أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة أمس أن أول مئتي يوم في حكم الرئيس المصري المنتمي إلى الإخوان المسلمين محمد مرسي سجلت رقما قياسيا في ملاحقة الإعلاميين والصحفيين «بزعم إهانة الرئيس» بما يزيد على ما شهدته مصر طوال أكثر من 115 عاما. وقال التقرير الذي حمل عنوان (جريمة إهانة الرئيس.. جريمة نظام مستبد) إن نصف عام من حكم مرسي الذي تولى المنصب في نهاية شهر يونيو عام 2012 شهد 24 قضية وبلاغا عن «اتهام بإهانة الرئيس» مقابل 14 قضية من هذا النوع منذ بدء العمل بالمادة التي تجرم إهانة الحاكم عام 1897. وسجل التقرير أن هذه القضايا في عهد مرسي تزيد على أربعة أضعاف ما شهدته مدة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك على مدى 30 عاما وتساوي 24 ضعف عدد القضايا في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات الذي اغتاله متشددون إسلاميون عام 1981. وسجل التقرير أن هذه المادة استخدمت للمرة الأولى لإدانة الصحفي المصري أحمد حلمي (1936-1875) في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني الذي حكم البلاد بين عامي 1892 و1914. وحكم على حلمي -وهو جد الشاعر صلاح جاهين- في ابريل 1909 بالسجن عشرة أشهر وتعطيل جريدته (القطر المصري) ستة أشهر لاتهامه بإهانة الذات الخديوية حيث كتب مقالا عنوانه (مصر للمصريين) انتقد فيه الخديوي. وقال التقرير إن عدد هذه القضايا في عهد مرسي «لم يبلغه أي رئيس أو ملك مصري منذ استحداث هذا الاتهام الفضفاض الذي نبذته كل الدول الديمقراطية في العالم» وبعد مرسي جاء الملك فاروق الذي حكم بين عامي 1936 و1952 إذ بلغ عدد قضايا إهانة الذات الملكية في عهده سبع قضايا ويليه مبارك بعدد أربع قضايا ضمت ستة متهمين ثم عباس حلمي الثاني الذي شهد حكمه ثلاث قضايا. وكانت الحكومة الأميركية قد أصدرت بياناً شديد اللهجة، أبدت فيه قلقها من تقييد الحكومة المصرية حرية وسائل الإعلام والانتقاد، وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فى تصريحات رسمية: «أحد الجوانب الأساسية للديمقراطية السليمة هو أن يتمكن الناس من انتقاد حكومتهم، وأن تكون هناك صحافة حرة لا تتعرض للملاحقة القضائية، لذلك نعارض بشدة فرض أي قيود قانونية على حرية التعبير، ونحث الحكومة المصرية على احترامها كواحدة من الحقوق العالمية». ومن جانبه، انتقد «إليوت أبرامز»، المحلل الأمريكى، مسئول ملف الشرق الأوسط فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، فى مقال على موقع المجلس، تزايدَ ملاحقات الإعلاميين والصحفيين منذ تولي الدكتور محمد مرسي السلطة، ما يجعل النظام المصري الإخوانى يبدو كأنه يسير على خطى «مبارك» إلى حكم سلطوي جديد، فى حين أن أمريكا إما صامتة أو مكتفية بعبارات غير مجدية، وكذلك الاتحاد الأوروبي. متسائلاً: «إن (مرسي) يكرر «الحالة المباركية»؛ فهل نتجاهل انتهاكات النظام الحاكم لحقوق الإنسان في مصر، فقط لأن الحكومة تتبع نهجاً مقبولاً في السياسة الخارجية؟». واعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، التحقيق مع الطبيب والإعلامي باسم يوسف إشارة جديدة إلى أن «مصر في عهد (مرسي) ربما لا تكون ديمقراطية كما كان يأمل شباب الثورة». فيما رأت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن التحقيق معه يأتي في وقت يخاف المصريون من فشل الدستور الجديد في حماية حرية التعبير. إلى ذلك طالب الشيخ محمد علي الشربينى، القيادى السلفى، الرئيس مرسي بأن يعلم الإعلاميين والصحفيين «الأدب»، خصوصاً من سبوه وخاضوا في عرضه، وقال خلال مؤتمر «معا لبناء مصر»، الذي نظمته الجمعية الشرعية بالمنصورة: «من يتحدث منهم يقول إنه معارض، يخالف الإسلام، لأن كلامهم لو من باب النصيحة فكان يجب أن يكون في السر، وليس في الفضائيات». من جانبها طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بإلغاء الحبس للصحفيين في قضايا النشر والاكتفاء بالغرامة المالية، وإصدار ميثاق إعلامي ينظم أداء الإعلام، وإعداد مدونات سلوك للعمل الصحفي والإعلامي.