تواجه دول مجلس التعاون الخليجي خياراً صعباً وتحدياً حقيقياً مع تزايد الضغوطات الأمريكية والأوروبية الداعمة بقوة لليمن في حصولها على عضوية كاملة في المجلس مع نهاية العام الجاري. فقبول اليمن كعضو سابع في مجلس التعاون الخليجي يمثل بالنسبة لدول الخليج خياراً صعباً كما يمثل رفضه خياراً أصعب بالنسبة لها خاصة بعد أن أصبح هذا المطلب رغبة أمريكية وأوروبية لا تحتمل التأجيل، وهي الدول التي لا تزال تعتمد في أمنها بشكل كبير على أمريكا. فأمريكا التي نقلت طلباً يمنياً إلى دول الخليج في يونيو الماضي للحصول على عضوية كاملة في المجلس لم تكتف بدور الوسيط فقط بل بدأت ومنذ وقت ليس بالبعيد بممارسة ضغوطات على دول الخليج للقبول بذلك الطلب في محاولة منها لربط الحرب ضد القاعدة بمزايا اقتصادية ملموسة لصالح أفقر بلد في الوطن العربي، كما ذكر (جيمس دورسي) في تقرير نشرته نشرة (السياسة العالمية) وهي نشرة أمريكية تهتم بالسياسية الخارجية. ويرجح الباحث الأمريكي "دورسي" أن يكون الزواج السياسي بين دول الخليج و اليمن صعبا لدول مجلس التعاون الخليجي، لأن إقناعها بعضوية اليمن يتطلب من الحكومة اليمنية أن تعمل على تحسين الوضع الأمني وتضيق الفجوة الاقتصادية مع دول الخليج والتقليل من إدمان أغلب اليمنيين على تعاطي نبتة القات التي تصنف من قبل منظمة الصحة العالمية على أنه مخدر. وقال دورسي إن اهتمام دول مجلس التعاون القوي في ضمان الاستقرار في اليمن إلى جانب اعتماد الخليج في أمنها على الولاياتالمتحدة – وبمستوى أقل على أوربا – يعمل لصالح تجاوز دول مجلس التعاون الخليجي لرفضها المتكرر لطموحات اليمن، مؤكدا بأن تبني الأميركيين والأوربيين للطلب سيجعل القادة الخليجيين يردون بشكل أفضل في قمتهم السنوية في ديسمبر القادم بأبوظبي. وفيما ربط الباحث الأمريكي الضغوطات الأمريكية الأوروبية على دول الخليج التي كشفتها نشرة (السياسة العالمية) بتزايد عدد الهجمات الإرهابية في اليمن على دبلوماسيين أجانب ويمنيين، اعتبر تلك الهجمات الإرهابية التي يقف وراءها تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية مصدر تهديد بالنسبة لكثير من دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها السعودية المهددة أيضاً بحروب الحكومة اليمنية المتكررة مع المتمردين الحوثيين في الشمال (صعدة) وحربها مع الانفصاليين في الجنوب. وهو ما ذهب إليه الباحث البريطاني (كريستيان كوتس إيلريتشسين) الذي أكد أن استقرار اليمن مصلحة أساسية لدول مجلس التعاون الخليجي لأن مشاكل البلد قد تنذر بظهور مشاكل في أماكن أخرى في الخليج." وشبه الباحث في كلية لندن للاقتصاد "كوتس" اليمن كطائر الكناري في منجم فحم، مؤكدا في السياق ذاته أن فشل اليمن في تطوير شرعية سياسية و بناء اقتصاد متطور وفعال لا يعتمد على النفط، تحديات ماثلة تهدد مستقبل الوطن وشرعية النظام الذي قال إنه يواجه سخطاً سياسيا واجتماعيا في الشمال والجنوب، لافتاً إلى إن انشقاقات مشابهة و نماذج لعدم المساواة في الحصول على الموارد توجد في دول الخليج ويمكن أن تصبح أدوات نقل الصراع في المستقبل. كوتس الذي قال إن الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا تشاركان مجلس التعاون الخليجي الهموم بشأن حاجة اليمن للحكم الجيد، أكد بأن استئناف مجلس التعاون الخليجي مسؤوليته في مساعدة اليمن وضمان استخدام تلك المعونات التنموية بطرق صحيحة سيكون له ميزة إضافية تتمثل في التركيز الخليجي على قضايا الشفافية داخل مجلس التعاون الخليجي نفسه. وكان الخليجيون قد تحفظوا على مليارات الدولارات كانوا قد التزموا بها كمساعدات لليمن بسبب التخوفات من عدم قدرة البلد على استيعاب الأموال، إضافة إلى تفشي الفساد داخل البلد. وعوضا عن منح اليمن العضوية الكاملة بمجلس التعاون الخليجي، توقع الباحث الأمريكي "جيمس دورسي" أن تبحث دول المجلس عن وسائل أخرى لتحسين تطلعات اليمنيين قبل أن تفكر في قبول العضوية، كأن تناقش دول المجلس مثلاً السماح للعمال اليمنيين بالعودة، ومنح اليمنيين حق الحصول على التدريب المهني والفني المتاح للخليجيين، والاتجاه نحو تمول برامج توفير الأعمال في اليمن، لافتاً في السياق ذاته إلى أن وفد سعودي زار اليمن مؤخرا كجزء من مشروع لتطوير برامج تعليمية يمنية وإعداد مدربين يمنيين ومساعدة الحكومة على إيجاد لوائح ونظم للمعهد التقني اليمني العالي، والذي يمول من بنك التنمية الإسلامي وكوريا الشمالي.