لم يعد بخاف على الشعب حجم الإختلالات الخطيرة والتصدعات المرعبة التي أصابت جدران الوطن، ولم يعد الاعتراف بذلك وتبادل الأحاديث فيه بين أفراد الشعب بذاك الجديد، فغالبية الشعب اليمني تدرك خطورة ما تعيشه البلاد من أزمات خانقة على كافة الصُعد تهدد بانهيار حتمي لاقدر الله لأمن اليمن واستقراره ووحدته، وبقدر الحيرة والخوف والقلق الذي يجتاح قلوب اليمنيين الناجمة عن استمرار وتواصل الأزمات والمصير الأسود الذي تتجه إليه البلاد، تنتابهم أيضاً الدهشة والاستغراب، وتحاصرهم علامات الاستفهام ويعتصرهم الألم والحزن على غياب الاهتمام والجدية وتفشي خطيئة اللامبالاة بما يحدث من قبل المنظومة الحاكمة ونخبها وقياداتها والمنظومة السياسية والسلطوية، والاصرار على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، مع الحفاظ على مؤشرات الانهيار وتوسيع أرقامه.. ولعل أكثر الأمور مرارة وأسفاً هي حرص من بيدهم زمام إدارة البلاد على عدم القبول بأحداث أي تغيير على سياساتهم والرفض التام لكل الحلول والمعالجات والمبادرات الصادرة من عمق الوجود الشعبي والنخب والكيانات السياسية البعيدة عن أسوار بيت القرار السلطوي، وإذ بالشعب يجد نفسه أمام إدارة لا تعترف بما يعانيه ولا تعبر عن همومه ولا تحد من مخاوفه وقلقه وبنفس الوقت تسير فيه إلى مهاوي الردى والتشتت والحروب وفتح الأبواب على مصراعيها لانهيار الوطن.. إن سياسة المكابرة وثقافة الإقصاء والتهميش والتفرد السائد في إدارة شئون العباد والبلاد وسعت من دوائر الغبن والقهر والظلم وأفقدت الوطن الكثير من سماته الانسجامية، وأهدرت ثروات اليمن البشرية والطبيعية، والتهمت بنيران هذه السياسة والثقافة الإدارية الأوحدية كافة الخيارات الانقاذية الوطنية، ليرتهن الوطن بعدها لفقاعات الأوهام التفردية التي ما فتئت تتحول إلى بالونات انفجارية تدمر آفاق المستقبل بعد أن غيبت الحاضر في دوامات الصراعات بين مراكز القوى على السلطة.. الوطن بحاجة اليوم لتكاتف الجميع، سلطة ومعارضة مجتمعاً وأفراداً؛ لإنقاذه من مهاوي الردى التي تحيط به وتوشك على اسقاطه، فلا سياسة المكابرة من الحزب الحاكم أوجدت مخارج سلطوية للحد من الانهيارات، ولا الوقوف عند حدود المبادرات الانقاذية للمعارضة خرجت من تنظيرها أو أوجدت ضغوطاً مباشراً لهز جدران اللامبالاة السلطوية.. والمطلوب اجماع سياسي على تفعيل الحوار الشامل كمطلب وطني وكخطوة أولية لتخطي عتبة الجمود واللامبالاة السلطوية.