خرج عشرات الآلاف في شوارع العاصمة البلجيكية بروكسل احتجاجا على البقاء أشهرا دون حكومة، وطالبوا السياسيين بتنحية خلافاتهم لوضع حد لأطول أزمة سياسية تشهدها البلاد. وقال منظمو الاحتجاج الذي رفع شعار «يا للعار، لا حكومة في بلد عظيم» إن حوالي خمسين ألف شخص انضموا إلى المسيرة بينما قدرت الشرطة أن عددهم 34 ألفا. وارتدى بعض المحتجين ملابس بيضا في محاكاة «للمسيرة البيضاء» عام 1996 التي شارك فيها ثلاثمائة ألف بلجيكي للمطالبة بحماية أفضل للأطفال عقب اعتقال السفاح قاتل الأطفال مارك ديترو. وأكد المنظمون أن هذه المسيرة ليست حزبية على الإطلاق، وإنما تطالب بتشكيل حكومة دون أن تتخذ أي موقف بشأن إمكانية انفصال البلاد بين إقليمي «الفلاندرز» الناطق بالهولندية و«الوالونيا» الناطق بالفرنسية. وتفتقد بلجيكا لوجود حكومة منتخبة منذ الانتخابات التي أجريت قبل 224 يوما، ويتوقع أن تستمر هذه الأزمة بسبب الخلافات بين السياسيين على تقسيم مقاعد حكومة مركزية بين مناطق البلاد في «الفلاندرز» و«الوالونيا». ووصفت احتجاجات أمس بأنها «لا تدعو للاتحاد ولا الانفصال»، ولذا فإن المنظمين أبلغوا المحتجين بأن إظهار العلم البلجيكي «مسموح به لكنه ليس مستحبا»، بيد أن العديد من المتظاهرين رفعوا شعارات منددة بالانفصال. وفي المقابل أطلقت مجموعة من خمسة بلجيكيين مبادرة بعنوان «يا للعار» تدعو إلى التظاهر والاحتجاج على عجز السياسيين عن تسوية الأزمة السياسية. وبث الموقع الإلكتروني الذي أنشأه القائمون على هذه المبادرة مناشدة جاء فيها «نريد (تنصيب) حكومة، و(فتح) حوار مفتوح وصادق بين زعماء كافة الأحزاب، الفلمنك والفرانكوفون، وفي أسرع وقت ممكن». وتزايدت الأزمات السياسية في بلجيكا تعقيدا بصورة تستعصي على الحل في الوقت الذي تطالب فيه الأحزاب المتشددة من «الفلاندرز» الأكثر ثراء بمزيد من الحكم الذاتي لإقليمهم بهدف تقليص الدعم لإقليم «الوالونيا» الأكثر فقرا. وبدا أن نجاح احتجاجات يمثل إشارة إلى استيقاظ الوعي الشعبي من جديد وإدراكه لحجم الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. وخلال الأزمة السابقة التي أعقبت الانتخابات عام 2007، خرج 35 ألف شخص إلى الشوارع تأييدا لوحدة بلجيكا. وتتولى حكومة لتصريف الأعمال إدارة بلجيكا منذ الانتخابات البرلمانية التي أجريت في يونيو2010 ولم تسفر عن نتائج حاسمة. ويحذر خبراء اقتصاد من أن عدم وجود حكومة كاملة السلطات يعني أن بلجيكا لا تستطيع إجراء الإصلاحات المطلوبة للسيطرة على ديونها الثقيلة وهو ما يدفع المستثمرين للتساؤل عن ما إن كانت البلاد ستحتاج في آخر المطاف إلى إجراءات إنقاذ؟