بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    الطيران الصهيوني يستبيح كامل سوريا    قرار بحظر صادرات النفط الخام الأمريكي    ضرب هدف عسكري للعدو جنوبي منطقة يافا المحتلة    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    منتخب الحديدة (ب) يتوج بلقب بطولة الجمهورية للكرة الطائرة الشاطئية لمنتخبات المحافظات    وفاة عضو مجلس الشورى عبد الله المجاهد    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    عدوان أمريكي يستهدف محافظتي مأرب والحديدة    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    هيئة الآثار تحذر من شراء الأراضي الواقعة في حمى المواقع الأثرية    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    أزمة اقتصادية بمناطق المرتزقة.. والمطاعم بحضرموت تبدأ البيع بالريال السعودي    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مليشيا الحوثي تتكبد خسائر فادحة في الجفرة جنوب مأرب    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    الرئيس الزُبيدي يدشّن بعثة المجلس الانتقالي الجنوبي في الولايات المتحدة الأمريكية    رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك يقدّم استقالته لرئيس مجلس القيادة الرئاسي    المستشار سالم.. قائد عتيد قادم من زمن الجسارات    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    عقد أسود للحريات.. نقابة الصحفيين توثق أكثر من 2000 انتهاك خلال عشر سنوات    استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    الأرصاد يتوقع استمرار هطول الامطار ويحذر من التواجد في بطون الأودية    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    سريع يعلن استهداف يافا بفلسطين المحتلة    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرحبي:لا التزامات استثنائية قدمها اليمن للغرب في مؤتمر لندن
نشر في سبأنت يوم 22 - 02 - 2010

نفى نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الأرحبي أن يكون ثمّة مخاوف من احتمالات التدخّل الأجنبي المباشر في اليمن، مؤكداً أن مؤتمر لندن خرج بنتائج مثمرة من أهمّها تعزيز بناء الدولة في اليمن ومساعدته اليمن في التغلّب على التحدّيات التي تواجهه دون التدخّل في الشؤون الداخلية للبلاد.
ونوه الأرحبي في حوار شامل مع "السياسية" عن بمقترح وزير الخارجية الإيطالي بإنشاء مجموعة "أصدقاء اليمن"، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد كان أول من فكّر بإنشاء هذه المجموعة. واعتبر الأرحبي أن اندماج اليمن اقتصاديا في مجلس التعاون الخليجي بات يمثل الخيار الوحيد لتمكين اليمن من تجاوز مشاكله واستعادة استقراره، معربا عن اعتقاده بأن كافة المشاكل التي يعاني منها اليمن في الوقت الراهن ترجع في جُذورها إلى أسباب اقتصادية وتنموية بما في ذلك الحراك في الجنوب وتمرد الحوثيين في الشمال. وتالياً نص الحوار:
نتائج مؤتمر لندن
* ما هي النتائج التي خرج بها مؤتمر لندن؟ وما طبيعة الالتزامات التي تعهدت للعالم من أجل معالجة الأوضاع في البلاد ؟
- أهمّ ما خرج به مؤتمر لندن هو التوافق بين الحكومة اليمنية والمانحين على تحليل موحّد للتحديات التي تواجه اليمن وتشخيص التحدّيات التي تواجهه وكيفية معالجتها، وهذا بحد ذاته إنجاز.
وقد تم الاتفاق على أن مشاكل الفقر والبطالة والخدمات الأساسية وبناء الدولة هي التحدّيات الأساسية والكُبرى التي تواجه اليمن، وهي الأرض الخصبة للتطرّف والإرهاب، وقد قدّمت الحكومة ورقة تضمنت تشخيصا واقعيا ودقيقا للغاية للمشاكل التي يعاني منها اليمن وحظي بإشادة واسعة من قبل المانحين بما في ذلك وزيرة الخارجية الأميركية التي وصفت التقرير بأنه "تضمن تشخيصا بلا رحمة للمشاكل في اليمن".
وقد تم النظر لهذه المشاكل من منظور بناء الدولة، وأعتقد بأن منظور بناء الدولة هو المنظور الأنسب للنظر إلى مشاكل اليمن، لقد تم الاتفاق على أن الإشكالية يمنية والحلول لا بُد أن تكون يمنية، ودور المانحين هو مساعدة اليمن للتغلّب على التحدّيات التي تواجهه لأن لا أحد سيحل لنا مشاكلنا.
