هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرارالوكيل المساعد السابق للقطاع المالي والإداري بوزارة الشباب    وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية في الجميمة بحجة    اجتماع يناقش تحديث الأطر المؤسسية بوزارة الاقتصاد    لقاءات الرئيس الزُبيدي.. تحركات يومية لكبح جماح حرب الخدمات    خطوة في طريق التعافي الاقتصادي    ضمت 85 مشاركة.. دائرة المرأة في الإصلاح تختتم دورة "التفكير الاستراتيجي"    رايتس رادار تدين حملات الاختطافات الحوثية في إب وتطالب بالإفراج عن المختطفين    خبير في الطقس يتوقع موجة أمطار جديدة تشمل اغلب المحافظات اليمنية    خبير نفطي يكشف معلومات جديدة عن ظهور الغاز في بني حشيش ويحذر    أما الدولة وسلطتها.. أو هائل سعيد وبلاطجته هم الدولة    مافيا "هائل سعيد".. ليسوا تجار بل هم لوبي سياسي قذر    ذا كرديل تكشف عن الحرب الإلكترونية الأميركية الإسرائيلية على اليمن    غزة: 20 شهيداً إثر انقلاب شاحنة محملة بالغذاء تعرضت لقصف صهيوني    مصرع 4 ركاب في تحطم طائرة نقل طبية بولاية أريزونا    زيدان يقترب من العودة للتدريب    اجتماع طارئ وقرارات مهمة لاتحاد السلة    قتلة وجلادي أمن مأرب يزهقون حياة طفل يتيم عمره 13 عاما    المواجهة مع هائل سعيد.. آخر معارك الوحدة اليمنية اللعينة    تخرج 374 مستفيدًا ومستفيدة من مشروع التمكين الاقتصادي بمحافظتي تعز ولحج    رئيس هيئة مستشفى ذمار يعلن تجهيز 11 غرفة عمليات وعناية مركزة    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لاعب برشلونة يوافق على تجديد عقده    اعتراف صهيوني: اليمن بدّد هيبة أمريكا في البحر    طيران اليمنية لا تعترف بالريال اليمني كعملة رسمية    هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنتج نكاتا مضحكة؟    رسميّا.. حرمان الهلال من سوبر 2026    كأس آسيا.. الأردن تكسب الهند والعراق يخسر أمام نيوزيلندا    لا قضاء ولا قدر في اليمن    سفير إسرائيلي سابق يطالب ماكرون بفرض عقوبات فورية على إسرائيل وعزلها جغرافيًا    من ضمّني لن أتركه وحده.. وكلمة السامعي بلاغ رسمي قبل السقوط!    عدن.. البنك المركزي يعلن سحب تراخيص منشأتين جديدتين للصرافة ويغلق فروعهما    أسبانيا تُفكك شبكة تهريب مهاجرين يمنيين إلى بريطانيا وكندا باستخدام جوازات مزوّرة    ستبقى "سلطان" الحقيقة وفارسها..    أياكس الهولندي يتعاقد مع المغربي عبدالله وزان حتى 2028    فريق شباب الحزم يتوج ببطولة العدين الكروية بنسختها الرابعة    مقتل مرتكب المجزرة الاسرية بإب    انتشال جثث 86 مهاجرًا وإنقاذ 42 في حادثة غرق قبالة سواحل أبين    لا تليق بها الفاصلة    محافظ عدن يقر رفع حافز المعلمين إلى 50 ألف    تعز.. اختتام دورة الرخصة الآسيوية (C) لمدربي كرة القدم    النفط يتراجع وسط تصاعد المخاوف من فائض المعروض    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    وزارة الزراعة تناقش استعدادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    إصابات إثر تصادم باصين للنقل الجماعي بمحافظة حضرموت    النائحات المستأجرات    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب رئيس الوزراء الأرحبي: أسباب اقتصادية وتنموية وراء مشكلات اليمن
نشر في المصدر يوم 15 - 02 - 2010


