ارتفع عدد المشاريع التنموية في بلادنا منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حين تولى فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئاسة الدولة وشهدت هذه المرحلة نهضة شاملة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكان ناتج ذلك إنشاء مصنع اسمنت عمران الذي تم افتتاحه في عام 1982، بطاقة إنتاجية 500 ألف طن في العام لسد الاحتياج المتزايد إلى مادة الاسمنت. وقال مدير عام مصنع إسمنت عمران خالد المقدمي في لقاء أجرته معه صحيفة 14 أكتوبر أن إنتاج المصنع يبلغ حاليا مليوناً و خمسمئة ألف طن سنويا، بعد أن تم استحداث خط إنتاجي جديد بطاقة مليون طن سنويا، مؤكداً أن عائدات المصنع تبلغ 105 ملايين دولار و أن ذلك يفتح فرص عمل للمئات من أبناء المحافظة إلى جانب توفير العملات الصعبة التي كانت ستهدر نتيجة لاستيراد الاسمنت. و أوضح خلال اللقاء أن نشاط المصنع ونجاحه أسهم في تحقيق أرباح لرفد خزينة الدولة من خلال الخط الإنتاجي الأول ومن ضمن ثمار هذا النجاح إنشاء خط إنتاجي ثانٍ بتمويل ذاتي من الخط الأول من المخصصات الاحتياطية والقانونية بطاقة إنتاجية تقدر بمليون طن من الأسمنت تكلفة تقدر 160 مليون دولار موضحاً أن المصنع حقق فعلياً انجاز عظيماً من خلال إنتاجه لمادة الأسمنت بمواصفات عالمية وتفوق في جودتها المعايير العالمية وبها اشتهرت في اليمن صناعة الاسمنت. وتطرق خالد المقدمي إلى موضوع الإستراتيجية التي يدار بها المصنع من قبل المؤسسة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت موضحاً أنها تمتلك سياسة وبيئة جديدة لصناعة الاسمنت، إذ كان سابقا لا يوجد تنافس نتيجة لاستيراده من الخارج، أما اليوم فتتواجد في الساحة ثلاثة مصانع تقريبا بدأت بالإنتاج، ومصانع أخرى قيد التنفيذ. وأكد أن "ذلك يحفزنا على العمل في تطوير أدائنا لتحسين مستوى الإنتاج من خلال التركيز على سياسة تسويق جديدة لتوصيل المنتج إلى كل محافظات الجمهورية". وأضاف أن المصنع "يقوم بتذليل الصعاب وإيجاد طرق للتخفيف من القيود التي كانت تواجه الموزعين، وقمنا بتطويرها في الوقت الراهن، والآن نمنح حافزا سنويا عن الكميات التي يقوم بتوزيعها الموزعون، وسنهتم بكل ما يخدم العملية التسويقية، وكل ما من شأنه مواكبة العمليات الاقتصادية والتسويقية الجيّدة. استخدام المازوت والكلفة العالية وأوضح ألمقدمي أن دخول القطاع الخاص منافسا قويا من حيث البيع والتوزيع لعب دوراً ايجابياً في الحفاظ على الجودة، ولا شك في أن لذلك تأثيرا مباشرا على المستهلك الذي سيستفيد من هذه المنافسة، سواء من حيث جودة المنتج أو فيما يتعلق بالأسعار موضحاً أن القطاع الخاص قام بتخفيض أسعار منتجاته إلى مستويات متوسطة و قد يتأثر المصنع إذا خفض القطاع الخاص أسعاره في حالات نادرة، ولا نستطيع أن ننكر أن القطاع الخاص قد سحب جزءا من المستهلكين وسيجد لمنتجاته إقبالا. لافتاً إلى أن" ما يميّزنا في مصنع الاسمنت ثقة المستهلك وجودة الاسمنت العمراني". وأضاف مدير المصنع في حديثه أن كلفة التصنيع عالية جدا؛ بسبب استخدام المازوت، حيث أصبح يكلفنا تقريبا حوالي 50 بالمائة من كلفة المنتج، بينما القطاع الخاص يستخدم الفحم وهو أقل كلفة مؤكداً انه من خلال المقارنة سنجد أن القطاع الخاص يوفّر 50 بالمائة من إجمالي تكاليفنا على المازوت، وذلك باستخدام الفحم. توفيرفرص عمل وقال خالد ألمقدمي في حديثه عن الكوادر التي تدير مصنع اسمنت عمران عدد العاملين في المصنع وصل إلى أكثر من ألف و540 موظفا وعاملا ومهندسا وفنيا وحرفيا، فضلا عن الآلاف من العاملين بصورة غير مباشرة مثل السائقين والموزعين وسائقي الناقلات وعمال التحميل والترحيل وعمال البناء والتشييد، فالمصنع خلق فرص عمل كبيرة جدا، سواء داخله أو خارجه، إلى جانب تنشيط العملية الاقتصادية بشكل عام، وخلق فرص عمل في كثير من المشاريع الخاصة والعامة، كما أن توفّر مادة الأسمنت يلعب دورا كبيرا في توفير فرص عمل للعمالة المحلية مؤكداً أن عمال المصنع ذوو كفاءة عالية وخبرة طويلة تعتبر أحد مصادر القُوة والمزايا التي يتمتع بها مصنع اسمنت عمران اليوم مؤكداً أن المصنع يقدم الكثير من المزايا للعمال، تبدأ من الراتب الجيد مقارنة بالقطاع الحكومي الآخر، إلى جانب أن هناك حوافز يتم صرفها شهريا للعاملين، وصرف المكافآت بين فترة وأخرى، وبصورة دورية، مقابل الأعمال، وتحقيق الإنتاج بحسب المخطط، وكل أعمال يتم إنتاجها في فترة قياسية، وحين يتم تحقيق أي وفر أو ربح من خلال هذا الإنجاز، يتم صرف المكافآت بصورة مجزية. واستمر خالد المقدمي في حديثه وقال إن المصنع يقدم الرعاية الطبية والصحية للعاملين إلى جانب تميز موظفيه عن القطاع الخاص بالراتب التقاعدي، وهذه ميزة يتميز بها موظف القطاع الحكومي عن القطاع الخاص مشيراً إلى أن الإدارة تقوم دائماً بدعم العمال من خلال صرف راتب شهر ونصف إذا تجاوز المصنع المخطط له من الإنتاج وكذا في شهر رمضان، وصرف مبلغ مجزٍ في حالة الإصابة و التقاعد إلى جانب مبلغ التأمين للمتوفى، الذي يصل إلى ثلاثة ملايين ريال. واختتم مدير مصنع الاسمنت حديثه أن المصنع لا يواجه صعوبات تشكل خوفاً لكن من أهم التحديات أمام المصنع ارتفاع تكاليف المازوت، وكذا ما سنواجهه مستقبلا من دخول القطاع الخاص في المنافسة في مجال الأسمنت، وهذا بالتالي سيؤثّر نسبيا في سحب حصة المصنع من المستهلك. وأضاف: أما على المستوى الخارجي فلا شك في أن المصنع مرتبط بالعملية الاقتصادية العالمية، ولا شك في أن الأزمة أثرت على حجم المشاريع الاستثمارية في البلد بشكل نسبي.