كما تم الكشف عن مقترح تقدّم به وزير الخارجية الايطالي بإنشاء "مجموعة أصدقاء اليمن"، التي تضم عددا من الدول الصناعية الكبرى، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، لكن حقيقة الأمر أن وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان كان يفكِّر في ذات المبادرة، وربما يكون تحدّث مع وزير الخارجية الايطالي أو ربما خطرت الفكرة على بال كل منهما على حدّة، كما اقترح وزير الخارجية الايطالي إنشاء صندوق لتمويل مشاريع إنمائية في اليمن وهو مقترح جدير بالتقدير وسيمثل آلية إضافية للآليات المتاحة لنا. المانحون ينظرون إلى أنه يوجد لدينا أموال لم نتمكّن من استيعابها، ومن الطبيعي أن يفكّروا في مساعدة اليمن على استيعابها، لكن هذا لا يمنع أن يقدّموا بعض الدعم المالي.
* ذهب اليمن إلى مؤتمر لندن والحديث، يدور عن أنها دولة فاشلة، فهل تغيّرت هذه القناعة خلال مؤتمر لندن؟
- الرد على هذا السؤال يحتاج إلى تقييم وجهات النظر المختلفة، لكن كان ثمة إجماع لدى المشاركين في المؤتمر أن اليمن لديه فرصة لتعزيز بناء الدولة والتغلّب على التحدّيات، هذه قناعة لمسناها لدى جميع المانحين.
* التزم اليمن خلال المؤتمر بعدد من الالتزامات، فهل هو قادر على الإيفاء بها؟
- عند ما قلت إن المانحين يعتقدون بأن المشاكل يجب أن تُحل بأيادٍ يمنية فإنهم كانوا يشيرون إلى الإصلاحات وتعزيز بناء الدولة، ونحن في اليمن أنجزنا العديد من الإصلاحات، وبالطبع فإن الإصلاحات عملية صعبة ومعقّدة وشائكة وتواجه الكثير من المقاومة، وهي عملية تغيير تحتاج إلى قدرة استيعابية للجديد، وهذا يجب أن يُبنى بالتوعية والتأهيل، لكن أيضا بضخ دماء جديدة في المؤسسات المختلفة التي تتبنى هذه الإصلاحات، ولدينا بعض التجارب الطيبة، مثل إصلاحات قانون المناقصات والمشتريات وهو من أعقد الأنظمة، وقد تحوّل إلى قصة نجاح كبرى يتم الاستشهاد بالنموذج اليمني في إصلاح نظام المناقصات من قبل المانحين في المحافل الدولية.
الحكومة تمتلك الإرادة والتصميم لمواصلة تطبيق الإصلاحات؛ لأن هذه الإصلاحات هي مصلحة يمنية في المقام الأول، ونحن بصدد تطوير برنامج إصلاحات بالشراكة مع صندوق النقد الدولي، وخلال السنوات الماضية أنجزت الحكومة إصلاحات جيّدة، ولا توجد عصا سحرية في الإصلاحات، لكنها تحتاج إلى إرادة ومصداقية، وقد قُمنا بإصلاحات عديدة من قبيل إصدار قانون محاربة الفساد وهو تشريع ممتاز وقانون الذّمة المالية والانضمام لمبادرة الشفافية في الاستخراجات النفطية وغيرها.
* ماذا عن علاقة اليمن بصندوق النقد الدولي في ظل الاعتقاد السائد لدى البعض بأن مثل هذه المؤسسات لديها سياسات تحوّل فيها الدول إلى دول تابعة ومنزوعة الإرادة؟
- اليمن لديه علاقات ممتازة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي يأتينا بانتظام، ونحن نتفق في تحليل التحدّيات وفي الحلول، وكنا اتفقنا مع صندوق النقد الدولي على تطوير برنامج إصلاحات قبل انعقاد مؤتمر لندن ومؤتمر لندن فقط أكد على ما تم الاتفاق عليه بيننا وبين الصندوق النقد، وبالتالي ليست هناك مبادرة جديدة من مؤتمر لندن.
