عادة ما يستبق الاثير نبرات صوته ليقدمة لنا هكذا : الشيخ الحافظ يحيى أحمد الحليلي ، آخر الاسماء العملاقة التي حملت القرآن عبر حناجرها الذهبية لترتفع به ترتيلا وتلاوه وجلال وخشوع . تجده الان في مكانه في محراب الصلاة بجامع قبة المهدي وسط العاصمة صنعاء يؤم بالناس جماعة و يرأس حلقات الدرس ، يقضى فيه معظم أوقاته ، ويعتبره متنفسا له رغم ان له بيتان. اطلالته علينا في شهر رمضان تذكرنا دائما بالمرحوم محمد حسين عامر والقريطي وغيرهم من الاسماء الخالدة ممن ورث شعبيتهم الواسعة ، خاصة بعد أن رحلوا وتركوا لنا الساحة خالية إلا من ذكراهم العطرة التي نحاول ان نقتفي أثرها بين مقرئي اليوم فلا نجد سوى انصاف المتعلمين.. تقدمة لنا (سبأ) على غير العادة متحدثا لا مقرىءً ، يتحدث عن عامر والقريطي وزمن الماضي الجميل ، والحوار لا يخلو طبعا من المفاجئات فألى النص : - سمعنا احد تلاميذك يسألك عن صحتك ياترى هل تعاني من شىء ؟ _ اعاني من التهابات في الحبال الصوتية حسب الاطباء المختصين وسأتجه قريبا إلى القاهرة لاجراء عملية جراحية . - ما مدى تأثير هذه الالتهابات على قدراتكم في تلاوة القرآن الكريم ؟ _ الحقيقة هي تسبب لي الكثير من الالام والمشاكل خصوصا في المساء عندما اقوم بالقراءة في الاذاعة على عكس الصباح . - نعود لموضوعنا .. كيف تقدم نفسك للقارىء ؟ _ انا يحيى احمد الحليلي من مواليد قرية الحليلة بني مطر محافظة صنعاء من مواليد 1952م، عشت سبع سنوات مبصرا فجاء مرض الجدري واخذ مني نعمة البصر ، ولم اكن حينها اقرأ القرآن ، وفي السنة الثامنة من عمري الحقني والدي لحفظ القرآن بالجامع الكبير, لانه لم تكن توجد في ذلك الوقت مدارس مثلما هو الحال عليه الآن, والملاحظ انه لم يكن يتخصص في حفظ القرآن الكريم حينها إلا المكفوفين ، وقد حفظت القرآن خلال سنتين . - ما سبب اقتصار حفظة القرآن الكريم على المكفوفين ؟ _ لاأعرف, وحتى الآن الجامع الكبير يهتم بتحفيظ القرآن الكريم للمكفوفين,بينما يكون الاهتمام اكثر بتعليم المبصرين العلوم الفقهية من شرح الازهار,ولهذا نجد ان معظم حفاظ القرآن الكريم من المكفوفين مثل شيوخنا الاجلاء علي الوتري وعلى الطائفي وحسين الغيثي شيخ القراءات في اليمن سابقا ومشائخنا احمد ناصر الخولاني واحمد حسين الخولاني وعلي المراصبي ومحمد حسين عامر واحمد حسين عامر واحمد حسين الكحلاني . - كيف تصف علاقتك بالمرحوم الشيخ محمد حسين عامر ؟ _كانت علاقتي بالمرحوم محمد حسين عامر ودية ، منذ بداية معرفتي به وحتى وفاته ، حيث كنا ندرس في الكلية العليا معاً ، ويصطحبني معه اليها يومياً بسيارته لمدة ست سنوات ، بالاضافة الى مشاركتنا معا في المسابقة الرمضانية التلفزيونية (الرحاب) عدا السنه الاخيرة 1999م التي أنتقل فيها الى جوار ربه ، حيث كان على فراش المرض ،وقبل وفاته بيوم واحد ، أذكر أنني اتصلت به واشاد بمستوى المسابقة ، وبالحفاظ ووصفهم بانهم ممتازون, وفي يوم الجمعه كان رحيله .وفي حياته رحمة الله ذهبنا معا إلى الكثير من المناطق والمحافظات مثل الحديدة وتعز وإب وذمار وابين وعدن والمكلا ، وكان مثالا للانسان النبيل . - هل هذا كان كل ما يربطكم به ؟ _ لا طبعا المرحوم محمد حسين عامر كان شيخي واحتفظ له بالكثير من الذكريات الجميلة. - ما اجمل ما تحتفظ به الذاكرة من مواقف بينكما؟ _ مواقف كثيرة لا استطيع حصرها ، فقد سافرنا معا معظم السفريات الخارجيةذهبنا مثلا إلى المملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج ، وسافرنا معا عندما ختمت القراءات السبع ، أثناء اداء فريضة العمرة في 1973م عندما وقعت الحرب بين العرب واسرائيل ، والتقانا الملك فيصل في الرياض ومعنا الشيخ احمد عبدالرحمن محبوب والشيخ حسين باصيد وآخرون ، وجاءت هذه السفرية أكراما لي ولمشائخي ممن اعانوني على حفظ القرآن الكريم واتقان القراءات وكان على رأسهم طبعا الشيخ محمد حسين عامر. - هل كان ثمة شعور بالمنافسة من اي نوع بينكم وبين الشيخ محمد حسين عامر؟ _ اطلاقا كان هو دائما يشجعني في كل خطوة اخطوها ، وكنت الاحظ مثل ذلك التنافس بينه وبين الشيخ احمد محبوب رحمة الله إلا انها كانت منافسة شريفة. - لمن ترجعون الفضل في تعلمكم أصول القرأة ؟ _ لوالدي أولا ، ومن ثم التجويد والحفظ على يد الشيخ محمد حسين عامر ، اذ انه كان لابد بعد الانتهاء من حفظ القرآن تجويده مرات عديدة ، وانا جودته على يد الشيخ محمد حسين عامر واخيه احمد, حيث كنت اذهب الى مسجد البهمة في الفجر وانا طفل صغير وذلك قبل قيام الثورة. - بمناسبة الحديث عن الثورة أين كنت حينها؟ _ كنت طالبا وبدأت ادرس في المدرسة العلمية المعروفة حاليا بمدرسة الوحدة ، حيث أكرمني بدخولها لحفظي القرآن وزير المعارف انذاك محمد عبدالله عامور وبقيت فيها نحو شهرين حتى قامت الثورة, وبعد الثورة تحولت المدرسة العلمية الى معهد ازهري وكان المصريون يتولون ادارته ويدرسوننا البلاغة والمنطق واللغة الانجليزية وغيرها من المواد التى درستها في المعهد,وكان من ضمن زملائي الاخوة علي صالح الجمرة وصالح عباد الخولاني واحمد محمد الشبيبي - كم لديكم من الاولاد وهل يوجد فيهم من يحفظ القرآن ؟ _ لديا تسعة اولاد, منهم ستة ذكور وثلاث فتيات, ولايوجد فيهم من يحفظ القرآن سوى بنت واحدة, فيما البقية يتقنونه ويجودونه فقط . - هل كان لكم دور في تحفيظهم القرآن وتجويده ؟ _ لا, لكن ذلك كان بمجهود ذاتي, لان معظم وقتي في مسجد قبة المتوكل صباحا ومساء أدرس فيه القرآن الكريم, بدافع ذاتي وليس الزاما نظرا لوجود طلاب اعداد كبيرة من الطلاب, لم تقتصر على الاولاد فقط وانما من الفتيات ايضا, حيث يوجد ثلاثين طالبة, منهن خمس يقرآن الآن القراءات السبع . - كم عدد الذين تم اجازتهم كحفاظ لكتاب الله تعالى على يدكم؟ _ كثير, ولا استطيع ان احصرهم, والذين اجزتهم اكثر من مائة او يزيد . - هل من أنشطة اخرى تمارسونها الى جانب تعليم القرآن ؟ _ لايوجد سوى دروس علمية نعقدها هنا مع مجموعة من الناس في المسجد . - هل من اصوات معينة على المستوى المحلي أو العربي أستهوتكم وتمنيتم ان تكونوا مثلها؟ _ على المستوى المحلي هناك اصوات جيدة كالشيخ محمد حسين عامر والشيخ محمد القريطي وكثيرين رغم أن نغمة التجويد لدى البعض كانت تطغي احيانا على الحروف ..اما على المستوى العربي والعالم الاسلامي فأنا أحب صوت محمد صديق المنشاوي, احبه كثيرا ، وحاولت تقليده, لكن لم اتمكن, وكذا الشيخ محمود خليل الحصري والشيخ عبدالباسط عبدالصمد, وغيرهم من الحفاظ والقرأ المصريين. - إذا كان لديكم ملاحظات على قراءات البعض هل معنى هذا انه ليس لديكم ملاحظات على قراءاتكم ؟ _ هناك ملاحظات طبعا ، وكنت قد سجلت المصحف والشيخ محمد حسين عامر في الاذاعة في الثمانيينات, واقول وبكل صراحة, هناك نقص كثير في قرأتي لاحظتها عندما سمعتها ، فعندما يقرأ الشخص وخاصة قرأة الغيب يكتشف الكثير من الاخطاء . - هل ثمة مكانة أجتماعية معينة أكسبكم آياها حفظكم للقرآن الكريم ؟ _ والله القرآن يعلو ولا يعلى عليه ، الحمد لله لقينا احترام خصوصا وان شعبنا اليمني يحترم كل من يحفظ كتاب الله تعالى . - أخيرا هل هناك من يرى فيه الشيخ الحليلي خليفة له؟ _ عندي اربعة او خمسة من الطلاب, انشاء الله يكونون قرأ جيدين في المستقبل،كما ادعو في هذا الشأن الى توسيع اماكن تعليم وتحفيظ القرآن الكريم .