لشهر رمضان المبارك مكانته العظيمة عند المسلمين.. مكانة تزدهي بها النفوس وتسمو بها الروح وترتاح إليها الأفئدة.. ويأتي شهر رمضان الفضيل من كل عام بخصوصية متفردة.. خصوصية في عبادة وطاعة الخالق عزّ وجل، وخصوصية في وجبات الصائمين واشتهاءاتهم، دون غيره من أشهر العام.. وجبات إفطار نتلذذ بمذاقها وقبل ذلك تزهو بإعدادها ربات البيوت ومعامل ومصانع متخصصة ولاسيما تلك الوجبات التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بإفطار الصائم وأهمها وجبة "السنبوسة"، التي يحرص الصائم على حضورها في مائدة الإفطار بل وتقديمها على غيرها من الأطعمة الخفيفة. "السنبوسة" تلك التي أخذ شكلها بالثبات فيما تعددت أساليب إعدادها وتنوعت مكوناتها لتلبي كافة الأذواق.. السنبوسة ذات الشعبية الواسعة تشير الروايات إلى أن بداية وصولها إلى اليمن كان عبر مدينة عدن حينما كانت مستعمرة بريطانية وذلك عن طريق التجار الهنود عندما كانت الهند ضمن المستعمرة البريطانية ثم حظيت هذه الوجبة برغبة العدنيين. وتعيد تلك الروايات صحة ما ذهبت إليه إلى كون هذه الوجبة تنتمي إلى الأسر الراقية والمتحضرة وعدن من المدن العربية المتميزة في رقيها وحضارتها التي اكتسبتها من موقعها الجغرافي المهم، فكانت هي المدينة الأقدر على استقبال "السنبوسة" والاحتفاظ بها كإحدى الوجبات المتفردة بمذاقها، بل زادوا في تطويرها والتفنن بإعدادها بما يلبي الذوق الراقي لأبناء عدن. السنبوسة والعدني في صنعاء تحتل السنبوسة في مدينة صنعاء "أمانة العاصمة" اهتماما واسعا من كل الشرائح خاصة في شهر رمضان، حيث صار من غير المنطقي والمقبول لدى أبناء المدينة غياب هذه الوجبة الخفيفة عن موائد إفطارهم.. هذا الحرص يعود إلى مطلع السبعينات عندما انتقل المناضل المرحوم الحاج حميد هواش الملقب "بالعدني" من مدينة عدن إلى مدينة صنعاء وقام بخبرته في صناعة الحلويات والسنبوسة التي اشتهر بها في عدن بافتتاح محل العدني لإنتاج الحلويات والسنبوسة في وسط العاصمة صنعاء وعمل على كسب ثقة المواطنين بما يقدمه من منتجات ذات جودة عالية وقبل ذلك تعامله الراقي واستطاع - بأخلاقه وأمانته وشغفه بصنعاء وأهلها - كسب حب مواطني صنعاء حين كان في ذلك الحين ينظر إلى الوافدين من المناطق والمحافظات الجنوبية بكثير من الشك والريبة نظرا للصراع الذي كان قائما بين نظامي الشمال والجنوب إلا أن الحاج حميد هواش تمكن من تغيير هذه النظرة واستطاع بتعامله النبيل نيل حب واحترام الجميع فكان أول التجار العدنيين الذين سكنوا صنعاء وارتبطوا بعلاقة فوق الجيدة مع أبنائها ولذا أطلق على معمله محل "العدني للحلويات والسنبوسة" وبذلك كان الحاج حميد أول من كسر حاجز الفرقة بين أبناء الوطن الواحد. إقبال كثيف وأسعار معقولة وبالعودة إلى "السنبوسة" ومستوى الإقبال عليها يقول مروان حميد هواش العدني: (لاشك في أنك تشاهد الإقبال الكثيف على السنبوسة وبقية الوجبات الخفيفة التي