نحن نعرف سياسات ورؤى صندوق النقد والبنك الدوليين، واقتربنا كثيرا من هذه السياسات والرؤى وسنستمر في تطوير برنامج إصلاحات مع صندوق النقد، ولدينا تجربة سابقة مع صندوق النّقد في العام 1995، ونحن من سيُصمم هذا البرنامج بالشراكة مع صندوق النقد الدولي.
أما مسألة خضوع الدول لصندوق النقد الدولي وتحويلها إلى دول تابعة له فإنه تفكير عتيق وقديم، هاتان المؤسستان قدمتا الكثير للدول النامية، ولديها قدرات مالية وفنية هائلة، طبعا وقعت في أخطاء وأحيانا فادحة، لكن قل لي من لا يخطئ؟ لقد تغيّرت سياسات وآليات صندوق النقد الدولي، وأصبحت المؤسستان أكثر انفتاحاً ومرونة بكثير مما كانتا عليه في السابق.
الجسد المريض
* شُبّهت القضية اليمنية في مؤتمر لندن بجسد المريض الذي شُخصت حالته في لندن ورحل علاجه إلى مؤتمر الرياض، هل مؤتمر الرياض كافٍ لمعالجة الأزمة اليمنية ككل؟
- مؤتمر أو اجتماع الرياض مخطط له أن يكون اجتماعاً فنياً، وربما يكون للتهيئة للمؤتمر القادم لمجموعة "أصدقاء اليمن" في نهاية شهر مارس القادم والذي نفضّل أن يعقد في برلين، لأن ألمانيا دولة صديقة، وقدّمت الدعم لليمن طيلة أكثر من أربعين عاما.
* هناك حديث عن تدفق أموال خليجية إلى اليمن، هل المال كافٍ برأيك، أم أن هناك قضايا أخرى يريد اليمن أن يحصل عليها من دول مجلس التعاون الخليجي، مثل استيعاب العمالة وغيرها؟
- أريد أن أوضح لك محاور السياسات التنموية في اليمن، سياستنا التنموية تعتمد على ثلاثة محاور، الأول هو تحفيز النمو الاقتصادي والوصول إلى معدلات نمو مرتفعة ومحاربة الفقر والبطالة وتحسين ظروف الناس، والمحور الثاني يتمثل في الحماية الاجتماعية، والمحور الثالث يتمثل في الاندماج الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي.
وأنا أقول بصراحة ووضوح إنه بدون الاندماج في مجلس التعاون الخليجي لن يتمكّن اليمن من التغلّب على التحدّيات التي تواجهه، فهي تحديات كبرى ومعقّدة للغاية، وأكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة لنا، وبالتالي هذا رُكن أساس في سياستنا التنموية، والمتمثل في الاندماج الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي، ونعني بذلك بالدرجة الأولى استيعاب العمالة اليمنية في الأسواق الخليجية.
نحن شعب كبير ودائما مهاجر ومصدر للعمالة بسبب موارده المحدودة؛ فقدرة الاقتصاد حتى لو قمنا بتحسين مناخ الاستثمار، وهذا ما ننوي أن نفعله، فالقدرة على خلق فرص عمل ستكون محدودة، وبالتالي يجب فتح أسواق خارجية، والأسواق التقليدية بالنسبة لنا هي أسواق دول مجلس التعاون، لدينا مثال على ذلك في السبعينات والثمانينات فبفضل السياسات الحكيمة من المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز بعد انتهاء الحرب اليمنية بين الملكيين والجمهوريين أتيحت فرصة لليمنيين للعمل في المملكة، وكان اليمني يذهب إلى الحدود للبحث عن فرصة عمل وكان يعمل شأنه شأن المواطن السعودي، وقد قامت هذه العمالة بتحويل موارد إلى الداخل فأعالوا عائلاتهم، وكون البعض مدخرات استطاع أن ينشئ بها مشاريع تشغل آخرين وتدر إيراداً يومياً وكانت هذه قصة نجاح للعلاقات اليمنية - السعودية.
