تبدو بلادنا اليوم على شفا جرف هار، تتهددها وعلى نحو يقيني هاوية سحيقة لن تبقي لنا وطناً ولن تذر لنا وحدة، ذلك أن أجج أزماتنا وتشظياتنا وضغائننا، قد تطاول واستعر وبلغ حدوداً راعبة تنذر بخراب قادم وهلاك وشيك، وهو وضع لم يعد يحتمل أنصاف الحلول والانشغال بالجزئيات والقشور، ولم يعد يقبل بفاعليات الترقيع والتخدير وإهدار الوقت والفرص في ما لا ينفع الناس ولا يمكث في الأرض. بالالتفات جنوباً نجد حراكاً جماهيرياً يكتسح الساحات، ويستقطب مزيداً من الاحتشاد والالتفاف الشعبي حول دعواته ل (فك الارتباط) و (استعادة الدولة)، وهي حالة لم تزدها عمليات القتل والبطش والتنكيل والاعتقال وعسكرة المدن إلا اشتعالاً، وعلى نحو عمق من أخاديد الانشطار في النفوس، وضاعف من تطاول أسوار الكراهية والضغينة بين أبناء اليمن على أساس جهوي (شمالي – جنوبي)، وذاك تطور مخيف ينذر البلاد والعباد بما هو أفظع وأشنع، إن لم يتم تدارك الأمور والتحرك الفوري لتفعيل إصلاحات حقيقية عميقة وجذرية وشاملة، تضع حداً قاطعاً للاختلال المتأصل في نظام الدولة، بما يجسد مقتضيات العدالة في توزيع السلطة والثروة، وبما يحقق التوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والشراكة الفعلية والتنمية الشاملة المستدامة. لقد استشعر حزبنا – رابطة أبناء اليمن (رأي) – دقة اللحظة الوطنية وخطورتها، فأعلن الأسبوع الفارط في بيان صادر عن لجنته التنفيذية، أن تحقيق ما نستهدفه من نجاح في صيانة وطننا موحداً أرضاً وإنساناً، ومنع المزيد من الانزلاق في مهاوي التردي والتوتر والتمزق، سيتأتى من خلال تفعيل ما جاء في مبادرتنا المعلنة في 8 يونيو 2009م، وأن نظام الدولة المركبة الفيدرالية الذي حملته المبادرة سيكون الأكثر قبولاً وترسيخاً وديمومة وسهولة في التنفيذ والأقل كلفة، إن تم على أساس أن تكون الدولة الفيدرالية من إقليمين أو ولايتين، شمال وجنوب،على أن يتم في إطار كل منهما تطبيق نظام حكم محلي واسع الصلاحيات للوحدات في إطار إقليمي أو ولايتي الدولة، وهذا الإعلان الرابطي إنما أملته تفاقمات الأوضاع وتطورات الأحداث ومتغيراتها على الساحة الوطنية، على النحو الذي أدى إلى تعالي نزعات الانفصال وتعمق الانشطار في النفوس، وهو أيضا نتاج قراءة واعية وصائبة لاحتدام التوترات والتأزمات وتطاول جدار الكراهية البغيض، الذي يوشك على تفجير الوطن والوحدة، وإغراق البلاد والعباد في دوامات عنف وحمامات دم لا تبقي ولا تذر ..