بدأت اليمن نهاية الأسبوع الماضي مناقشة أول تقرير لها عن مستوى التزامها بالبروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في العروض والمواد الإباحية , والذي انضمت اليمن إليه في أغسطس 2004م كما تأتي مناقشة اليمن لتقريرها الأول حول البروتوكول الاختياري بالتزامن مع تقديمها أيضا تقريرها الدوري الرابع حول اتفاقية حقوق الطفل الدولية ,وتتميز مناقشة اليمن لتقريرها الرابع بوجود تقرير ظل أعده برلمان الأطفال اليمني كتقرير ظل مواز للتقرير الحكومي حيث من المقرر أن تلتقي اللجنة الدولية لحقوق الطفل وتناقش التقريرين كلا على حدة قبل أن تعقد جلسة ختامية مشتركة تقف من خلالها على الحقيقة, (رأي) تحدثت إلى رئيسة برلمان الأطفال رانيا عراسي عن جوانب التقرير الأول الذي يعده الأطفال اليمنيون عن أنفسهم و أوضاعهم ويقدم إلى لجنة دولية لمناقشته ومواجهة التقرير الحكومي به. صادقت اليمن على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل في مايو 1991، قدمت خلالها ثلاثة تقارير حكومية في 2004،1998،1994 بالتوازي مع ثلاثة تقارير ظل لمنظمات المجتمع المدني ممثلة بهيئة التنسيق للمنظمات اليمنية الغير حكومية لرعاية حقوق الطفل، وفي هذا العام تعمل اليمن على تقديم تقريرها الأول حول التدابير والإجراءات التنفيذية للبروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في العروض والمواد الإباحية، والذي جاء ليحقق أغراض الاتفاقية ولاسيما في المواد ( 36،1،11،21،32،33،34،35 )، وذلك بعد انضمامها له وفقاً للقانون رقم 20 بتاريخ 24 أغسطس 2004، وبالتزامن مع التقرير الرابع حول الإجراءات الخاصة لتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل والملاحظات المقدمة من قبل اللجنة الدولية لحقوق الطفل في جنيف على التقارير السابقة. ما الأهمية التي ترينها لإعداد تقرير الظل الموازي لتقرير حكومي يناقش بالتزامن مع تقريركم؟ - إن البرلمان تقرير الظل الأول الذي يقدمه يحاول أن ينقل صوت الأطفال في اليمن للجنة الدولية لحقوق الطفل في جنيف، دون أن يعني ذلك إغفال أهمية الدور الذي تقوم به الجهات الأخرى حكومية أو غير حكومية بتقديم تقاريرها الخاصة التي بالتأكيد ستكون أكثر حرفية ومهنية، والمحصلة الختامية من كل ذلك هو إثراء الحراك المجتمعي باتجاه تعزيز حقوق الطفل في اليمن وضرورة الالتزام بها تشريعاً وممارسة. ما هي القضايا التي تضمنها تقرير برلمان الأطفال؟ والآلية التي جرى إتباعها في إعداد التقرير؟ - أبرز القضايا التي رأى برلمان الأطفال ضرورة إدراجها في تقريره هذا، القضايا التالية: تهريب الأطفال ,عمالة الأطفال, الأطفال في المؤسسات المتعاملة معهم, الحصول على شهادة الميلاد, أوضاع اللاجئين الصوماليين في اليمن. وبشأن الآلية التي تم بموجبها إعداد التقرير فقد مر إعداد التقرير بالمراحل التالية: اختيار المواضيع من خلال ما يناقش في جلسات برلمان الأطفال، ومن ثم تحديد الجهات التي سيتم زيارتها ومواعيد النزول إليها، ووسائل جمع المعلومات من مقابلات وملاحظات واستبيانات، وطريقة التوثيق( كاميرا تصوير فيديو+ كاميرا تصوير عادية)، وكذلك اتخاذ القرار باستغلال تلك الزيارات في عمل التوعية وتوزيع الملصقات المرتبطة الخاصة بحقوق الطفل ومواضيع النزول، وتم بعدها اختيار مجموعات الرصد الميداني والتنسيق مع المدرسة الديمقراطية (الأمانة العامة لبرلمان الأطفال) ومنسقيها في المحافظات وبعض الجهات الحكومية، وتدريبها على كتابة تقاريرهم ,تنفيذ الزيارات الميدانية ,وإجراء استجوابات لعدد من المسئولين والمختصين على ضوء نتيجة النزول، والخروج بتوصيات حولها. ما الصعوبات والعراقيل التي واجهتكم خلال مراحل إعداد التقرير؟ من أبرز الصعوبات والمعوقات التي واجهها إعداد التقرير ما يلي: قلة الإحصائيات وغياب الدراسات الشاملة حول الظواهر السابقة نظراً لحداثتها، ما جعل الحصول على تقييم دقيق لها ولمدى انتشارها أمراً صعباً، وعدم وجود مركز معلومات مستقل خاص بقضايا الأطفال يقوم بإجراء دراسات شاملة حول أوضاع الطفولة في اليمن يسهل من خلاله الوصول إلى معلومات دقيقة وواضحة يمكن الوثوق بمصداقيتها، إضافة لتضارب الأرقام والإحصائيات المقدمة من أكثر من جهة حكومية وغير حكومية،إضافة إلى ضعف التعاون من بعض الجهات أو المسئولين والمختصين مع الباحثين الصغار المشاركين في النزول الميداني، وكذلك عند استجواب البرلمان لهم. نفذ برلمان الأطفال عدة نزولات ميدانية في إطار إعداده للتقرير فما هي النتائج التي خرج بها النزول الميداني حول قضية تهريب الأطفال اليمنيين إلى السعودية؟ - تعد قضية تهريب الأطفال اليمنيين عبر الحدود وما يتعرضون له من مخاطر أثناء ذلك من القضايا التي برزت مؤخراً وأثارت جدلاً كبيراً ومخاوف حقيقية من قبل الجميع، وتتضارب المعلومات المقدمة في هذا الصدد، ولكن نجد تقارير غير حكومية دولية ومحلية تعطي أرقاماً أخرى؛ ولو أخذنا فقط الأرقام الصادرة من منظمة الطفولة العالمية Unicef باعتبارها الأكثر قرباً من الظاهرة ومن تقوم بدور الوسيط بين اليمن والسعودية لحلها، فإن عدد الأطفال المرحلين من منفذ حرض الحدودي مع المملكة بلغ 9765 طفلاً وطفلة خلال عام 2006، نسبة الذكور منهم تصل إلى 96 في المائة، والإناث نحو 4%، وتقدر المنظمة نسبة النمو السنوية للأطفال المتاجر بهم ب4.1%، وفي إطار ذلك، لا بد من الإشادة بالتنسيق اليمني السعودي في هذا الجانب والدعم الذي تقدمه اليونيسيف لهذا الغرض؛ حيث اتفق الجانبان على إجراء مجموعة دراسات اجتماعية مشتركة بين البلدين حول قضايا استغلال الأطفال وتهريبهم، تطبيقاً للآلية التنفيذية لمذكرة التفاهم بين البلدين الموقعة في 2006 خلال اجتماعات مجلس التنسيق اليمني السعودي في مدينة المكلا بحضرموت والتي أقرت في يناير 2007. ولكن وبرغم تشكيل لجنة يمنية سعودية مشتركة ولجنة وطنية لمكافحه تهريب الأطفال مكونة من المجلس الأعلى للأمومة و الطفولة و عدد من الجهات الحكومية . إلا أن دور اللجنة الوطنية انحصر في تدريب و تأهيل العاملين في الحدود اليمنية و السعودية ، ولم يتم تفعيل دور اللجنة المشتركة، وبصرف النظر عن أية أرقام أو معلومات، رأى برلمان الأطفال ضرورة أن يطلع مباشرةً على الظاهرة عن قرب وفي المناطق التي تنتشر فيها، كون مجرد وجودها يشير إلى وجود خلل في قيم المجتمع الإنسانية والدينية والأخلاقية والقانونية، إضافة إلى قصور في تطبيق التزام اليمن بما تعهدت به في اتفاقية حقوق الطفل وبالأخص المادة (11) التي تدعو لمكافحة نقل الأطفال وإعادتهم من وإلى بلدانهم بصورة غير شرعية، وكذلك التزامها بنصوص البروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في العروض والمواد الإباحية، والذي جاء ليحقق أغراض الاتفاقية ولاسيما في المواد (36،1،11،21،32،33،34،35). و بالإضافة إلى الاطلاع على تجارب لأطفال تم تهريبهم, كنا نقوم في الوقت نفسه بحملات توعية الأطفال بمخاطر تهريبهم، وتوعية مدراء ومدرسين في المدارس المستهدفة بمخاطر التهريب. كان لابد أن نقدم في ختام هذا التقرير، بعض التوصيات الختامية والعامة المتعلقة بحقوقنا، التي نأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار، وأن يتم العمل عليها من أول يوم تلامس فيه أقدامنا أرض بلادنا. ما هي أبرز النقاط أو التوصيات التي يحملها تقريركم للحكومة لتحسين أوضاع الأطفال بالنسبة إلى القضايا التي يتطرق إليها التقرير؟ - من أبرز التوصيات التي حملها تقرير الظل الأول لبرلمان الأطفال توصية الحكومة بإعداد خطط وطنية لمكافحة الظواهر السلبية المتعلقة بالأطفال، وإدراجها ضمن الاستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب التي مثلت خطوة إيجابية كبيرة في سياق تحسين وضع الطفل بشكل عام، ولذا ينبغي السعي في تنفيذها وتنفيذ كافة الاستراتيجيات الأخرى، وإشراك الجميع في ذلك، ورفع مخصصاتها بما يعزز من فعاليتها. وضرورة إزالة أي تعارض في القوانين المختلفة المعمول بها في تحديد سن الطفولة والمسؤولية الجنائية بما يتفق مع اتفاقية حقوق الطفل، والاعتراف بخطورة موضوع التهريب وسن تشريعات خاصة به، وكذلك استغلال الأطفال جنسياً أو في التسول أو المتاجرة بالأعضاء، برغم ذلك يظل في هذه التشريعات(المقترحة) بعض القصور مثل: تعريف الحدث الذي حدد سن التمييز التي يعامل الطفل بموجبها كحدث ب7سنوات وهي سن صغيرة على ذلك، العقوبات (المقترحة) في حق من يمارس جرائم التهريب واستغلال الأطفال غير رادعة ولا ترتق إلى مستوى الخطورة الحقيقية لهذه جرائم، وعليه ندعو الحكومة لبذل مزيد من الجهد في جانب تشريع القوانين وتطبيقها كونها أهم آليات الحماية لحقوق الطفل، كما أن هناك من النقاط التي لم تؤخذ بعين الاعتبار في تلك التعديلات رغم مطالبة اللجنة الدولية بها في توصياتها ونعني بذلك منع الأطفال من تناول القات، ونحن هنا نؤكد على هذا الطلب وضرورة سن تشريع يحرم تعاطي القات والتبغ على الأطفال وتجريم من يحرضهم على ذلك ، أو يبيعها لهم . إضافة إلى سن تشريعات تجرم الإساءة للأطفال مثل تجريم ظاهره ختان الإناث المنتشرة في بعض المحافظات و الزواج المبكر، كما يحث التقرير الحكومة على السعي المتواصل لتحسين الوضع المعيشي للمواطن اليمني باعتبار الفقر هو السبب الرئيس لكل الظواهر السلبية التي تواجه المجتمع ككل والأطفال على وجه الخصوص، وكذا السعي لتفعيل شبكات الحماية الخاصة بالطفل وضمان استمرارها مثل شبكة الأطفال في خلاف مع القانون، وشبكة مناهضة العنف ضد الأطفال، إضافة للجنة الفنية لمكافحة التهريب وهي لجنة حكومية من الجهات المختصة والتوعية المستمرة بحقوق الطفل عبر كافة الوسائل الإعلامية والتربوية والتدريبية بما يضمن جعل تلك الحقوق ثقافة وطنية حقيقة للمجتمع بكل قطاعاته وفئاته، كما نوصي بأهمية إنشاء مركز مستقل لمعلومات الطفل توضع له ميزانية خاصة بما يضمن تكوين قاعدة بيانات لكل ما يتعلق بالطفولة ومساعدة الجميع في تقييم وضع الأطفال في اليمن بعيداً عن المزايدات أو المبالغات وإنشاء هيئة مستقلة لحماية الطفل، يكون من مهامها استقبال الشكاوى والتعامل مع الحالات مع مراعاة مصلحة الطفل الفضلى. ختاماً: كلمة تودين قولها؟ - هذه أول تجربة يقدم فيها أطفال الجمهورية اليمنية أول تقرير ظل عن أوضاع الطفولة في اليمن للجنة حقوق الطفل في جنيف، لقد أدركنا واجبنا نحو أنفسنا وبلدنا و أن علينا أن نشارك في الحديث عن أنفسنا وواقعنا كما رأيناه وشعرنا به في بعض القضايا التي تمس حياتنا وأبسط حقوقنا في العيش بأمان وكرامة مع أهلنا وفي وطننا، لسنا هنا لنحاكم أحداً أو لنرد عليه، لكن أردنا أن نقول للجميع: نحن أبناؤكم نعم... لكنا أيضاً شركاؤكم، لنا نصف الحاضر وكل المستقبل، ومن حقنا عليكم أن نكون كل اهتمامكم، كما إننا نشكر باسم أطفال اليمن كل الذين ساعدونا في إنجاز تقريرنا هذا، أفراداً ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية، وكذلك جهات رسمية.