اليوم مجلس التعاون الخليجي هو الشريك التجاري الرئيس لليمن وعند ما تتحسن معيشة الناس في اليمن يزداد الاستهلاك، أيضا اليمن مصدر للعمالة وبوابة السعودية ودول الخليج لإفريقيا، وأريد أن أركّز على نقطة مهمّة، وهي أن البعض في دول مجلس التعاون كان ينظر لاندماج اليمن على أنه عبء على دول المجلس ونحن نقول إن اندماج اليمن في مجلس التعاون هو فرصة وليس من باب البلاغة والجدل، ولكن أثبتت تجربة الاتحاد الأوربي ذلك؛ فبعد توسع الاتحاد بعد عدّة سنوات اكتشفوا أن الدول المتقدّمة في الاتحاد الأوربي استفادت من الاندماج أكثر من البلدان الأقلّ تقدماً، ولدينا دراسة قام بها صندوق النقد الدولي أثبتت إن الفائدة متبادلة بين اليمن ودول مجلس التعاون في حال تحقق الاندماج، أضف إلى هذا أن استقرار اليمن جزءً من استقرار الجزيرة والمنطقة بأكملها.
* لكن ما هي التطمينات التي سيقدمها اليمن لدول مجلس التعاون، بأنه سيكون عنصرا فعالا في المنظومة الخليجية، فاليمن يعاني من مشاكل كثيرة وهناك مخاوف حقيقية لدى دول مجلس التعاون من ضمّه إلى منظومتها؟
- النقاش هذا أشبه بجدلية "البيضة والدجاجة"، البعض لديه تخوفات أمنية، ويقول إن اليمنيين لديهم أسلحة ودورات عنف، هذا الوضع كنا نعيشه بعد الحرب الأهلية في العام 70، وكان هناك من يعارض في السعودية سياسة الانفتاح التي تبناها الملك فيصل -رحمه الله- وهي نفس حجج اليوم، لكن الملك فيصل حسم أمره واتخذ القرار وما كان يخشاه البعض لم يحدث، فاليمنيون كانوا أهدأ جالية وأقلّها مشاكل في المملكة، ونحن اليوم نعيش ما عشناه في السبعينيات، وأنا لا أستطيع أن أتخيّل أن هناك مخاوف سياسية من قضيّة فتح الأسواق لليمنيين؛ فاليمني معروف أنه في المهجر يكون أكثر التزاما بالأنظمة والقوانين منه في الداخل.
* كثيرون يأخذون على الدولة إهدار أموال ضخمة على حروب في صعدة ومواجهة الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية، وهذه الأموال يمكن أن تُسخر في الاقتصاد والتنمية؟
- أتفق معك تماما في هذا، أنا دائما أردد أن الخط الأحمر المشترك لكافة اليمنيين هو قضية الاستقرار، يجب أن نتفق كفئات وأحزاب وأفراد بأن الاستقرار هو لصالح كل فرد منا، والاستقرار كفيل بتهيئة كافة الظروف لحل كل مشاكلنا.
في ظل الاستقرار يستطيع اليمني أن يجد لنفسه طريقاً فهم تجار وعندهم روح الريادة في الأعمال التجارية، ويجب أن نلتزم جميعا ونعي جميعا أنه في صالح كل فرد في اليمن أن يساهم في الاستقرار، فما الذي أدى إلى أن تخلفنا بهذا الشكل، وأن نواجه هذا العدد الهائل من التحدّيات، هي دورات العنف المتكررة منذ العام 1962، فاليمن لم يعرف الاستقرار منذ ذلك الوقت وحتى اليوم ، فكل دورة عنف تولّد أخرى، هذه هي كارثتنا في اليمن.
* تحت يافطة الاستقرار، هل يمكن أن يحدث نوع من التنازل بين السياسيين لبعضهم البعض، السلطة والمعارضة، هل حان الوقت ليدرك اليمنيين أن لديهم الإمكانية أن يبنوا وطناً موحّد والتخلص من هذه المشاكل؟
- أعتقد بأن هذا ممكن، من سجايانا وصفاتنا كيمنيين التسامح والمرونة والقدرة على التكيّف مع الظروف المختلفة، وهذه الصفات تؤهلنا؛ لأن نتحاور، وأن نتوصل إلى حلول متوازنة يمكن تكفل للجميع المصالح والأهداف دون اللجوء إلى القُوة للوصول إلى أهداف سياسية، خاصة أن لدينا وضعا ديمقراطيا يكفل لنا التعبير وتفريغ عواطفنا عبر صندوق الانتخابات، لكن يجب ألا نكون عجولين، فعدم الصبر عندنا هو الذي يولّد الكثير من التوترات ومع الاستقرار يأتي الخير.
بالاستقرار يمكن أن نتوصل لتسويات الكثير من النزاعات التي نعاني منها، وقد عرفنا الرئيس علي عبد الله صالح رجل تسامح ولديه من الشجاعة للتوصل إلى حلول أحيانا تكون قاسية بعض الشيء، واعتقد بأن هذا قادم، صحيح تتوتر الأمور لكن الحل قادم، وأنا على ثقة من ذلك.
* ألا يقلقكم الوضع في الجنوب، بخاصة مع الدعوات للتجزئة والانفصال ورفع العلم الأميركي من قبل البعض؟
- هذا مقلق للغاية، وهذه قضيّة مرتبطة ببناء الدولة التي لا تعني مسألة الضبط فقط، فبناء الدولة يعني تقديم الخدمات الأساسية للناس مثل التعليم والفرص في الحياة والتشغيل.
ما يتعلق بالحراك في المحافظات الجنوبية فلديّ قناعة تامة أنه عبارة عن مظهر من مظاهر التحدّيات التي نعاني منها، مثل البطالة والفقر والتعليم، عندنا عدد كبير من الشباب غير متعلمين بالمرة، فبسبب الزيادة السكانية صار يزداد عدد الناس الذين هم خارج المدرسة ولم يتعلموا، اليمن ينمو بمعدل 3 بالمائة سنويا، أي سبعمائة ألف مولود في السنة، وسنة 2001 كان لدينا مليوني طالب خارج المدرسة، ونحن نبني ثلاث مدارس في اليوم الواحد، لكن بسبب الزيادة السكانية وجدنا أن لدينا من خارج المدرسة ليس أقل من مليونين، بل ثلاثة ملايين طالب خارج المدرسة، وهذا رقم مرعب.
وأنا أرى أن التعليم إشكالية كُبرى وتساهم إلى حد كبير في التطرّف وبعد ذلك الإرهاب لأن كثيراً من الطلبة ليس لديهم فرصة أن يدرسوا ولدينا مشاكل كبيرة في التعليم ومخرجاته، ومن يتأهلون في التعليم العالي لا يكتسبون المهارات التي يحتاجها سوق العمل.
* كيف تنظرون إلى تأثير هذا الحراك على مستقبل اليمن؟
- الحراك يمثل تحدياً لا شك في ذلك، لكنه جزءٌ من التحديات التي تواجه اليمن، وهي تحدّيات تنموية في أساسها، وأعتقد بأن توفير فرص العمل وفتح أسواق الخليج للعمالية اليمنية سيُساهم كثيرا في حل الإشكال، هناك جزء كبير من المشتركين في الحراك لديهم مشاكل فقر وبطالة وتكوين أسرة ومسكن يعني جذور المشاكل كلها أساسها اقتصادية وتنموية.
* ما هي رؤيتكم لمعالجة الوضع في اليمن، هل تصلح الفيدرالية أم الحكم المحلي واسع الصلاحيات، هناك مبادرات متعددة في هذا الصدد؟
- نحن مضينا في طريق اللامركزية سواء كانت الدولة فيدرالية أو غير فيدرالية هذه قضيّة مفروغ منها، لا بُد أن تصل الدولة إلى كل المواطنين، واعتقد بأن آخر دولة يصلح لها النظام المركزي هي اليمن بسبب التشتت السكاني ووعورة الأرض، من الصعب أن صنعاء تخدم المناطق المختلفة، وهذا ما تبنّته الدولة الآن.
نتحدّث عن حكم محلي واسع الصلاحيات، واعتقد بأن هذا هو الطريق للحل، أما قضيّة الفيدرالية فهي في اعتقادي خطوة للوراء، خاصة بعد توحّد اليمن، واعتقد بأن طرح قضيّة الفيدرالية غير معقول، ليس من المعقول أن نرجع إلى الوراء، نحن نتحدّث عن حكم محلي واسع الصلاحيات وهذا تحدٍ كبير.
