أجمع المشاركون في المؤتمر الإقليمي للقضاء على العنف ضد الفتاة والمتمثل بظاهرة ختان الإناث على تجريم هذه الممارسة واعتبروها تعدياً خطيراً لآدمية الفتيات وانتهاكاً صارخاً لحقوقهن لما ينتج عنه من عواقب سلبية على صحتهن الجسدية والنفسية والعقلية، وأبدوا التزامهم بالتعاون من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي اعتبروها شكلاً خطيراً من أشكال العنف الممارس ضد الفتيات. وفي المؤتمر الذي تنظمه بصنعاء على مدى يومي 30 و31 مايو الجاري الأمانة العامة للاتحاد النسائي العربي العام واتحاد نساء اليمن بمشاركة اليمن، مصر، السودان، الصومال، جيبوتي، اعتبرت الدكتورة هدى ألبان وزيرة حقوق الإنسان ختان الإناث واحدة من أبرز الإشكاليات التي تقف سداً منيعاً في طريق تمتع المرأة بحقوقها المشروعة وأنها تمثل تعدياً خطيراً على آدميتها وصحتها الجسدية والنفسية والعقلية وسبباً رئيسياً لتصدع أركان الأسرة. وأوضحت في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان (معاً للقضاء على العنف ضد الفتاة) أنه برغم التقدم الملحوظ الذي تحقق للمرأة اليمنية خلال السنوات الماضية من عمر الوحدة المباركة في كل مجالات الحياة إلا أن الحقوق الإنسانية للمرأة –كما هو شأن شقيقاتها العربيات- تظل أضعف حلقات حقوق الإنسان وأكثرها هشاشة بفعل إرث تاريخي طويل لا يزال يحد من تقدم المرأة نحو المساواة ويحرمها في حالات كثيرة من التمتع بالمكتسبات النسبية التي حصلت عليها، مشيرة إلى أن المرأة العربية وخاصة في الريف مازالت تتعرض إلى طيف من ألوان العنف الاجتماعي والأسري والاقتصادي الذي يتجسد في الإيذاء الجسدي والزواج المبكر وحرمانها من التعليم الأساسي وخدمات الرعاية الصحية الأولية وفرض واجبات عليها تفوق قدراتها الفسيولوجية والبدنية والنفسية. من جهتها ذكرت وزيرة تنمية المرأة وشؤون الأسرة بالصومال آمنة محمد مرسل أن نسبة الفتيات اللاتي يتم ختانهن في الصومال تبلغ 98% وأن هناك عشرات الآلاف من الفتيات يعانين من آثار هذا السلوك الذي وصفته بالسيئ معتقدة أنها لم تعد مشكلة وطنية فحسب بل وإقليمية وعالمية نتيجة لكثرة ضحاياها. وأكدت أن هناك برنامجاً مكثفاً وعملاً دؤوباً يجري التحضير له حالياً في إطار خطة وزارتها، مشيرة إلى أن الجهات ذات العلاقة بمحاربة هذه العادة تبذل جهودها لمحاربتها. ورأت رمزية الإرياني الأمين العام للاتحاد النسائي العربي العام رئيس اتحاد نساء اليمن أن هذه الظاهرة لا ترتبط بديانة أو فئة معينة أو طبقة اجتماعية أو اقتصادية، كما أنها لاتمارس على أسس دينية وإنما تعود لعادات وتقاليد متوارثة ترتكز على اعتقاد بأنها طهارة وتحافظ على عفة الفتاة وتحميها من الانحراف معتبرة أن هذا الاعتقاد خاطئ تماماً من الناحية العلمية والدينية، ومشيرة إلى أن هذه الظاهرة ممارسة تقليدية قد تترك آثاراً خطيرة على صحة الفتاة فضلاً عن كونها انتهاكاً لحقوقها. ممثل منظمة اليونيسيف عبده كريمو ادجبادي قدم إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية توضح أن هناك ما بين (100- 140) مليون فتاة تم ختانهن في العالم، وموضحاً أن الدراسات الحالية تشير إلى أن هناك 3 ملايين فتاة وامرأة في كل من الصحراء الأفريقية ومصر والسودان واليمن تم ختانهن، مشيراً إلى أن هناك حوالي 76% من الفتيات في بعض مناطق اليمن تعرضن لهذه الظاهرة منذ الأسبوعين الأولين من ولادتهن وخاصة في محافظات حضرموت، الحديدة، المهرة. واعتقدت سوسن الرفاعي مسؤولة برامج النوع الاجتماعي بصندوق الأممالمتحدة للسكان أن الختان يعد شكلاً خطيراً من أشكال العنف الذي يمارس ضد الفتيات، وأن له عواقب جسدية ونفسية قد تؤدي إلى مخاطر صحية طويلة المدى وقد يؤدي بالحياة في بعض الأحيان، مشيرة إلى أن هذه القضية هامة وتعتبر حقاً من حقوق الإنسان والمتمثل في الحق في الصحة والحق في الحياة، منوهة إلى أن هذا الحق تتم مصادرته في مقتبل العمر حيث لا تعي الطفلة مخاطره ولا تستطيع منعه، مؤكدة التزام صندوق الأممالمتحدة للسكان بالعمل مع الشركاء الوطنيين لمكافحة التمييز والعنف الموجه ضد المرأة والفتيات. هذا وأعقب الجلسة الافتتاحية مؤتمراً صحفياً أدلى فيه مشائخ الدين والعلماء بدلوهم حيث اعتبر الشيخ جبر الله عبد الحليم (من مصر) ختان الإناث عادة سيئة وليست عبادة مؤكداً ضرورة تكاتف الهيئات والجهات المعنية للقضاء عليها، ومشيراً إلى وجوب التوعية المجتمعية بأخطار هذه الظاهرة، ووافقته الرأي في ذلك الدكتورة آمنة عبد الرحمن (من السودان) مؤكدة ضرورة توحيد كلمة الفقهاء لمنع هذه الظاهرة والتوعية بذلك عبر المناهج التعليمية. فيما أوضح الواعظ صالح عبد الله باجرش أن مزاولة هذه العملية تختلف من منطقة لأخرى، مشيراً إلى أن هذا الموضوع مختلف فيه بين أهل العلم الشرعي مابين الوجوب والسنية المباح، وبين أهل العلم الطبي وبين محذر ومشجع، إلا أنه أفاد أن الإجماع من الناحية الشرعية والطبية يكاد يكون على حرمة وضرر الختان الفرعوني أو المبالغة في الختان ومن حيث أنه يؤدي إلى ضرر نفسي وصحي معاً وقاعدة الجميع لا ضرر ولا ضرار، مقترحاً معالجة هذا الموضوع معالجة غير مباشرة من حيث الابتداء بمعالجة تلك المناطق التي تمارس الختان الفرعوني. الشيخ جبري إبراهيم أوضح أنه ليس هناك تشريع أو نص صريح في القرآن أو السنة النبوية الشريفة يأمر الناس بختان الإناث ولم يأمر بذلك، مستعرضاً بعض الأحاديث النبوية الشريفة بهذا الخصوص ومبيناً أنها تصرح مطلقاً بوجوب ختان الإناث. يذكر أن نسبة الفتيات اللاتي تعرضن للختان في بلادنا في بعض المحافظات كانت 97.3% في الحديدة، 96.6% في حضرموت، 96.5% في المهرة، و 82.2%، 45.5% في كل من عدن وأمانة العاصمة على الترتيب، فيما توجد هذه الظاهرة بنسب أقل في المحافظات الأخرى وخاصة القريبة من السواحل.