ثمة دعوة رئاسية للحوار الوطني، ما طفق صداها يتردد، ومن المؤمل تفعيلها في أسرع وقت بمشاركة كافة الأطياف السياسية والمجتمعية، دون استثناء أو إقصاء، وبما يؤدي إلى وقفات جادة ومسئولة أمام مختلف جوانب الأزمة الوطنية الشاملة والخطيرة، وما أفضت إليه من تشققات وبؤر قابلة للتفجر، والخروج برؤية علمية ناضجة وسديدة، تفتح للوطن وأبنائه ووحدته، مسارات الانفراج والاستقرار والنماء والاندماج والوئام .. إن مفاعيل الأحداث والتطورات التي احتدمت خلال الأسابيع الماضية، أكدت أن الحالة الوطنية بلغت مستويات تنذر بأوخم العواقب، وأن جموع المعذبين المسحوقين الذين تطاول عليهم ليل المعاناة والسحق والمحق، باتوا يفقدون الأمل في مختلف تكوينات المنظومة السياسية – سلطة ومعارضة – فمضوا لإنتاج فعلهم الجماهيري المقاوم والمواجه والرافض لكل ما ينهال عليهم من تمييز وإفقار ونهب وتجويع، إن ذلك كله يفرض ضرورة أن يكون الحوار الوطني المرتقب، مغايراً في مبناه ومعناه، لتلك الأنماط من الحوارات عديمة الجدية التي لا تروم سوى امتصاص النقمة، وتخدير الناس، ذلك أن الأوضاع الوطنية المأزومة لا تحتمل مزيداً من الترحيل والتسويف والإغداق بالوعود، بل تستوجب حواراً جريئاً موضوعياً وصريحاً، يقف بعمق وجدية أمام جذور الأزمة الوطنية وليس مظاهرها وتجلياتها فقط، موجبات التأسيس الفاعل للفكاك الوطني من كافة المآزق والانسدادات والإحن والمحن والتشظيات، وبما يؤدي إلى إطلاق دفعات من الأفعال الجسورة والملموسة، المجسدة لاستحقاقات الإصلاح والتغيير الوطني الشامل و العميق، وعلى نحو يوفر ممكنات إرساء أسس وحدة يمنية قابلة للاستمرار والاستقرار، على قاعدة تفعيل العدالة في توزيع الثروة، والتوازن الوطني في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنمية الشاملة المستدامة، والشراكة الحقيقية الفاعلة . إن حواراً وطنياً شاملاً وعميقاً لا يروم (الجعجعة) الخاوية، وإشغال الناس بالجزئيات والأدوات والتجليات، نزعم أنه أضحى الضرورة الأهم لإنقاذ الوطن والوحدة قبل فوات الأوان، ولاقتحام رحاب النهوض الوطني الشامل، وهو ما نأمل انطلاقه ونجاحه لتفكيك ملهبات أزمة شاملة استحكمت حلقاتها، وأوشكت على الإطاحة بالبلاد والعباد والوحدة، في هاوية سحيقة مدمرة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد ..