قررت تركيا تعزيز صناعاتها العسكرية وذلك بهدف زيادة استقلاليتها تقنيا ورفع حصتها من التصدير لأسواق السلاح العالمية. وقامت الحكومة بتخصيص مبلغ سبعمائة مليون دولار للأبحاث العسكرية لعام 2012 وحده، مما ساهم بازدهار مؤسسات عامة مثل تاي وروكتسان وإسيلسان ومئات الشركات الصغيرة والمتوسطة. وللتعويض عن تأخرها التقني استفادت تركيا من كونها عضوا في حلف شمال الأطلسي لتكثيف المشاريع مع المؤسسات الغربية العملاقة بالقطاع العسكري للحصول على التكنولوجيا، فطائرة «إنكا» التركية من دون طيار صممت من تكنولوجيا إسرائيلية، ودبابة «تاي» الهجومية الجديدة ثمرة مشروع مع مؤسسة هيونداي روتم الكورية الجنوبية، أما مروحية تي-129 «أتاك» فقد صممت من نموذج أوغوستاويستلاند البريطانية الإيطالية. وبينما تقوم الدول الأوروبية بتقليص ميزانياتها العسكرية تتابع حكومة رجب طيب أردوغان الاستثمار بقوة مستقطبة زبائن محتملين، ففي الأسبوع الماضي زار ملك الأردن عبد الله الثاني مصنع «تركيش إيروسبايس إنداستريز» في أنقرة برفقة رئيس تركيا عبد الله غل، حيث تفقدا آخر الابتكارات التركية في مجال الدفاع بينها «إنكا» ومروحية «أتاك». وتشكل هذه المشاريع ثمرة إستراتيجية أطلقتها قبل عشر سنوات حكومة أنقرة بهدف ترسيخ موقع تركيا كدولة إقليمية عظمى. وأنتجت الصناعة العسكرية التركية أسلحة بقيمة 4.3 مليارات دولار صدرت منها 1.3 مليار، وذلك بارتفاع نسبته 35% مقارنة بالعام السابق. ولأنها تصنع معدات متطورة بكلفة أقل من المنظومات الغربية، تمتلك تركيا القدرة على المنافسة، إذ اشترت الإمارات أنظمة المدفعية التركية الجديدة الموجهة بالليزر، وتتنافس مروحية تي-129 مع الأميركيين في استدراج عروض بكوريا الجنوبية. ورغم هذه النجاحات لا تزال أنقرة يفصلها شوط بعيد للغاية عن العمالقة الأميركيين الذي بلغت صادراتهم من السلاح عام 2011 ما قيمته 66 مليار دولا، والروس برقم 15 مليارا، والآسيويين. ويشير أحد الصناعيين الأوروبيين إلى أنه بالرغم من كون نصف معدات وأسلحة الجيش التركي محلية الصنع، فإن أنقرة ما زالت بعيدة عن الاكتفاء الذاتي، ولكنها خطت الخطوة الأولى على الطريق الصحيح. وأصبحت مجموعتا تاي وإسيلسان ضمن قائمة أول مائة مجموعة بالصناعات الدفاعية العالمية. وأعلنت مجموعة الصناعات الدفاعية التركية شريكة مجموعتي إيرباص الأوروبية ولوكهيد مارتن الأميركية عن نيتها إدراج 20% من رأسمالها بالبورصة بحلول منتصف 2013. وتخطط تركيا لرفع قيمة صادراتها العسكرية لملياري دولار عام 2016، لتقفز من المرتبة ال15 إلى العاشرة عالميا لجهة التصدير العسكري عام 2023. ويقول فيليب رويتر، من مؤسسة فروست أند سوليفان، إن تركيا قادرة على فرض نفسها كمزود الأسلحة الرئيسي لدول الخليج وجنوب شرق آسيا.