نعيش هذه الايام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك شهر رمضان شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن شهر العتق من النار والغفران شهر الصدقات والإحسان شهر تفتح فيه أبواب الجنات وتضاعف فيه الحسنات شهر تجاب فيه الدعوات ويجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات وشهر فيه ليلة القدر التي شرفها الله على غيرها من الليالي الرمضانية والتي يفصل فيها كل أمر حكيم من الأرزاق والآجال والخير والشر وهي ليلة شريفة عظيمة من أعظم ليالي العام فيها يفيض الرب عز وجل على عباده وتتنزل عليهم الرحمات والنفحات الروحانية وهي ليلة من قامها إيمانا واحتسابا غفر له الله ماتقدم من ذنبه ومن حرم خيرها فقد حرم الخير كله. فعن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله !ولا يحرم خيرها إلا محروم) وقال مالك : بلغني أن رسول الله صلى عليه وسلم أري أعمارمن قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته الايبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر. فضائل ليلة القدر - أن الله انزل فيها القرآن الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة. مايدل عليه الاستفهام من التفخيم والتعظيم في قوله (وما أدراك ما ليلة القدر) - أنها خير من ألف شهره - أن الملائكة تتنزل فيها وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة. - أن الله انزل في فضلها سورة كاملة وهي سورة القدر تتلى إلى يوم القيامة. قال تعالى:)إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) ولاتختص ليلة القدر بليلة معينة في الشهر لجميع الأعوام بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين وفي عام آخر ليلة خمس وعشرين تبعا لمشيئة الله وحكمته ولهذا أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله وثوابا وأخفاها اختبارا لهم أيضا ليتبين بذلك الجاد في طلبها الحريص عليها ممن كان كسلان متهاونا فان من حرص على شيء حريصا في طلبه وهان عليه التعب في سبيل الوصول إليه والظفر به وربما يظهر الله علمها لبعض العباد بإمارات وعلامات يراها. ليلة القدر يفتح فيها الباب ويقرب فيها الأحباب ويسمع الخطاب ويرد الجواب ويكتب للعاملين فيها عظيم الأجر.