الديمقراطية نظام سياسي يقوم على حكم الشعب نفسه بنفسه وقوام هذه الديمقراطية الحرية والمساواة والمشاركة الجماعية في الحكم عن طريق التمثيل وإبداء الرأي والمعارضة والاحتجاج والتظاهر السلمي بصورة رسمية أو غير رسمية، وحرية الصحافة وجه من وجوه هذه الديمقراطية و كذلك التعددية الحزبية والديمقراطية وسيلة من وسائل التبادل السلمي للسلطة. مادفع كاتب هذه المقالة إلى إعادة التذكير بتعريف الديمقراطية التقليدي ، جملة وردت في كلمة الأخ الرئيس المتلفزة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة ومعه كبار رجالات الدولة في جامع النهدين بالرئاسة ، تلك الجملة الجديرة بالذكر هنا والتي كانت موعظة ونصيحة لمن دبروا ذلك العمل الإجرامي مستغلين مساحة الحرية والديمقراطية الناشئة التي تعيشها بلادنا بفهمهم الخاطئ لها من خلال قطعهم الطريق وإقلاق السكينة والأمن وقطع المشتقات النفطية وضرورات الحياة وتأزيم الوضع ورفع السلاح في وجه القائمين بحفظ النظام والقانون وسيادة وهيبة الدولة، والتمرد غير المشروع وخلق حالة من عدم الاستقرار داخل البلاد وإشاعة الفوضى التخريب وتعطيل الخدمات والمرافق وتناسوا أن حرية الإنسان تنتهي وتتوقف عندما تمس حرية الآخرين وتؤثر على السلم الاجتماعي وتنتهك أرواح وأعراض الناس وتسلبهم أموالهم وممتلكاتهم وتخرب وتدمر وتسلب الممتلكات العامة التي هي ملك الشعب.. كأن الأخ الرئيس في موعظته المؤثرة تلك أراد أن يقول لمن يستغل الديمقراطية استغلالاً خاطئاً ما هكذا تورد الإبل في الممارسة الديمقراطية لأنها ليست ديمقراطية مطلقة لمدينة فاضلة في السماء بل ديمقراطية منضبطة بضوابط وأعراف وتقاليد مسؤولة ومعروفة لدى كافة الدول المتحضرة والمتقدمة التي تنتهج هذا النهج من الديمقراطيات العريقة، لأن الديمقراطية المطلقة والحرية المطلقة كالمفسدة المطلقة وكالفوضى العبثية، والذي لم يتدرب على الديمقراطية يسيء فهمها وممارستها خاصة الفرد الذي عاش وتربى تربية قائمة على القمع والقهر والكبت والضغط والتلقين والحرمان من أبسط صور التعبير عن النفس المستقلة والمتحررة من كل العقد الاجتماعية ولم تتح له فرصة المبادرة عن طريق الخطأ والصواب والمشاركة الجماعية. ومع ذلك فإن شعبنا اليمني قد قطع شوطاً تجاوز العقدين من الزمن في ممارسة الديمقراطية منذ بداية الوحدة وحتى اليوم، والذي لم يعود نفسه على ممارسة هذه الديمقراطية ويكره هذه الممارسة سيكون بمثابة حجر عثرة أمام عجلة التنمية والتغيير والتطوير وسيتجاوزه الزمن وسيجد نفسه يراوح في مكانه محنطاً ومنبوذاً من قبل الجميع لأنه لم ينظر الى الأمام والى المستقبل المشرق ويغير من نفسه إذا أراد أن يتغير حاله الى الأحسن مصداقاً لقول الله عز وجل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ويبدأ التغيير عن طريق الحوار الإنساني السلمي والحضاري لا حوار البنادق والرصاص او حوار لغة الغاب القائمة والمعتمدة على العض والرفس والنطح وافتراس الحيوان الكبير للصغير. ختاماً فإن نصيحة الأخ الرئيس وموعظته تريد أن تقول لمن سولت له نفسه قتل أخيه المؤمن والمسلم الذي كان يؤدي فريضة الصلاة في بيت من بيوت الله وفي شهر من الأشهر الحرم بأن محاولة قتل النفس التي حرم الله أو محاولة تصفيتها واغتيالها جسدياً لن تنجو من عقاب الله وأن هذا السلوك لا تقره المبادئ والأخلاق ومناف لما جاءت به الأديان السماوية والقوانين والاعراف الانسانية السامية وليس من الديمقراطية المتحضرة في شيء ولا من سلوكها بل هو سلوك جماعة إرهابية متطرفة ومنحرفة تحمل فكراً كسيحاً وشمولياً وإقصائياً شريراً وعقليات مريضة وحاقدة تكره الأمن والسلام والاستقرار وتكره الحياة والحرية وتحب الموت والعدم .فلا نامت أعين الجبناء.