ليس من الإنصاف الحكم على أي جهد إنساني في أي مجال من مجالات الحياة بإدراجه ومن اجتهد في خانة البتر والانتقائية والغوص في أعماق حفر الشك والارتياب وأحادية التفسير وسلخ المجتهد واجتهاده عند بوابات الرفض والإقصاء والتخوين والإساءة والخروج عن إطار حسن النوايا ونبل المقصد وقربها من حقيقة الطموح والتطلعات الوطنية والشعبية ومعطيات الواقع.. والوطن اليوم يعيش أسوأ أزماته وأخطرها، أفقد السلطة ومؤسساتها أوراق تدارك بعض جزئياتها وصناعة الترياق الشاف لبعض مدخلات الأزمة وأوشك الجميع أن يستسلموا لسياسة الخطأ والصواب في المعالجة التي تلجأ إليها العقليات التي تنهل من ثقافة التفرد والإقصاء عندما يستعصي إيجاد حلول توافقية ووسطية لا تحل المشكلة بقدر ما تدفن جمرتها تحت الرماد، وهو الأسلوب المفضل للساسة اليمنيين وهو ما لم تستطع المرور عبره في أزمتها الحالية مع الحوثيين في صعده والحراك الجنوبي، وهو أيضاً ما يدفع الدولة ومؤسساتها للالتفات نحو الأسلوب الأسهل كما يتراءى لبعض موظفيها بالعمل بسياسة استخدام القوة أو استغلال معطيات الترهيب والترغيب وبخاصة عندما لا يلوح في الأفق ما يدعو للتفاؤل من حلول ومعالجات تغلبها السلطة يدفعها للتراجع عن هذا الأسلوب عند حشرها تحت ضغط فرض هيبتها الهيبة والعودة ولو بما يحفظ لها ماء وجهها. أمام هذا الوضع المأساوي أطلت بعض المحاولات الجريئة والمسئولة لبعض القوى الوطنية الرافضة لمشهد الصمت وسياسة التجريب والتي تقدمت بمبادرات وحلول خلال ال 9 الأيام الماضية ومن أهمها مبادرة حزب رابطة أبناء اليمن «رأي» والتي وضعتها أمام كافة أطراف المنظومة السياسية وفئات النخبة الاجتماعية والسياسية في اليمن كشركاء في الحل الذي تنشده المبادرة، مما أفسحت المجال للحديث عن إمكانية إيجاد مخارج وحلول لأزمة الوطن والتغلب على جدار الصمت والانتظار المتربص للأخطاء، مبادرة الرابطة جاءت من منظور الإيمان بالمسئولية والإحساس بالحقيقة المفزعة للأوضاع التي يمر بها البلد وبتشخيصها الدقيق والواقعي للأزمة اليمنية الحالية، لم تكتفِ بذلك بقدر ما طرحت الجميع أمام مسئولياتهم العليا للالتفاف حول المبادرة، وذلك بإشراك أهل الحل والعقد بالبلاد كأطراف متساوية بالوصول إلى ما تهدف إليه المبادرة، إيجاد حل وطني شامل عبر آليات وضمانات وحوار أوردتها خطوات الرؤية الرابطية، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يدعو الحزب الحاكم المجالس المحلية بالمحافظات لعقد مؤتمراتها للوصول إلى حكم كامل الصلاحيات التي انطلقت أواخر الشهر الماضي وهي الركيزة التي تقف عليها المبادرة الرابطية والتي دعت للأخذ بالفيدرالية كنظام اتحادي وحكم محلي كامل الصلاحيات لكل إقليم أو محافظة والإبقاء على الوظائف السيادية بالمركز. جاءت هذه المبادرة المتفردة كخطوة حقيقية نحو خلق إرادة سياسية وشعبية كإطار ضروري لحل أزمات اليمن واليمنيين وملبية لحاجة اليمنيين بتطلعاتهم الحقيقية ومرسخة لمبدأ المواطنة السوية وركائزها العدالة في توزيع الثروة والديمقراطية المتوازنة والتنمية الشاملة. راسمة بوضوح تفاصيل خطوط خارطة الطريق لحل الأزمة الوطنية والانطلاقة صوب نظام حكم سياسي واقتصادي واجتماعي يلبي احتياجات الدولة اليمنية المتوحدة وسلامتها...