تبقى معادلات السلم الاجتماعي ومفردات المواطنة المتساوية من أخطر المعادلات وأكثرها حساسية وتعقيداً بالحفاظ على موازنتها وإيجاد التراكيب الآمنة لها. بحيث تكون مخرجاتها الرديف الصادقة والوجه الحقيقي للوصفة الاجتماعية المتجانسة في مكونات معظم الدولة. ما الذي يقف حائلاً بين إيجاد المعادلة الاجتماعية الآمنة داخل مجتمع ما الذي يقف حائلاً بين إيجاد المعادلة الاجتماعية الآمنة داخل مجتمع, ما الذي يطبع بألوان التميز والعنصرية والتضنيف ؟! للإجابة على هذا السؤال: يتطلب البحث في مصادر التكوين الديموغرافي للسكان في داخل المنظومة الاجتماعية وما تحمله هذه المصادر من تنوع ثقافي وتنوع فكري, وإن كان الباحثون في علم الاجتماع السياسي قد وجدوا في قالب الدولة الواحدة حلولاً شافية في تكوين مجتمع واحد ذي تركيب تجانسي مختلف واعتماد وحدات الدستور والقانون كمصدر أوحد يحمي حقوق الأقليات والطوائف والأفراد والمجتمعات, سعياً وراء إيجاد لحمه اجتماعية للأمة وتوحيد الصفوف والانتماءات والثقافات الصغيرة, في بوتقه اشمل وأوسع, وهي البوتقة الوطنية .. إلا أن هذه الثقافة الشاملة والواسعة ظلت على الدوام تمثل مصدر قلق للثقافات المختلفة والكيانات الصغيرة نظراً للسعي الدائم للسلطات ومؤسساتها المدنية للدخول في صراع مع كل من يحمل تناقضاً واختلافاً مع الفكر السلطوي وتطويعه لفكر الدولة ذات الثقافة الواحدة. بالنظر للمراحل الدامية والحروب التي شهدتها الدولة اليمنية المعاصرة, فإنها في الحقيقة لن تخرج عن مطابخ السيطرة على السلطة والحكم التي أخذت صور فئوية وفردية وعقائدية وقبلية وسّعت من دائرة تناثر وحدات السلم الاجتماعي وزرعت ثقافة التفرد والتمييز والاضطهاد في كيانات المجتمع اليمني وأوجدت تراكمات سلبية أما مأمكانية قيام الدولة المعاصرة المتجانسة ذات الثقافة الانتمائية الواحدة للوطن الواحد, ولا زالت حتى اليوم هذه الإشكالية الاستحواذية لروح الدولة وقوة السلطة تقف بقوة خلف تدمير أي مشروع ورؤية حقوقية ومدنية أمام الدولة اليمنية, دولة المؤسسات والدستور والقانون والمواطنة المتساوية فمن يمسك بزمام السلطة ويتحكم بمفاصل القرار الرسمي ويرفض ولو بشكل باطني التفريط بها بطريقة سلمية ويرفض مبدأ التبادل السلمي للسلطة وتستحوذ على مقدرات الوطن لصالح الفئة الحاكمة وهذا ما نجده اليوم من تعميق التمييز بين المواطنين والكيانات, وترسيخ دوائر الاضطهاد والاختلالات في حقوق المواطنه المتساوية, والتوزيع الغير عادل للثروة. هذه الثقافة المغروسة في ذهن السلطات المختلفة التي تناوبت على حكم اليمن هي التي تقف اليوم حائلاً أمام خروج الوطن من أزماته ولن ينفع معها أي روشته علاجية سياسية أو اقتصادية اذا أغفلت حقيقة التفردية بالحكم...!