حوار : صادق ناشر

نفى نائب رئيس الوزراء اليمني للشؤون الاقتصادية، وزير التخطيط والتعاون الدولي عبدالكريم الأرحبي أن يكون ثمة مخاوف لدى بلاده من احتمالات التدخل الأجنبي المباشر في اليمن، مشيراً إلى أن مؤتمر لندن الذي انعقد مؤخراً بدعوة من رئيس الحكومة البريطانية جوردن براون خرج بنتائج من أهمها تعزيز بناء الدولة في اليمن ومساعدة اليمن على التغلب على التحديات التي تواجهه دون التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد . وكشف الأرحبي في حوار شامل مع “الخليج” عن مقترح لوزير الخارجية الإيطالي

بإنشاء مجموعة “أصدقاء اليمن”، مشيراً إلى أن وزير خارجية الإمارات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان كان أول من فكر بإنشاء هذه المجموعة . واعتبر الأرحبي أن اندماج اليمن اقتصادياً في مجلس التعاون الخليجي بات يمثل الخيار الوحيد لتمكين اليمن من تجاوز مشاكله واستعادة استقراره، معربا عن اعتقاده بأن كافة المشاكل التي يعاني منها اليمن في الوقت الراهن ترجع في جذورها إلى أسباب اقتصادية وتنموية بما في ذلك الحراك في الجنوب وتمرد الحوثيين في الشمال، وتالياً نص الحوار:

ما النتائج التي خرج بها مؤتمر لندن، وما طبيعة الالتزامات التي تعهدت بها صنعاء للعالم من أجل معالجة الأوضاع في البلاد؟

أهم ما خرج به مؤتمر لندن هو التوافق بين الحكومة اليمنية والمانحين على تحليل موحد للتحديات التي تواجه اليمن وتشخيص التحديات التي تواجهه وكيفية معالجتها، وهذا بحد ذاته إنجاز .

وقد تم الاتفاق على أن مشاكل الفقر والبطالة والخدمات الأساسية وبناء الدولة هي التحديات الأساسية والكبرى التي تواجه اليمن، وهي الأرض الخصبة للتطرف والإرهاب، وقد قدمت الحكومة ورقة تضمنت تشخيصاً واقعياً ودقيقاً للغاية للمشاكل التي يعاني منها اليمن وحظي بإشادة واسعة من قبل المانحين بما في ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية التي وصفت التقرير بأنه “تضمن تشخيصاً بلا رحمة للمشاكل في اليمن” .

وقد تم النظر لهذه المشاكل من منظور بناء الدولة، وأعتقد أن منظور بناء الدولة هو المنظور الأنسب للنظر إلى مشاكل اليمن، لقد تم الاتفاق على أن الإشكالية يمنية والحلول لابد أن تكون يمنية ودور المانحين هو مساعدة اليمن للتغلب على التحديات التي تواجهه لأن لا أحد سيحل لنا مشاكلنا .

كما تم الكشف عن مقترح تقدم به وزير الخارجية الإيطالي بإنشاء “مجموعة أصدقاء اليمن”، التي تضم عدداً من الدول الصناعية الكبرى، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، لكن حقيقة الأمر أن وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان كان يفكر في ذات المبادرة، وربما يكون تحدث مع وزير الخارجية الايطالي أو ربما خطرت الفكرة على بال كل منهما على حدة، كما اقترح وزير الخارجية الايطالي إنشاء صندوق لتمويل مشاريع إنمائية في اليمن وهو مقترح جدير بالتقدير وسيمثل آلية إضافية للآليات المتاحة لنا .

المانحون ينظرون إلى انه يوجد لدينا أموال لم نتمكن من استيعابها ومن الطبيعي أن يفكروا في مساعدة اليمن على استيعابها، لكن هذا لا يمنع أن يقدموا بعض الدعم المالي .

ذهب اليمن إلى مؤتمر لندن والحديث يدور عن أنها دولة فاشلة، فهل تغيرت هذه القناعة خلال مؤتمر لندن؟

الرد على هذا السؤال يحتاج إلى تقييم وجهات النظر المختلفة، لكن كان ثمة إجماع لدى المشاركين في المؤتمر أن اليمن لديه فرصة لتعزيز بناء الدولة والتغلب على التحديات، هذه قناعة لمسناها لدى جميع المانحين .

