يحتفل المغاربة كغيرهم من سائر المجتمعات الأسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف، ولكن بخصوصيات ثقافية اجتماعية (عاداتية تقاليدية) ميزت الشعب المغربي عن غيره، وكإحدى هذه الخصوصيات الثقافية نتناول العادات المتوارثة والتي ما تزال تحتل حيز كبير في نفوس المغاربة. تفاصيل أكثر في سياق هذا التقرير يتجمع آلاف من المغاربة والسياح في هذا اليوم من كل عام الذي يصادف ذكرى المولد النبوي الشريف بسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وبآل بيته الطاهرين، في مدينة سلا المغربية المجاورة للعاصمة الرباط لحضور مهرجان الشموع السنوي وهو تقليد سنوي قديم بدأ في عهد الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي حيث أعجبه مهرجان مشابه أثناء زيارته اسطنبول مما دفعه إلى السعي لتنفيذ النسخة المغربية منه فاستدعى أمهر صناع الشموع في كل من مراكشوسلا وفاس من أجل خلق روح التنافس في صنع أروع وأجمل الهياكل الشمعية على غرار ما شاهده في تركيا وذلك عام 986ه. ومنذ ذلك التاريخ ظلت مدينة سلا محافظة على هذا الموعد السنوي حيث تستعد مدينة سلا وأهلها قبل أسابيع من موعد أقامة المهرجان لتصبح المدينة وكأنها عروس تستعد لاستقبال عريسها والمهرجان فرصة سنوية للصناع التقليديين للتباري وإبراز مواهبهم في ابتكار أجمل الهياكل وأغربها. ويجوب العشرات من صانعي الهياكل الشمعية شوارع المدينة بشموعهم المصممة بطرق جميلة تسرق الأنظار وسط طقوس احتفالية وحضور واسع للمتفرجين الذين يأتون من خارج المغرب وداخله للتمتع بالمشاهد الاحتفالية التي تجري على أنغام الموسيقية التراثية التي تختلف من موكب إلى موكب وتختلف الشموع المعروضة في التصميم والحجم والوزن حيث قد يصل طولها ثلاث أمتار في بعض الأحيان ، بينما يتراوح وزنها بين 15 و60 كيلوغراما ويتحرك الموكب من ساحة السوق الكبير بالقرب من دار صانع الشموع يتقدمه شرفاء ووجهاء المدينة ويرتدي الجميع أزياء مغربية تقليدية وهم يحملون الشموع فوق أكتافهم، وعلى أصوات الطبول يزحف الموكب في مسار معروف داخل شوارع وميادين المدينة ويتوقف عند معالم المدينة التاريخية و يتم تزين الأطفال وتشارك النساء بالتصفيق والزغاريد والتشجيع وتشتهر مدينة سلا بطيبة سكانها وحفاوتهم وكرمهم واستقبالهم الحار للضيوف. ويختتم موسم الشموع بحفل "الصبوحي" الذي يقام ظهر اليوم السابع من عيد المولد النبوي الشريف بضريح الولي الصالح تتخلله تلاوة آيات قرآنية وأذكار وسرد سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. سلا مدينة الصناعات التقليدية المغربية مدينة تعتبر أحدى أهم مدن الصناعات التقليدية المغربية ويقال عن حرفيوها إنهم يملكون أصابع من ذهب تنتج الجديد كل يوم وتعتبر «قرية الفنون» للخزف في «الولجة» والتي تديرها سيدة الفلكلور المغربي زينب السنتيسي أكبر دليل على حفاظهم على هذا الموروث الشعبي، وتحضى صناعة الشموع في المغرب باحتكار أبداعي من قبل بعض العائلات العريقة مثل عائلة بنشقرون، وعائلة حركات وعائلة بلكبير سبا