تعد مدينة بوردو جنوب غرب فرنسا من المدن الأشهر عالمياً، بين المدن الفرنسية، وبعد باريس مباشرة ، هذه الشهرة التي تحملها إلى كافة أنحاء العالم، لم تأت من زراعة الدالية فقط التي تشتهر بها المدينة، بل هي آتية من تاريخ طويل تمتلكه المدينة. ويشكل لها مادة تفتخر بها طوال الوقت. تقع المدينة على الساحل الجنوبي لنهر جيروند الكبير الذي كانت تختبىء السفن المسافرة فيه قبل عدة قرون اتقاء لحالات (النو) الخطيرة التي تصيب المحيط الأطلسي في أيام الشتاء، ما حول المنطقة إلى ميناء مهم على الضفة الشرقية للأطلسي. وهي في السابق كانت منطقة ممتلئة بالمستنقعات التي لم يزل بعض منها بالقرب من المدينة لغاية اليوم. وقد ساهمت هذه المستنقعات بعد استصلاح الأراضي بتحويلها إلى أكثر الأراضي خصوبة في فرنسا، خاصة في زراعة الكرمة، التي يعيش على جزء منها الاقتصاد الفرنسي. تمتلك بوردو كما غيرها من المدن الفرنسية، علماً خاصا بها، يرمز فيما يرمز إلى تاريخها الملكي، إضافة إلى تاريخ وجود النبلاء فيها. وهي إضافة لذلك من المناطق التي تمتلك أكبر عدد من قصور النبلاء والملوك الذين تعاقبوا على حكم فرنسا. وتعد منطقة سانت إيميليون في إقليم جيروند من المناطق الغنية جداً في فرنسا لما تمثله زراعة الكرمة فيها من أهمية. وأيضا بما تحتوي عليه من قصور فارهة وكثيرة في الوقت عينه يعود تاريخ المدينة القريب إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وكانت في ذلك العهد تعرف باسم Burdigala باللغة اللاتينية. وهي كلمة تعني المشردين بالعربية، حيث يقال إن المنطقة في ذلك الوقت كانت تستقبل العديد من أفراد شعب الغال الذين هم المرجع العرقي للفرنسيين اليوم. حيث كان هؤلاء يأتون من مقاطعة بورجيه Bourges التي كانت تخضع لحكم قاس لا يرحم في ذلك الوقت. تعرضت بوردو في تاريخها للعديد من الغزوات عبر تاريخها ، وتزدهر فيها التجارة رغم أن ميناءها لم يعد مفتوحاً أمام السفن التجارية الكبيرة، بل فقط أمام سفن السياحة المتوسطة والكبيرة في بعض الأحيان. لكنها تضم عددا من الشركات الكبرى والأسواق التاريخية الكبيرة مثل شارع سانت كاثرين الذي يمتد على مسافة كيلو متر ومائتي متر، وهو مخصص للمشاة منذ القرن السابع عشر، ويعتبر أطول سوق للمشاة في أوروبا كلها. ومن اللافت أن بداية هذا الشارع تبدأ بعدد من المطاعم البسيطة التي تقدم وجبات خفيفة للمتسوقين بينها ثلاثة مطاعم لبنانية. ويبدأ الشارع من ساحة ( قوس النصر ) الشهيرة في وسط بوردو التي يتوسطها عمود يشبه المسلات الفرعونية، هو الباقي من زمن سابق، وأيضاً تتوسطها سلحفاة نحاسية كبيرة وأخرى صغيرة هي بمثابة الابن، ثم يتم الدخول إلى الشارع عبر البوابة التي ما زالت هنا منذ القرن السابع، حتى ينتهي مع دار الأوبرا الكبيرة جداً في بوردو والأكثر نشاطاً في منطقة جنوب غرب فرنسا.