يتوجه الناخبون اللبنانيون يوم غدٍ الأحد للتصويت في الانتخابات النيابية التي يرى المراقبون بأنها ستكون منعطفا لتحديد مسار الحكم بعد ازمة سياسية استمرت لعام ونصف بين قوى الرابع عشر من مارس، والمعارضة للحصول على أغلبية مقاعد المجلس الجديد. ويتنافس في هذه الانتخابات ما يزيد عن 525 مرشحا على 125 مقعدا، بعد فوز ثلاثة مرشحين بالتزكية، حتى الآن، في المتن الشمالي ودائرة بيروت الثانية، ويبلغ عدد الدوائر الانتخابية 26 دائرة. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين على قوائم الانتخابات للعام 2009م، والذين لهم حق التصويت نحو ثلاثة ملايين و257 ألفا و230 ناخبا، منهم مليون و966 ألفا و936 ناخبا مسلما، ومليون و269 ألفا و480 ناخبا مسيحيا، ولا يرتبط التصويت بالطائفة، فمن حق الناخب أن يصوت للعدد المحدد لدائرته من المرشحين من كافة الطوائف. وبحسب الدستور اللبناني وقانون الانتخابات الصادر في 29 سبتمبر 2008م، (أحد بنود اتفاق الدوحة الموقع بين الفرقاء اللبنانيين) فإن الاقتراع يتم ببطاقة الهوية أو جواز السفر الصالح فقط لمنع التزوير، وإجراء الانتخابات في الدوائر كافة في يوم واحد، في حين أرجأ القانون مشاركة المغتربين اللبنانيين في التصويت إلى انتخابات عام 2013م. ونص القانون على أنه يسمح لكل مرشح إنفاق مبلغ 150مليون ليرة فقط على الانتخابات وتحت طائلة إبطال نيابته والطعن بها. وحسب القانون تقدم الطعون إلى المجلس الدستوري، وهو هيئة قضائية مستقلة للنظر بها خلال أربعة شهور. وقد اتخذ الجيش اللبناني والقوى الأمنية إجراءات أمنية استثنائية، ونفذا عملية انتشار واسعة، تخوفا من حصول أعمال شغب يوم غد. وأكد وزير الداخلية اللبناني زياد بارود اتخاذ مجموعة التدابير حفاظا على حسن سير عملية التصويت. ومن أبرز هذه التدابير وقفُ الحملات الإعلانية ومنع المواكب السيارة للمرشحين ابتداء منعا للاستفزازات. من ناحية أخرى دعا قائد الجيش العماد جان قهوجي أركان القيادة وقادة المناطق والوحدات الكبرى إلى الجاهزية الكاملة للقيام بالمهمة الموكلة إليهم يوم الانتخابات، مؤكدا أن هذه الانتخابات تستحق بذل أقصى الجهود لتوفير أمن المواطن في الانتقال إلى مراكز الاقتراع، والتعبير عن خياره بحرية. وقد استدعت الانتخابات اهتماما دوليا تمثل بعدد الهيئات الرقابية التي وصل عددها إلى ست هيئات أبرزها لجنة كارتر والمعهد الديموقراطي للشؤون الدولية وبعثة الاتحاد الأوربي التي وصل عدد أعضائها إلى 100 مراقب وترتبط مهمتها بمراقبة مدى مطابقة الانتخابات المعايير الدولية والإقليمية مع مراعاة خصوصية القوانين المحلية. ويُجمع المراقبون على أن المواجهة الانتخابية بين فريقي الرابع عشر من "مارس"، الذي يملك الغالبية الحالية في مجلس النواب، وفريق الثامن من "مارس"، الذي يملك الأقلية ستكون مواجهة ضارية، إذ أن الاستطلاعات التي أجريت إلى الآن تدل على أن نتائج الانتخابات ستكون متقاربة جدا. وتنادي قوى الأكثرية في برنامجها السياسي بمرجعية بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، فيما تركز قوى الأقلية على مسألة الإصلاح ومحاربة الفساد وحق لبنان في المقاومة لاسترجاع كامل حقوقه. وتدور المواجهة الصرفة في الانتخابات في المناطق ذات الكثافة المسيحية في كل من دوائر، بيروت الاولى، و جبيل، وكسروان، والمتن، وجزين، وزحلة، وزغرتا، وبشرى، والكورة، والبترون، وذلك لأن النتائج تبدو شبه محسومة في الدوائر ذات الغالبية الإسلامية لصالح قوى النفوذ الحالية في كل من طرفي الأكثرية والأقلية البرلمانية. ويبدو جليا أن من سيفوز بالأكثرية المقبلة في مجلس النواب هو من سيربح في الدوائر المسيحية التي يشتد الصراع فيها بين (التيار الوطني الحر) بزعامة النائب ميشال عون وحلفائه في قوى الأقلية البرلمانية من جهة، والأحزاب والشخصيات المسيحية في قوى الأكثرية من جهة أخرى.