يبدو أن الظروف الأمنية والاقتصادية الآخذة في التفاقم دفعت الحكومة إلى أخذ توصيات اللجنة الدولية لحقوق الطفل على تقرير اليمن الأول بشأن البروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والعروض الإباحية والذي صادقت عليه اليمن في عام 2004م بكثير من الاهتمام والاستعجال معا بعد أن تزايدت التحذيرات الدولية من الوضع السيئ الذي يعيشه النازحون جراء الحرب في صعدة وفي مقدمتهم النساء والأطفال, حيث تم تقديم موعد انعقاد ورشة عمل موسعة بغية إعداد آلية عمل لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية لحقوق الطفل على التقرير المقدم إليها في سبتمبر2009م . وتم إشراك عدد كبير من الوزارات والجهات الحكومية والسلطات المحلية في المحافظات في إعداد هذه الخطة بغية ضمان أكبر قدر من النجاح ,وجذب المزيد والجديد من الدعم الدولي المتوجه بمعظمه حاليا إلى النازحين ماكشف الغطاء التمويلي عن العديد من البرامج الحكومية المتصلة بالطفولة . اللجنة الدولية لحقوق الطفل قدمت 63 ملاحظة وتوصية فيما يتصل بعمل اليمن موضوع البروتوكول الاختياري وطالت الانتقادات الدولية لليمن وتقريرها الأول طال المنظومة التشريعية والبنية المؤسسية الحكومية العاملة مع الأطفال، حيث اعتبرت أن عدم وجود هيئة وطنية مستقلة لتلقي الشكاوى من الأطفال ورفعها ومتابعتها لدى الجهات القضائية يعد قصوراً كبيرا,كما اعتبرت اللجنة مصطلح تهريب الأطفال خطأ ووصفت بأن مايتم عبر الحدود اليمنية السعودية هو بيع للأطفال إضافة إلى وجود اختلال قائم في التشريعات اليمنية ووجود تناقض بين الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بها من حيث تعريف موحد لسن الطفل وخاصة سن المسئولية الجنائية . الأطفال هم الضحايا وأعربت اللجنة عن القلق إزاء عدم وجود تعاريف دقيقة تعكس الجرائم المحظورة بموجب البروتوكول الاختياري. وعدم تجريم الجرائم التي ينص عليها البروتوكول الاختياري، سواء كليًا أو ضمنيًا، في سياق التشريعات الوطنية، بما في ذلك التبني غير القانوني والاستغلال الجنسي وعرض الأطفال لأغراض نقل الأعضاء وتشغيل الأطفال في العمل القسري واستغلال الأطفال في المواد الإباحية، فضلا عن إنتاج ونشر المواد الإعلانية الخاصة بجرائم يحددها البروتوكول الاختياري . ووصفت اللجنة التشريعات اليمنية النافذة حاليًا بأنها لا توفر المساواة في الحماية لجميع الأطفال دون سن الثامنة عشرة. وتحت عنوان الزيجات المؤقتة كشفت اللجنة عن بالغ قلقها إزاء ما يلعبه تدهور الأحوال الاقتصادية والاجتماعية من دور كبير في زيادة الاستغلال الجنسي للأطفال، وخصوصًا ما يجري تحت ستار "الزيجات، السياحية" أو "الزيجات المؤقتة " في اليمن حسب تقرير اللجنة واعتبرت أن القوانين اليمنية الجنائية النافذة حاليًا لا تحظر الزيجات المؤقتة وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن تعالج، على سبيل الأولوية، مشكلة الاستغلال الجنسي، بما فيه ما يسمى "الزيجات المؤقتة "، وذلك بحظر هذه الممارسات وتجريمها فعليًا ,واتخاذ تدابير خاصة لحماية البنات وتحديد الضحايا والعمل على إعادة الاندماج الاجتماعي والإبلال البدني والنفسي. الأطفال والإنترنت ودعت اللجنة الحكومة إلى اعتماد تشريع خاص حول التزامات