التزم اليمن خلال المؤتمر بعدد من الالتزامات، فهل هو قادر على الإيفاء بها؟

عندما قلت إن المانحين يعتقدون أن المشاكل يجب ان تحل بأياد يمنية فإنهم كانوا يشيرون إلى الإصلاحات وتعزيز بناء الدولة، ونحن في اليمن أنجزنا العديد من الإصلاحات، وبالطبع فإن الإصلاحات عملية صعبة ومعقدة وشائكة وتواجه الكثير من المقاومة، وهي عملية تغيير تحتاج إلى قدرة استيعابية للجديد، وهذا يجب أن يبنى بالتوعية والتأهيل، لكن أيضا بضخ دماء جديدة في المؤسسات المختلفة التي تتبنى هذه الإصلاحات، ولدينا بعض التجارب الطيبة، مثل إصلاحات قانون المناقصات والمشتريات وهو من أعقد الأنظمة، وقد تحول إلى قصة نجاح كبرى يتم الاستشهاد بالنموذج اليمني في إصلاح نظام المناقصات من قبل المانحين في المحافل الدولية .

الحكومة تمتلك الإرادة والتصميم لمواصلة تطبيق الإصلاحات لأن هذه الإصلاحات هي مصلحة يمنية في المقام الأول ونحن بصدد تطوير برنامج إصلاحات بالشراكة مع صندوق النقد الدولي، وخلال السنوات الماضية أنجزت الحكومة إصلاحات جيدة، ولا يوجد عصا سحرية في الإصلاحات، لكنها تحتاج إلى إرادة ومصداقية، وقد قمنا بإصلاحات عديدة من قبيل إصدار قانون محاربة الفساد وهو تشريع ممتاز وقانون الذمة المالية والانضمام لمبادرة الشفافية في الاستخراجات النفطية وغيرها .

ماذا عن علاقة اليمن بصندوق النقد الدولي في ظل الاعتقاد السائد لدى البعض أن مثل هذه المؤسسات لديها سياسات تحول فيها الدول إلى دول تابعة ومنزوعة الإرادة؟

اليمن لديه علاقات ممتازة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي يأتينا بانتظام، ونحن نتفق في تحليل التحديات وفي الحلول وكنا اتفقنا مع صندوق النقد الدولي على تطوير برنامج إصلاحات قبل انعقاد مؤتمر لندن، ومؤتمر لندن فقط أكد على ما تم الاتفاق عليه بيننا وبين الصندوق النقد، وبالتالي ليست هناك مبادرة جديدة من مؤتمر لندن .

نحن نعرف سياسات ورؤى صندوق النقد والبنك الدوليين، واقتربنا كثيراً من هذه السياسات والرؤى وسنستمر في تطوير برنامج إصلاحات مع صندوق النقد، ولدينا تجربة سابقة مع صندوق النقد في العام ،1995 ونحن من سيصمم هذا البرنامج بالشراكة مع صندوق النقد الدولي .

أما مسألة خضوع الدول لصندوق النقد الدولي وتحويلها إلى دول تابعة له فإنه تفكير عتيق وقديم، هاتان المؤسستان قدمتا الكثير للدول النامية، ولديها قدرات مالية وفنية هائلة، طبعا وقعت في أخطاء وأحيانا فادحة، لكن قل لي من لا يخطئ؟، لقد تغيرت سياسات وآليات صندوق النقد الدولي، وأصبحت المؤسستان أكثر انفتاحاً ومرونة بكثير مما كانتا عليه في السابق .

الجسد المريض

شبهت القضية اليمنية في مؤتمر لندن بجسد المريض الذي شخصت حالته في لندن ورحل علاجه إلى مؤتمر الرياض، هل مؤتمر الرياض كاف لمعالجة الأزمة اليمنية ككل؟

مؤتمر أو اجتماع الرياض مخطط له أن يكون اجتماعاً فنياً، وربما يكون للتهيئة للمؤتمر القادم لمجموعة “أصدقاء اليمن” في نهاية شهر مارس/ آذار المقبل والذي نفضل أن يعقد في برلين، لأن ألمانيا دولة صديقة، وقدمت الدعم لليمن طيلة أكثر من أربعين عاما .

هناك حديث عن تدفق أموال خليجية إلى اليمن، هل المال كاف برأيك، أم أن هناك قضايا أخرى يريد اليمن أن يحصل عليها من دول مجلس التعاون الخليجي، مثل استيعاب العمالة وغيرها؟

أريد أن أوضح لك محاور السياسات التنموية في اليمن، سياستنا التنموية تعتمد على ثلاثة محاور، الأول هو تحفيز النمو الاقتصادي والوصول إلى معدلات نمو مرتفعة ومحاربة الفقر والبطالة وتحسين ظروف الناس، والمحور الثاني يتمثل في الحماية الاجتماعية، والمحور الثالث يتمثل في الاندماج الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي .

وأنا أقول بصراحة ووضوح إنه من دون الاندماج في مجلس التعاون الخليجي لن يتمكن اليمن من التغلب على التحديات التي تواجهه، فهي تحديات كبرى ومعقدة للغاية وأكبر بكثير من الإمكانات المتاحة لنا، وبالتالي هذا ركن أساس في سياستنا التنموية، والمتمثل في الاندماج الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي، ونعني بذلك بالدرجة الأولى استيعاب العمالة اليمنية في الأسواق الخليجية .

نحن شعب كبير ودائما مهاجر ومصدر للعمالة بسبب موارده المحدودة ؛ فقدرة الاقتصاد حتى لو قمنا بتحسين مناخ الاستثمار، وهذا ما ننوي أن نفعله، فالقدرة على خلق فرص عمل ستكون محدودة، وبالتالي يجب فتح أسواق خارجية، والأسواق التقليدية بالنسبة لنا هي أسواق دول مجلس التعاون، لدينا مثال على ذلك في السبعينات والثمانينات فبفضل السياسات الحكيمة من المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز بعد انتهاء الحرب اليمنية بين الملكيين والجمهوريين أتيحت فرصة لليمنيين للعمل في المملكة، وكان اليمني يذهب إلى الحدود للبحث عن فرصة عمل وكان يعمل شأنه شأن المواطن السعودي، وقد قامت هذه العمالة بتحويل موارد إلى الداخل فأعالوا عائلاتهم، وكون البعض مدخرات استطاع أن ينشئ بها مشاريع تشغل آخرين وتدر إيراداً يومياً وكانت هذه قصة نجاح للعلاقات اليمنية - السعودية .

اليوم مجلس التعاون الخليجي هو الشريك التجاري الرئيس لليمن وعندما تتحسن معيشة الناس في اليمن يزداد الاستهلاك، أيضا اليمن مصدر للعمالة وبوابة السعودية ودول الخليج لإفريقيا، وأريد أن أركز على نقطة مهمة، وهي أن البعض في دول مجلس التعاون كان ينظر لاندماج اليمن على أنه عبء على دول المجلس ونحن نقول ان اندماج اليمن في مجلس التعاون هو فرصة وليس من باب البلاغة والجدل ولكن أثبتت تجربة الاتحاد الأوروبي ذلك ؛ فبعد توسع الاتحاد بعد عدة سنوات اكتشفوا أن الدول المتقدمة في الاتحاد الأوروبي استفادت من الاندماج أكثر من البلدان الأقل تقدماً، ولدينا دراسة قام بها صندوق النقد الدولي أثبتت ان الفائدة متبادلة بين اليمن ودول مجلس التعاون في حال تحقق الاندماج، أضف إلى هذا أن استقرار اليمن جزء من استقرار الجزيرة والمنطقة بأكملها .

لكن ما التطمينات التي سيقدمها اليمن لدول مجلس التعاون بأنه سيكون عنصراً فعالاً في المنظومة الخليجية، فاليمن يعاني من مشاكل كثيرة وهناك مخاوف حقيقية لدى دول مجلس التعاون من ضمه إلى منظومتها؟

النقاش هذا أشبه بجدلية “البيضة والدجاجة”، البعض لديه تخوفات أمنية، ويقول إن اليمنيين لديهم أسلحة ودورات عنف، هذا الوضع كنا نعيشه بعد الحرب الأهلية في العام ،7091 وكان هناك من يعارض في السعودية سياسة الانفتاح التي تبناها الملك فيصل رحمه الله، وهي نفس حجج اليوم، لكن الملك فيصل حسم أمره واتخذ القرار وما كان يخشاه البعض لم يحدث، فاليمنيون كانوا أهدأ جالية وأقلها مشاكل في المملكة، ونحن اليوم نعيش ما عشناه في السبعينات، وأنا لا استطيع أن أتخيل أن هناك مخاوف سياسية من قضية فتح الأسواق لليمنيين ؛ فاليمني معروف أنه في المهجر يكون أكثر التزاماً بالأنظمة والقوانين منه في الداخل .