* تحدٍ بأي معنى؟
- البعض يعتقد بأن الحُكم المحلي هو مجرد قرار، القرار مُهم، لكنه تحدٍ كبير؛ لأنك لا تستطيع أن تخلق سلطة محلية إلا إذا كانت لديك قُدرة مؤسسة على مستوى المحافظة والمديرية والعُزلة، ونحن لدينا القدرات المؤسسية على مستوى بعض المحافظات تكاد تكون غير موجودة.
لا تدخل أجنبياً
* هل تمكن اليمن من تقديم ضمانات للدول الغربية من أنها قادرة على ملاحقة تنظيم "القاعدة" على أراضيه؟
- اليمن في مؤتمر لندن عزز التزامه بمحاربة "القاعدة"، ليس هناك بحسب علمي التزاماً استثنائياً؛ لأن اليمنيين يستشعرون خطر الإرهاب والتطرّف، إذ أنه يؤثر على حياة الناس واللجوء إلى مثل هذه الممارسات المتطرّفة أمر مقلق لأية دولة كانت وللحياة والسكينة العامة، محاولة الوصول وتحقيق أهداف سياسية عبر وسائل عسكرية أمر غير مجدٍ وإشكالية كبرى.
* هل أفهم أنكم ترون أن الحرب ضد "القاعدة" يجب ألا تكون عسكرية؟
- يجب اتباع كل الطّرق والسُبل، أعتقد بأن قضية الحوار والتوعية وأية وسائل أخرى يجب ألاّ نغفلها، يعني الشباب الذين هم منخرطون يتركون العنف ويعودون لممارسة حياتهم، وقد كانت هناك تجربة سابقة للحوار وكانت هناك بعض النتائج ربما قليلة لكنها كانت طيبة.
* في اعتقادكم هل يمكن أن يفكِّر الغرب في التدخّل العسكري المباشر في اليمن؟
- لا أتصوّر هذا، وأنا اقرأ الموقف هكذا، أن الغرب يريد أن يدعم تعزيز البنية المؤسسية في اليمن حتى يتمكن من مواجهة الإرهاب حتى لا يضطروا هم أن يتدخلوا في نهاية المطاف وليس العكس، الغرب يعرف ماذا يعني التدخل، فلديهم تجارب في الصومال والعراق وأفغانستان، واليمن من أكثر البلدان وعورة وصعوبة بالنسبة للمتدخل الأجنبي، فالتدخل مكلف بالمال وبالدم وقرارات التدخل المباشر غير مقبولة وغير شعبية لا تقبلها شعوبها، فلدى الحكومات الغربية صعوبات بالغة مع شعوبها لأنها تدخلت في العراق وأفغانستان، أيضا الإعلام يعارض التدخّل، وهذه القرارات لا تدعمها شعوب هذه البلدان.
* هل طرح موضوع التدخل المباشر في اليمن من قبل أية دولة في مؤتمر لندن الأخير؟
- لا، على الإطلاق.
* هناك من يقول إن الغرب يضغط على السلطات اليمنية لإغلاق ملف تمرد الحوثي والاحتجاجات في الجنوب ليتم التفرّغ للمعركة الكبرى مع تنظيم "القاعدة"، فهل هذا صحيح؟
- لا استطيع أن اسميه ضغطاً، لكن رأيهم يقضي بضرورة حل هذه الصراعات بالطّرق السلمية، هذه مسألة يطرحونها بقوة، ويقولون إن من مصلحة اليمن أن يتغلب على هذه الصراعات، وهذا صحيح، بل إنه من صميم مصلحة اليمن.
* ما هي رؤيتكم لمستقبل اليمن والتحدّيات التي تواجه؟
- أعتقد بأن اليمن لديه من الإمكانيات والفرص ما تساعده على التقدّم وبخطوات سريعة للأمام، لكن ذلك لن يتحقق إلا بالاندماج الاقتصادي، خاصة في مجلس التعاون الخليجي.
لقد تعب اليمنيون من الحروب، وربما صرنا أكثر استعداداً لأن نهتم أكثر بقضية الاستقرار، فرأس مالنا هو الإنسان، وأنا متفاءل إزاء مستقبل اليمن ومصلحة اليمن واليمنيين قطعا في يمن موحد وديمقراطي يتمتع فيه الجميع بالحُريات وأيضا بالفرص المتكافئة.
السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.