مقدمي خدمات الإنترنت يحظر المواد الخلاعية التي تستخدم الأطفال على الإنترنت يشمل تعريف الأطفال لأغراض هذا التشريع جميع الأطفال دون سن الثامنة عشرة. كما تطرقت ملاحظات اللجنة الدولية إلى ظهور حالات بيع أعضاء أطفال، وأوصت بأن تعتمد الدولة الطرف كل ما يلزم من التدابير التشريعية و غيرالتشريعية اللازمة لكي تمنع وتجرّم فعليًا بيع الأطفال لأغراض نقل الأعضاء تحقيقًا للربح، وفق ما تقتضيه الفقرة 1(أ)‘ 1‘ و (ب) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري، ولكي تقدم مرتكبي هذه الجريمة للعدالة. وحول المرحلة المقبلة أوصت اللجنة اليمن بخلق خطة عمل لحماية الأطفال من الجرائم الواردة في البروتوكول الاختياري؛ و زيادة عدد المراكز التي تقدم للأطفال الضحايا خدمات الحماية وإعادة التأهيل وإعادة الاندماج، وزيادة توفرها كمسألة تتصل بالأولوية، والتكفل بتزويد هذه المراكز بالموارد البشرية والتقنية والمالية الكافية؛إضافة إلى اتخاذ التدابير التي تضمن توفير التدريب الملائم، وخصوصًا في اﻟﻤﺠالين القانوني والنفساني للأشخاص الذين يعملون مع الأطفال الضحايا، وفقًا للفقرة 4 من المادة 8 من البروتوكول الاختياري؛ وكذا التكفل بإتاحة سبل وصول جميع الأطفال لحقوقهم وللمعلومات الخاصة ﺑﻬا وبتوفر الإجراءات الكافية لالتماس التعويض على الأضرار دون تمييز، من المسؤولين قانونيًا، بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 9 من البروتوكول الاختياري؛والتماس المساعدة على تطوير القدرات والخبرات. رأي حكومي حول الدور الذي يقوم به المجلس الأعلى للأمومة والطفولة كجهاز وطني معني بالطفولة وقضاياها أوضحت الدكتورة نفيسة الجائفي الأمين العام للمجلس أن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة هو الجهة المسئولة عن جميع قضايا الطفولة ويضم في عضويته وزراء الوزارات المعنية بحماية ورعاية الأطفال وكذا بعض المنظمات غير الحكومية والشخصيات الاجتماعية ذات العلاقة، ومن مهامه وأهدافه رسم السياسات والاستراتيجيات والخطط، وإعداد مشاريع القوانين ومتابعة إقرارها، ودراسة الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل، وكذا متابعة وتقييم تنفيذ الاستراتيجيات والخطط الوطنية الخاصة بالطفولة، ورفع الوعي المجتمعي بحماية ورعاية حقوق الطفل ، وتشجيع العمل الطوعي في مجال حماية ورعاية الأطفال. والتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية لمختلف الأنشطة والفعاليات ذات العلاقة بحماية الأطفال، مشيرة في حديث لصحيفة رأي انه تم إقرار عدد من الخطط الوطنية المنبثقة عن الإستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب ومنها ( خطة وطنية لمكافحة تهريب الأطفال والتي ارتكزت على عدد من المحاور الأساسية لحماية الطفل من التهريب, وحول ملاحظة اللجنة الدولية بشأن الزواج السياحي قالت :حدثت حالات محدودة للزواج السياحي في محافظة واحدة فقط خلال فترة معينة وليس في مختلف المحافظات وتم وضع ضوابط لهذا الزواج، ومن ذلك اشتراط موافقة وزير الداخلية على زواج الأجنبي بيمنية، واشتراط موافقة سفارة الأجنبي، واتخاذ العديد من الإجراءات كالفحوصات الطبية ، مع العلم أن الزواج السياحي يعتبر زواجاً شرعياً لأنه يتم وفقاً لأحكام