نقدمها للمواطنين كوجبات إفطار في شهر رمضان الفضيل حيث استطعنا مواصلة جهودنا في كسب ثقة المواطنين من زبائننا الذين يفضلون شراء وجبات الإفطار من محلات "العدني). نعم.. مشاهد الازدحام على السمبوسة في هذا المحل ترسم في اللحظات التي تسبق الإفطار لوحة جميلة بألوان البهجة والفرحة التي يعيشها الصائم بكل اشتهاءاته لموعد مائدة الإفطار حيث تكون "السمبوسة" هي المتسيدة على الأطعمة الأخرى. وحول حجم الإقبال على طلب "السمبوسة" لاسيما هذا العام، الذي صاحبه ارتفاع كبير بل ومخيف في أسعار المواد الغذائية.. أسعار أنهكت المواطن وأجهضت رغبة الحصول على كثير مما اعتاد عليه في هذا الشهر الكريم، يشير مروان إلى أن الإقبال على "السنبوسة" و"الباجية" وغيرها لم يزل جيداً رغم ارتفاع أسعار مكوناتها هذا العام وارتفاع أجور العمال وكثير من المتطلبات وهو ارتفاع يزيد على الضعف ولكن كان أمامنا سؤال: بكم نشتري مكونات تلك الوجبات وبكم نبيع لزبائننا..؟ ويواصل مروان حديثه: فعملنا على إرضاء زبائننا مهما كلف الأمر ويضيف: ولذلك فالإقبال كبير والحمد لله ولكنه أقل من العام الماضي نظرا لضعف القدرة الشرائية للمواطن ولهذا نحن عملنا على مراعاة تلك الظروف، وحددنا له سعراً مناسبا، مقدراً حجم البيع من قطع السنبوسة بعشرات الآلاف يوميا.بالإضافة إلى إنتاج الرقائق.مؤكدا التزام "محل العدني للحوليات والسمبوسة" بالجودة والمواصفات النوعية والعالية التي تعمق ثقة الزبائن بمنتجاته وهي ثقة وشهرة تمتد الى السبعينات. تميز علي مبارك (مواطن) يفضل الإفطار بالسنبوسة دون غيرها حيث وجدناه قد تمكن من الحصول على قطع السمبوسة من محل "العدني" بعد عناء الزحام وصراخ الزبائن الراغبين بشراء هذه الوجبة من محل "العدني".. وبعد أن استعاد علي أنفاسه سألناه: ما الذي يجعلك تفضل السمبوسة من هذا المحل وليس من غيره من المحال المنتشرة في أرجاء العاصمة؟ فرد بكلمة فيها من الرضا والشغف للسنبوسة ولمحل "العدني" بقوله:" لا أخفي عنك أن سنبوسة العدني متميزة وذات جودة مقارنة بغيره من أماكن البيع المشابهة خاصة وان الأسعار هذه السنة تضاعفت إلى أكثر من ضعف ما كانت عليه العام الماضي. بالآلاف الأخ مروان يوضح أن الإقبال يكون على "السنبوسة" التي تحتل المرتبة الأولى ومن ثم الباجية والكاتلكس وغيرها، وعن أنواع السنبوسة يشير إلى : المحشوة بالدقة "اللحم المفروم" والتونة والبطاطا والبصل وغيرها من المكونات التي يختارها الصائم. ويوضح العدني أنه تم هذا العام عدم قبول عدد من الطلبات التي كان يوفرها في الأعوام الماضية لكثير من المؤسسات الرسمية والخاصة والمنازل والمحال التجارية نظرا لارتفاع أسعار مكونات السنبوسة.. وقال:ومع ذلك فلا زالت الكثير من الطلبات تصل إلينا مباشرة أوعبر موقعنا في الفيس بوك. وتبقى السنبوسة عنوانا فرائحياً يزدهي به الصائم حين يفطر . صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وإفطاراً شهياً.