العدل واليد الحانية هما من يقيم الوحدة ويحميها، والشراكة في السلطة والثروة واحترام حقوق الإنسان هما دعامتا الوحدة وركيزتها، وسيادة القانون ولا مركزية الحكم هما بنيان الوحدة وأركانها، والمواطنة المتساوية هي روح الوحدة وضميرها، أما الموت فلا يقيم وحدة وإنما يصنع الخراب والدمار ويورث الأحقاد والبغضاء ويمزق الأوطان وعلى أشلاء شعوبها يرقص الشيطان. أنا قادم من أبين ولحج وعدن ولم أر في العيون حقدا، ولا في الوجوه اشمئزازا ولا في النفوس كراهية ولا في الكلمات جفاء رغم دحباشيتي الأصيلة وما رأيت سوى عيونا حانية، ووجوها مستبشرة وقلوبا تنضح بالود والإخاء حتى خلت أن أهلي هنا لا في صنعاء. هذا الود الصادق رأيته في وجوه وعيون وشفاه كل من قابلتهم من مواطنين بسطاء إلى كتاب وأدباء وسياسيين وأطباء وأكاديميين وأميين مدنيين وعسكريين حتى ضحايا العنف والغطرسة في مستشفى الحوطة لم تمنعهم جراحهم وآلامهم من التعبير بابتسامة يملؤها الرجاء والأسى وكأنها تقول: هل نستحق كل هذا العناء لأننا توحدنا؟!. كل هذه المشاعر الودية تدحض وبقوة تلك الإشاعات التي يروجها الانتهازيون ويمارسها المندسون عن كراهية أبناء الجنوب لأبناء الشمال.. هم في الحقيقة لا يكرهون إلا الظلم والظالمين، والفساد والمفسدين، والمتغطرسين والمستبدين أما إخوانهم المواطنون البسطاء من أبناء الشمال فهم شركاءهم في المعاناة مهما خفت صوتهم وقلت حيلتهم وعزت شجاعتهم.. واللوم كل اللوم على الذين ركنوا إلى الذين ظلموا سواء كانوا شماليين أو جنوبيين وسوف تمسهم النار مصداقا لقول الله تعالى وتأكيدا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "من أعان ظالما ابتلي به". الموت ليس هو الرد المناسب على من اندفع بإخلاص إلى حضيرة الوحدة وقاتل دونها عام 1994م.. الرد المناسب هو النزول إليهم والسماع إلى أنينهم والتعرف على أوجاعهم وتحمل الجهر بالسوء من القول ممن ظلم. والبحث عن الحلول المناسبة التي ترضيهم وتحقق طموحاتهم وتعالج آلامهم.. ذلك من حقهم لا منة ولا تفضلا. هذا إذا كنا نريد-حقا-حماية الوحدة أرضا وإنسانا وما دون ذلك فوهم دونه خرط القتاد ومن أراد الكل فات الكل وعلينا أن نتعلم من تجاربنا، فالجهل طول الزمان عيب. وكم أتمنى لو يعيد الأخ الرئيس قراءة مقالي، "جاه الله عندك يا رئيس" في 7/7/2007م ليدرك كم كنت صادقا ومخلصا في نصحي. ... عموما .. على المرء أن يسعى إلى الخير جهده .. وليس عليه أن تتم المطالب. " صحيفة الوسط "