قلل سياسيون وأكاديميون وباحثون من الدور المعول على ما يسمى "مشروع الإنقاذ الوطني " , لإيجاد حلول جذرية لكثير من القضايا والمواضيع التي تضمنها لافتقاره إلى رؤى موضوعية لطبيعة المشكلات وأسبابها وسبل تجاوزها. واعتبروا أن معظم مضامين المشروع الذي تتبناه شخصيات في بعض أحزاب المعارضة "صيغت بأسلوب تعبيري إنشائي قد تناسب في حال الجدال السياسي ولكن لا تتناسب مع قضايا الواقع، سيما حين يتم التطرق إلى الشأن الاقتصادي". وانتقد الأكاديميون والباحثون في ندوة تقييمه حول مشروع الإنقاذ عقدت اليوم بصنعاء, الأسس والمعايير التي انبثق عنها المشروع وارتكازه على نظرة قاصرة لطبيعة الحقائق على الساحة وغياب المحددات الرئيسية لمعالجات القضايا والمواضيع التي رصدها. وطالب مشاركون في الندوة التي نظمها مركز الدراسات الإستراتيجية اليوم بصنعاء بضرورة إعادة النظر في صياغة المشروع والعمل على تضمينه الحلول القائمة على دراسات علمية بحثية فاحصة لتحقيق الأهداف المنشودة. وتركزت المناقشات في ثلاثة محاور مثلت تقييما نقديا لمضامين الوثيقة, تناول المحور الأول تشخيص مشروع الإنقاذ لمظاهر الأزمة السياسية وفتنة صعدة . وفي هذا المحور أورد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري و الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر المودع، جملة من الملاحظات حول الوثيقة ومضامينها في هذا الشأن. وبينت الملاحظات أن تشخيص جذور الأزمة السياسية لم يكن بالعمق الكافي حيث كان يجب التركيز على العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية التي أدت إلى هذا الواقع. وأخذ الظاهري والمودع على المشروع أنه لم يمنح قضية صعدة الصورة الكافية حيث اختصرها بصورة مجتزئة بعيدا عن أسبابها ولم يورد ما يمكن أن سهم في الحل. وفي جانب رؤية الوثيقة للأوضاع الاقتصادية بينت ملاحظات المتحدثين في المحور الأول أن مضامين الوثيقة خلت من الأرقام الاقتصادية المهمة. ولفتت إلى أنه تم التركيز في بعض النصوص التي تضمنتها الوثيقة فيما يتعلق بالرؤية حول السياسة الخارجية على الدور الذي يجب أن تلعبه اليمن في تفعيل جامعة الدول العربية ورابطة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التجارة العالمية في حين "كان من الأحرى - بحسب المودع - التركيز على قضايا مفتاحية في الشأن الوطني". وتوقع المودع أن الأحداث التي تشهدها اليمن قد تجعل من هذا المشروع جزءا من التاريخ بسبب تجاوز الأحداث المتلاحقة لمضامينه. أما في المحور الثاني المتعلق بتشخيص المظاهر الاقتصادية للأزمة والإصلاحات الممكنة فقد أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور خالد العديني إن مشروع الإنقاذ افتقر إلى توضيح وتوصيف الآليات الكفيلة بالمعالجة. وقال " إن الوثيقة صيغت بصيغة إنشائية قد تكون مناسبة في الجدل السياسي ولكنها لا تناسب الواقع الاقتصادي" .. لافتا إلى غياب المعلومات في هذا الجانب وغياب الاعتماد على المدخل الوظيفي بحيث تشخص المشاكل وفق ما هو كائن وما يجب القيام به لتجاوز هذا الوضع. وبين انه فيما يتعلق برسم السياسات الاقتصادية تم إهمال حقيقة الموارد إلى جانب أنه غاب عن الرؤية مؤشرات الوضع الاقتصادي منها أن اليمن من أفقر دول العالم للمياه وترتيبها في قائمة أوائل الدول في مجال الفقر العام، ما يتطلب رؤى حقيقة للتغلب على المشكلات الناجمة عن قلة الإمكانيات بما يكفل تجاوز معوقات الاقتصاد الوطني ومتطلبات التنمية. وقال : الرؤية وضعت عربة السياسة لتقود عربة الاقتصاد وأهملت الاقتصاد ".. مستنتجا من ذلك غياب الاقتصاديين المتخصصين عن لجنة إعداد المشروع. في حين ركز المحور الثالث على المهام والمعالجات الإنقاذية من قبل أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عدنان مقطري وعقب عليه عضوا لجنة الحوار الوطني محمد الصبري ومحمد قحطان. وأثريت الندوة بنقاشات مستفيضة من قبل عدد من السياسيين والباحثين والمهتمين الحاضرين في الندوة الذي ضمنوا مداخلاتهم تصويبات وملاحظات عديدة لما كان يجب أن تتضمنه وثيقة تحمل أسم "مشروع الإنقاذ الوطني ". وعقب على المتحدثين في المحاور الرئيسية عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري، والخبير الاقتصادي الدكتور حسن ثابت .