قال السفير السوداني لدى اليمن، محمد آدم إسماعيل، إن يمنا واحدا أفضل من يمنين، وأن الوحدة اليمنية مهمة للسلام العالمي. وقال في مقابلة صحفية مع "السياسية" إنه "يجب علينا أن نأخذ العبرة من الاتحاد الأوربي من أجل توحيد المنطقة العربية"، مضيفا أن العالم يعيش مرحلة التكتلات فكلما كانت البلاد موحدة وقوية وغنية بمواردها الطبيعية كلما كانت أكثر قوة لتعيش في عالم تحكمه المصالح. وتطرق السفير السوداني في المقابلة إلى عدد من القضايا التي تهم البلدين الشقيقين بما فيها التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي في سبيل خدمة مصالح الشعبين اليمني والسوداني. فيما يلي نص الحوار :- * في البداية كيف ترى مستوى العلاقات اليمنية- السودانية اليوم؟ - العلاقات اليمنية- السودانية ممتازة خاصة في المجال السياسي وقيادة البلدين متفقتان في كل القضايا التي تمس البلدين والقضايا الدولية الأخرى. والشعبان مزاجهم قريب من بعض منذ زمن طويل. * بالنسبة للتعاون في مجالات مثل الجانب الاقتصادي، إلى أي مدى وصل هذا التعاون؟ - أنا غير مرتاح للتعاون الاقتصادي لأنه ما يزال في بداياته بالرغم من أن الشعبين يعرفون بعضهم البعض جيدا من قديم الزمان، كثير من اليمنيين عاشوا في السودان وكثير من السودانيين يعيشون في اليمن لكن هذا التلاحم لم يُترجم إلى تعاون اقتصادي يخدم البلدين. على سبيل المثال، اليمن مشهور بأن لديه مقدرات زراعية كبيرة وفي مجال البناء أيضا فينبغي على السودانيين أن يستفيدوا من هذه الخبرات. فالمزارع اليمني الذي يزرع في الجبل يمكن أن يكون مبدعا إذا أتيحت له فرصة أن يزرع في أرض مثل السودان- يجب تفعيل هذا الجانب وإعطاء اليمني فرصة للعمل في السودان، وكأنه في بلده. ولدى اليمنيون أيضا خبرات تجارية كبيرة ولأن العالم مقبل على شح في الغذاء، لهذا يجب علينا أن نتكامل في هذا الجانب. * نعلم أن السودان رحب باستثمارات عربية في أراضيه، خصوصا في مجال الزراعة، ماذا عن استثمارات يمنية في هذا الجانب؟ - للأسف، اليمنيون لم يستثمروا مثل نظرائهم في الدول العربية- رغم التسهيلات التي أعطيت لهم ومنحهم مزايا عن غيرهم- لم يبدأ الاستثمار اليمني في السودان حتى الآن. رغم أن اليمن مستورد كبير للأبقار واللحوم لماذا لا يتجه التجار إلى السودان لاستيرادها. وكذلك أتساءل لماذا لا نجد عنب يمني في السودان؟ ونجد عنب مستورد من أمريكا اللاتينية أو من جنوب أفريقيا رغم أن المسافة بين السودان واليمن أقل من ساعتين بالطائرة؟ ينبغي أن نكتشف مقدراتنا وأن نستغل هذه المقدرات، لماذا لا يتجه اليمنيون إلى زراعة أنواع الذرة في السودان بدلا من استيراد الحبوب من الخارج؟. لكن مع ذلك هناك استثمارات يمنية في السودان في مجال النفط والنقل. * وماذا عن حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وما هي صادرات كل بلد إلى الآخر؟ - صادرات السودان إلى اليمن تكاد تكون شبه موقفة لعدم الاهتمام. وكذلك من الصعب تحديد التبادل التجاري بين البلدين. وهناك مشكلة في ارتفاع أجور النقل عبر الجو وقد تكون هذه المشكلة من العوائق التي تواجه الصادرات. لكن أقول طالما وأن اليمن بحاجة إلى اللحوم والسودان بحاجة إلى الأسماك- على سبيل المثال- عندنا سعر الكيلوجرام من السمك يساوي اثنين كيلوجرام من اللحم أو أكثر والعكس صحيح في اليمن سعر الكيلوجرام من اللحم يساوي اثنين كيلوجرام من السمك- لماذا لا يتجه التجار إلى تصدير السمك للسودان واستيراد اللحوم منها؟. الأدوية السودانية غائبة عن الأسواق اليمينية؛ لأن التجار يستوردون الأدوية التي تأتي عن طريق السعودية. * التعاون الثقافي بين البلدين يبدو أنه أكثر بروزا من سواه، ماذا عن المنح التعليمية التي يقدمها السودان للطلاب اليمنيين وكذلك المنح اليمنية لطلاب سودانيين؟ - المنح التعليمية مستمرة بين البلدين.السودان يقدم 80 منحة للطلاب اليمنيين في مجال الدراسات الجامعية والعليا وتقدم اليمن 60 منحة لأبناء الجالية السودانية في البلاد في مجال التعليم الجامعي وإذا فاض العدد، يمكن إعطاء منح لطلاب قادمين من السودان. * ماذا عن حجم الجاليتين اليمنية والسودانية في كلا البلدين؟ - هناك سودانيون يعيشون في اليمن منذ أكثر من عشرين عاما ولا نكتشفهم إلا عندما يأتون إلى السفارة لتجديد إقامتهم. بعضهم قد اندمجوا مع الشعب اليمني وأحبوا العيش في اليمن. معظم الجالية السودانية هم مدرسون وأساتذة جامعة وخبراء وعاملون في منظمات الأممالمتحدة وفي منظمات أخرى كالصليب الأحمر. هناك سودانيون قد تزوجوا بيمنيات وفي السودان أيضا هناك يمنيون قد تزوجوا بسودانيات ومن الصعب تحديد عدد الجالية السودانية في اليمن. *هناك قاسم مشترك بين اليمن والسودان وهو الوحدة بين الشمال والجنوب- من وجهة نظرك كيف يمكن الحفاظ على هذه الوحدة؟ - هذا الزمن هو زمن الكيانات الكبيرة- كلما كانت البلد كبيرة وعندها مقومات وموارد فإنها مرشحة أن تعيش في عالم تحكمه المصالح. بالنسبة للوحدة في السودان، بعد اتفاقية السلام أعطينا الإخوة في الجنوب خيار الاستفتاء إما أن يبقوا في وحدة جازمة أو ينفصلوا. وفي نظرنا الوحدة خير للطرفين الشمال والجنوب من أجل إقامة دولة قوية. وحتى في حال الانفصال- لا قدر الله- ستبقى العلاقات بين السودانيين أقوى. أما بالنسبة لليمن، يمن موحد أفضل من يمنين وإذا كانت هناك مطالب فيجب أن تتحقق عبر التنمية. ومن جهة أخرى، وحدة اليمن أفضل للسلام العالمي ويجب علينا أن نأخذ الدرس من الاتحاد الأوربي من أجل توحيد المنطقة العربية. * مرت سنوات على إقامة تجمع صنعاء، أين دوره في حل القضايا التي تواجه أعضاؤه؟ - التجمع ما يزال في بداياته ويعتمد مستقبل التجمع على خدمة الطموحات الاقتصادية للدول الأعضاء. وإذا ما تم تفعيل الاتفاقيات التي وقعت بين الدول الأعضاء فإن هذه الاتفاقيات ستعزز السلام والأمن والتطور الاقتصادي في المنطقة. ويجب أن تكون سكرتارية التجمع أكثر فعالية ونأمل أن نرى مشاريع إستراتيجية مشتركة ومناطق صناعية مشتركة ومناطق حرة وتعاون في المجال البحري. ورغم وجود عددا من الاتفاقيات بين الدول الأعضاء في مجال الضرائب والاتصالات إلا أنها بحاجة إلى تفعيل. * في ظل الطموحات العربية للسعي لوحدة عربية شاملة، هناك من يدعو إلى تشطير الصفوف العربية، ما هي رؤيتك لمثل هذه التصرفات التي تثير اشمئزاز الدول العربية وقادتها؟ - ليس من مصلحة الأعداء أن نتوحد، فالأعداء يطبقون سياسة فرق تسد ونحن في العالم العربي امتلكنا حضارة في الماضي ونمتلك حضارة في المستقبل ولدينا مقومات لحضارة اقتصادية وثقافية. لدينا موارد للطاقة ولدينا الأراضي الزراعية والمياه والثروة الحيوانية والموقع الاستراتيجي للمنطقة. لكن الأعداء لا يعجبهم هذا التوحد- فكلما شعروا أن هناك تقاربا بيننا، سعوا لإيجاد مشاكل لأنه عندما نكون متفرقين يسهل عليهم خدمة مصالحهم. هم يريدون خلق فوضى، هم يخدمون مصالحهم، فلماذا لا نخدم مصالحنا؟ ينبغي على القادة والشعوب العربية أن ينتبهوا للوحدة العربية فهناك من يقدم مصلحة الأجنبي على مصلحة أخيه العربي. * لا حظنا تطورا كبيرا في التصنيع السوداني في السنوات الأخيرة خصوصا في التصنيع الحربي وآخره تدشين طيارة مقاتلة سودانية، كيف استطاع السودان تحقيق ذلك؟ - التصنيع الحربي والمدني في السودان قفز قفزات كبيرة وكان الحصار الذي فرضته أميركا على السودان منذ الثمانينيات وإرادة السودان سبب نجاح السودان صناعيا وهذا شجعنا على كسر الحصار بطرق عدة مثل تطوير معدات عسكرية ومدنية. -الحمد لله- أصبح لدينا الآن في مجال الدفاع معدات عسكرية مثل الدبابات وأصبحت الذخائر تُصنع في السودان. وفي المجال المدني لدينا صناعات مثل السيارات والشاحنات تُصنع في مصانع "جياد" السودانية بخبرات كورية وفرنسية ولدينا تصنيع في مجال الألمنيوم والحديد الصلب فضلا عن أننا بلد مشهور بصناعة السكر. *وماذا عن المجالات الأخرى، زراعية- إنمائية وغيرها؟ - هناك تطور كبير في صناعة الأدوية وبعد شهر أو شهرين سيتم افتتاح أكبر مصنع للمحاليل الوريدية بأحدث التقنيات بالإضافة إلى أنه لدينا مدينة متكاملة للصناعات الدوائية وندعو المستثمرين اليمنيين للاستثمار في هذا الجانب. هناك أيضا تطور في إنتاج السكر والقطن وعباد الشمس الذي يُستخدم لتصنيع الزيوت وغذاء للدواجن والسمسم وتطور آخر في مجال الطاقة. أما المجال الزراعي فقد شهد قفزة في التطور حيث استطاعت باحثة سودانية إنتاج بذور لقصب السكر لأنه كما تعلم قصب السكر يتكاثر بالفسائل وهذا من شأنه سيزيد إنتاج السكر وصناعته حيث لدينا الآن مصانع حديثة للسكر قد تكون الأحدث في أفريقيا. السياسية