احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر الجاري، باليوم الوطني الثامن والثلاثين، وهو احتفاء بتجربة اتحادية رائدة ومتميزة، استحقت الرسوخ والازدهار، وامتلكت ممكنات التألق والتفوق وصناعة الإعجازات. نعم، إن مشاهد وشواهد النهضة الحضارية الشاملة، والتنمية المستدامة، والإنجازات الاقتصادية المتعاظمة، التي ارتقت بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى صدارة الدول الحاضرة بقوة والمواكبة بجدارة لأقوى الاقتصادات العالمية، لا نراها إلا مشاهد وشواهد دالة على أن تجربة اتحادية تأسست على مداميك قوية، وصحيحة لا يداخلها اعتلال ولا اختلال، ولا تنتجها فورات عاطفية حماسية ضاجة بالشعارات الخاوية، بل ترسيها عقول خيرة نيرة صادقة ناضجة راجحة بالحكمة، لا يمكن لها إلا أن تكون تجربة خلاقة ومثمرة وقابلة للاستمرار والديمومة بمشيئة المولى سبحانه، فقد امتلك المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه حكام الإمارات، رؤية صائبة وصادقة وحكيمة، أثبتت العقود الزمنية الماضية، أنها الأنضج والأقدر على بناء صروح وحدوية قابلة للاستقرار والاستمرار والرسوخ والازدهار، ذلك أنها رؤية لم تنطلق من خواء الشعارات الجارفة التي تسوغ للضم والاجتياح والإلحاق والاختزال والاستبداد، في تعاطيها مع شعار (الوحدة/ الثابت/ المقدس)، والتي لا تقيم وزناً –والحال كذلك – للمصالح والمنافع المتوازنة ولموجبات العدالة في توزيع السلطة والثروة، والشراكة الحقيقية، والتنمية الشاملة المستدامة، ومقتضيات الإدارة الفعالة لثراء التنوع بعيداً عن مفاعيل الصهر والتذويب والتمييز والانتقاص، وتلك منطلقات أثبتت التجارب العربية والعالمية المهزومة، أنها لا تنتج سوى تجارب وحدوية مأزومة، يكون مصيرها التفجر والتمزق والانهيار. ما أحوجنا – نحن اليمنيين – في هذه اللحظة الحرجة والعصيبة التي تبلغ فيها أزمات الوطن ووحدته مستويات تنذر بالتفجر والتفكك والخراب، ما أحوجنا إلى مراجعة الذات ودراسة التجربة الإماراتية بكل ما رسخته من استقرار ونماء ونهوض ورفاه، واقتناص فرصة نراها سانحة، للانتصار للوطن ووحدته وحاجات أبنائه، من خلال فك الارتباط بنظام الدولة المركزية البسيطة، واعتماد نظام الدولة المركبة (الفيدرالية)، بما يمكننا من نزع فتيل التوترات والتأزمات والانقسامات والضغائن، وتجسيد مقتضيات العدالة في توزيع السلطة والثروة، والديمقراطية المحققة للشراكة الحقيقية وللتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته، والتنمية الشاملة المستدامة. ولله الأمر من قبل ومن بعد ...