظ :
" ياهذا .. إني قد ألَّفْتُ كتاباً في نوادرِ معشركم المعلمين ؛ وكنتُ حين صاحبتك عزمتُ على تمزيقِ الكتاب ؛ ولكن الآن قد قُويَتْ عزيمتي على كتابته ونشره ؛ وأولُ ماأبدأُ به أنتَ إنْ شاءَ الله " ! ) ..
فقبضَ صاحبُ الحمارِ ، والماءِ العذب ، قبضةً من حصا ، ثم ضربَ بها الأرضَ ، وقال : " لا تعلم أنكَ من المسرفين ، حتى تسمع بأخبار الرَّجُل الصَّالِح ". !..
2
"قيلَ لوازعٍ اليشكري :
" قُمْ فاصعدِ المنبرَ ؛ وتكلَّمْ " !..
فلما رأى جمعَ الناسِ ؛ حَصَرَ - لمْ يدرِ ما بفعل - فقال :
" لولا أنَّ امرأتي ، لعنها الله ، حملتني على إتيان الجمعة اليوم ما جمعت ، فأنا أُشْهدكمْ أنها مني طالق ثلاثاً "
قالَ الجمعُ :
" شتتَ اللهُ أهلك .. ألِهذا دعوناك "
3
ووجدَ مصعبُ بن حيان نفسه محرجاً ، في مثلِ هذا الموقف ؛ إذ دُعِيَ إلى خطبةِ نكاحٍ فحصرَ - أي لم يدرِ ما يقول - فقال:
" لقّنوا موتاكم قول لا إله إلا الله " !
فقالت أم الجارية ( العروس ) :
" عجّلَ اللهُ موتك.. ألهذا دعوناك " !
4
... ودونَ شعورٍ بالحرجِ ؛ تصرف خالدُ بن صفوان ، تصرفاً مشابهاً، فإن مولى له قال :
" زوّجني أمتَك فلانة " ..
قال : " زوجتكها " ..
قال : " أفأُدخلُ الحيَّ حتى يحضروا الخطبة "
فقال : " أدخلهم "
فلما دخلوا ؛ ابتدأ خالد فقال :
" أما بعد، فإنَّ اللهَ أجلُّ وأعزُّ من أن يذكرَ في نكاحِ هذين الكلبين ؛ وقد زوجنا هذه الفاعلة، مِنْ هذا إبن الفاعلة " !
5
والجاحظُ من خلال النكتةِ الساخرة، يطلعنا على ضروبٍ من السلوكِ البشري . إن ' هَبَنَّقَةَ ' وهو من مشاهير الحمقى ، أو المجانين العرب ؛ ولكن الساخرَ العظيم ، وضعَ يده وهو يوردُ أحدَ أخباره ، على حالةٍ نفسيةٍ حقيقيةٍ موجودة بيننا !
" وَهُمْ سمَّنوا كلباً ليأكلَ بعضهم
ولو ظفروا بالحزمِ ما سمنَ الكلبُ "
رَحِمَ اللهُ الجاحظ كأنَّهُ في اليمن !
وسامحونا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.