قال القاضي يحيى محمد الماوري إن أسباب عجز الفكر السياسي العربي في ابتكار حلول عملية لإشكالية الدولة الحديثة ترجع الى عدم تقبل مبدأ التداول السلمي للسلطة. وأشار القاضي الماوري عضو مجلس إدارة المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) خلال الحلقة النقاشية التي نظمها المركز اليوم بصنعاء بعنوان " دولة المؤسسات ومبدأ الفصل بين السلطات"، الى ان هذا العجز يشكل أزمة للمنظومة السياسية العربية (سلطة ، معارضة)، كما يعد العائق الأكبر أمام التحول الديمقراطي في الوطن العربي. وبين أن مفهوم الدولة القانونية في التصور الإسلامي قد سبق الفكر الغربي بزمن طويل وان أول دولة قانونية هي الدولة التي أسسها النبي (ص) وأصدر فيها الوثيقة المدينة ومن ثم تعايش الجميع رغم التنوع الديني والعرقي، ووصلت الدولة الإسلامية إلى مشارق الأرض ومغاربها بالعقيدة والفكر. وأوضح القاضي الماوري أن أهم هدف في نظر فقهاء القانون الدستوري العالمي هو فصل مؤسسات الدولة عن شخصية الحاكم والتي كانت تطغى على شخصية الدولة .. مبيناً ان مبدأ الفصل بين السلطات لايسود إلا في ظل النظام النيابي الذي تتضح فيه الضرورة إلى توزيع السلطات " التشريعية، تنفيذية، قضائية". ولفت إلى أهمية الفصل بين السلطات وفهم أنواع هذا الفصل والمتمثلة في " الفصل النسبي أو التوازن، الفصل المطلق، التداخل بين السلطات". معتبراً النوع الأول هو الأفضل وهو المعمول به في بريطانيا. وتطرق الماوري إلى ملامح التجربة العربية واشكالياتها ابتداء من خروجها عن الدولة العثمانية مروراً بالصراع الذي نشأ بين التيار القومي بشقيه " الناصري , البعثي " والتيار الإسلامي وانتهاءً بمشروع الدولة القطرية الذي حظي بدعم خارجي قوي وبحسب التقسيم الاستعماري " سايكس بيكو". لافتا إلى ان جميع التيارات بما فيها التجارب الحديثة " الليبرالي، الاشتراكي، التقليدي " فشلت في إيجاد دولة المؤسسات الحديثة. واستعرض القاضي الماوري التجربة اليمنية وما عانته من مخاضات في ظل الحكم الإمامي والاستعمار الانجليزي وما تلاها من صراع بين النظامين الشطريين.. مؤكداً ان اليمن حقق منجزا تاريخيا كبير بقيام الوحدة التي نتج عنها التعددية الحزبية وبدأ ظهور دولة المؤسسات والفصل بين السلطات. وتطرق إلى النظام الدستوري اليمني ومبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها، وكذا الحماية الدستورية للسلطتين التشريعية والقضائية وضمانات استقلالية كل سلطة عن الأخرى. وخلص الماوري إلى وجود تداخل في الاختصاصات في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية فضلاً عن الخلل في بعض النصوص الدستورية. مشددا على ضرورة مراجعة أسباب الاختلالات الموجودة والعمل على إصلاحها بمسؤولية وطنية جماعية دون إلقاء المسؤولية على جهة او فئة بعينها. هذا وأثريت الحلقة النقاشية بمداخلات مستفيضة من قبل عدد من الباحثين والمهتمين في مجال الفكر السياسي والسلطة. حضر الحلقة وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى احمد محمد الكحلاني وعدد من الباحثين والمهتمين.