اختتمت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز الخميس الماضي برنامجها الثقافي للنصف الثاني من عام 2009م بمحاضرة تحت عنوان : (الواقع المر وجمال الحلم في شعر الفتيح ) ألقاها: د.سلطان الصريمي تناول فيها النص الشعري للشاعر الكبير محمد عبد الباري الفتيح من ملمحين بارزين هما العمق الواقعي وجمال الحلم , وقال إن الشاعر الكبير كان يعيش مواجهة مستمرة مع واقعه وسلاحه الوحيد هو الحلم الجميل , مضيفا أن المراحل والبئيات الاجتماعية التي عاشها الفتيح بدأت بقريته (الكديش قدس الحجرية) ثم دراسته في (المعلامة) والبيئة الجمالية لقريته أثرت جميعها تأثيرا كبيرا في نفس الشاعر انعكس ذلك على وعيه الجمالي في قصائده, كما تناول الصريمي مراحل مختلفة من حياة الشاعر التي قال إنها أثرت في لغته الشعرية منها مرحلة صباه في عدن واشتغاله بالتجارة علاوة على سفره إلى السعودية وعمله في مواقع مختلفة إضافة إلى مرحلة الدراسة في كل من القاهرة ودمشق وصولا إلى مرحلة تخرجه من دولة المجر وتسلحه بالثقافة العربية الإسلامية والأوروبية التي مكنته من مواجهة هموم حياته الجديدة, وقسم الصريمي في محاضرته التي استندت إلى دراسة بحثية شعر الفتيح إلى ثلاثة أقسام : هي القصائد الوطنية والقصائد القومية والعالمية والقصائد الاجتماعية والعاطفية, مستندا في ذلك إلى ديوانه المعنون ب( مشقر بالسحابة), وبقراءة لنماذج من شعره الوطني والقومي والعاطفي والاجتماعي, واعتبر الصريمي أن الغوص في تضاريس اللوحة الشعرية للفتيح ليس سهلا, مرجعا ذلك لتداخل ألوانها وأضوائها وإبعادها وتعدد بيئاتها, مشيرا إلى أن شعر الفتيح يكتسب خصوصية إبداعية فريدة من حيث العلاقة بين الواقع وبين الحلم وهي علاقة مواجهة مستمرة فيها من العطاء الإبداعي ما يجعلها علاقة متميزة تتحرك نحو الفعل الإبداعي باتجاه تجاوز الواقع نحو المستقبل, واستطرد الصريمي وهو يتصفح اللوحة الشعرية للفتيح، مؤكداً أن قوة الحلم في اغلب اللوحات الشعرية تمكنت من محاصرة الواقع إلى درجة إزاحته وتغييره إلى الأفضل واستبداله بالحلم الجميل , وقال إن بعض قصائده تدخل إلى الحلم مباشرة دون المرور من بوابة الواقع كما في قصيدة (شمس الشروق وقصيدة من ألف ليلة وليلة), واختتم الصريمي محاضرته بالتأكيد على أن قصائد الفتيح ترتبط ارتباطا وثيقا بحياته ابتداء من الطفولة وحتى اليوم كما أن حياته غنية بالعطاء الإبداعي الثوري والقومي والعالمي والاجتماعي والعاطفي, في حين نتاجه الإبداعي زاخر بشكل عام بالجمعي والعام فيما الفردي لا نجده إلا تحت سيطرة الجمعي وفي الفعالية أكد فيصل سعيد فارع مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة أن الاحتفاء بالفتيح هو احتفاء بقامة وطنية إبداعية ذات حضور متميز ممتد في تاريخنا اليمني المعاصر وهو احتفاء بقراءة مسيرة حياته الوطنية والشعرية وأضاف فارع انه إذا كان هناك تباطؤ في تكريم الفتيح من قبل المؤسسة فانه من المؤكد أن التكريم سيكون في قادم الأيام تجسيدا وعرفانا للدور الكبير الوطني والأدبي للفتيح, هذا وكانت الأخت شفيقة أحمد علي قد ألقت قصيدتين بالمناسبة تغنت فيهما بإشعار الفتيح التي لها وقع خاص بها من خلالها يشتم رائحة الوطن وترابه فيما أثريت المحاضرة بالمناقشات والمداخلات من قبل الحاضرين من المثقفين والشعراء.