الشريعة ( موافقة ولي الأمر – حضور شاهدين – إشهار الزفاف )؛ إلا أن نية الأجنبي بالزواج السياحي لا تظهر أثناء عقد القران ، ويختلف الزواج السياحي عن الزواج العرفي؛ أن الأخير يتم بين الرجل والمرأة دون علم الأهل، وقد تمت التوعية المجتمعية في تلك المحافظة عبر خطباء وأئمة المساجد ؛ والتي كان لها دور كبير وهام في تراجع مشكلة الزواج السياحي. دور الرعاية وردا على ما ورد في تقرير اللجنة الدولية للطفل بشأن حدوث انتهاكات للأطفال في دور الرعاية قالت : دور الرعاية والإيواء هي أماكن خصصت لرعاية وتأهيل الأطفال في مختلف المجالات النفسية والاجتماعية والصحية والتعليمية، ويعمل فيها كادر متخصص تم تدريبه وتأهيله في مجال حماية ورعاية الأطفال، و لم ترد أي حالات أو بلاغات عن تصوير مواد إباحية للأطفال في أي دار رعاية أو إيواء، ويتم وضع الأطفال المخالفين للقانون داخل سجون المحافظات التي لا يوجد فيها دور رعاية، ويتم عزلهم في أقسام خاصة بهم ولا يتم اختلاطهم بالبالغين، وفي حال وجود حالات عنف واستغلال ضدهم، يتم اتخاذ إجراءات إدارية ( إحالة الجاني للتحقيق، وفي حال ثبوت التهمة يتم إحالته إلى الجهات القضائية ). وأشارت إلى انه يتم التعامل مع جميع الأطفال بكل شرائحهم بالتساوي ولا يوجد تمييز في التعامل معهم بما فيهم أطفال الشوارع ،وقد تم إعداد دراسة مسحية ميدانية لعدد من المحافظات لمعرفة حجم ظاهرة أطفال الشوارع ومعرفة أسبابها والحلول اللازمة للحد منها، وقد تم مؤخراً إعداد خطة وطنية وكذا عقد دورات تدريبية وورش توعية ودورة تدريب مدربين لمكافحة هذه الظاهرة. وهناك مشروع حماية الأطفال ضحايا الجريمة والشهود وهو مشروع بين الحكومة ومنظمة اليونيسيف حول إنشاء وتطوير برنامج لحماية الأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها ، وسيتم خلال الفترة القادمة بدء تنفيذ هذا المشروع. وبشأن تطبيق تدابير الحماية للأطفال أوضحت الدكتورة الجائفي أن هناك تدابير حماية منصوص عليها في قانون رعاية الأحداث لضمان معاملة الأطفال كضحايا ومن تلك التدابير (وجود محامي وولي الأمر مع الطفل أثناء مرحلة جمع الاستدلال، وعدم وضع القيود والسلاسل، وجود أخصائي نفسي واجتماعي في مرحلة التقاضي ، عدم احتجاز الحدث دون سن 12 سنة، إيداعهم في غرف خاصة، العمل بالتدابير غير الاحتجازية ، تفعيل برنامج الرعاية اللاحقة والمراقبة الاجتماعية ). تخوف من القادم وحول آفاق المرحلة القادمة أبدت الأمين العام للمجلس الأعلى أملها في أن تشهد الأربع السنوات القادمة عملاً دؤوباً لتحسين واقع الأطفال في اليمن, وان يكون التقرير القادم لليمن محتوياً على كثير من الانجازات فيما يتصل بالبروتوكول الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والعروض الإباحية. لكنها أبدت قلقها من استمرار الأوضاع الأمنية المقلقة سواء في صعدة أو بعض المحافظات الجنوبية وانعكاسها على واقع الطفولة وقضاياها، وقالت: الكثير من المنظمات الدولية سحبت تمويلاتها من العديد من البرامج المقدمة للأطفال في اليمن ووجهتها لعمليات الطوارئ التي تقوم بها مع النازحين جراء التمرد في صعده, وهو أيضاً ما يفاقم مسئولية الحكومة تجاه الأطفال ويشتت كذلك جهود الدولة ويركزها على الجهد العسكري .