كثيرون يأخذون على الدولة اليمنية إهدار أموال ضخمة على حروب في صعده ومواجهة الاحتجاجات في الجنوب، وهذه الأموال يمكن أن تسخر في الاقتصاد والتنمية؟

أتفق معك تماما في هذا، أنا دائما أردد أن الخط الأحمر المشترك لكافة اليمنيين هو قضية الاستقرار، يجب أن نتفق كفئات وأحزاب وأفراد بأن الاستقرار هو لصالح كل فرد منا، والاستقرار كفيل بتهيئة كافة الظروف لحل كل مشاكلنا .

في ظل الاستقرار يستطيع اليمني ان يجد لنفسه طريقاً، فالتجار مثلاً لديهم روح الريادة في الأعمال التجارية، ويجب أن نلتزم جميعا ونعي جميعا انه في صالح كل فرد في اليمن أن يساهم في الاستقرار، فما الذي أدى إلى ان تخلفنا بهذا الشكل، وأن نواجه هذا العدد الهائل من التحديات، هي دورات العنف المتكررة منذ العام ،1962 فاليمن لم يعرف الاستقرار منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، فكل دورة عنف تولد أخرى، هذه هي كارثتنا في اليمن .

حراك الجنوب

تحت يافطة الاستقرار، هل يمكن أن يحدث نوع من التنازل بين السياسيين لبعضهم بعضاً، السلطة والمعارضة، هل حان الوقت ليدرك أبناء اليمن ان لديهم الإمكان أن يبنوا وطناً موحداً والتخلص من هذه المشاكل؟

أعتقد أن هذا ممكن، من سجايانا وصفاتنا كيمنيين التسامح والمرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة، وهذه الصفات تؤهلنا لأن نتحاور، وأن نتوصل إلى حلول متوازنة يمكن أن تكفل للجميع المصالح والأهداف دون اللجوء إلى القوة للوصول إلى أهداف سياسية، خاصة ان لدينا وضعاً ديمقراطياً يكفل لنا التعبير وتفريغ عواطفنا عبر صندوق الانتخابات، لكن يجب ألا نكون عجولين، فعدم الصبر عندنا هو الذي يولد الكثير من التوترات ومع الاستقرار يأتي الخير .

بالاستقرار يمكن ان نتوصل لتسويات الكثير من النزاعات التي نعاني منها، وقد عرفنا الرئيس علي عبدالله صالح رجل تسامح ولديه من الشجاعة للتوصل إلى حلول أحيانا تكون قاسية بعض الشيء، وأعتقد أن هذا قادم، صحيح تتوتر الأمور لكن الحل قادم، وأنا على ثقة من ذلك .

ألا يقلقكم الوضع في الجنوب، بخاصة مع الدعوات للتجزئة والانفصال ورفع العلم الأمريكي من قبل الحراك الجنوبي؟

هذا مقلق للغاية، وهذه قضية مرتبطة ببناء الدولة التي لا تعني مسألة الضبط فقط، فبناء الدولة يعني تقديم الخدمات الأساسية للناس مثل التعليم والفرص في الحياة والتشغيل .

ما يتعلق بالحراك في المحافظات الجنوبية لدي قناعة تامة انه عبارة عن مظهر من مظاهر التحديات التي نعاني منها، مثل البطالة والفقر والتعليم، عندنا عدد كبير من الشباب غير متعلمين بالمرة، فبسبب الزيادة السكانية صار يزداد عدد الناس الذين هم خارج المدرسة ولم يتعلموا، اليمن ينمو بمعدل 3 % سنويا، أي سبعمائة ألف مولود في السنة وسنة ،2001 كان لدينا مليونا طالب خارج المدرسة، ونحن نبني ثلاث مدارس في اليوم الواحد، لكن بسبب الزيادة السكانية وجدنا ان لدينا من خارج المدرسة ليس اقل من مليونين، بل ثلاثة ملايين طالب خارج المدرسة، وهذا رقم مرعب .

وأنا أرى أن التعليم إشكالية كبرى وتسهم إلى حد كبير في التطرف وبعد ذلك الإرهاب لأن كثيراً من الطلبة ليس لديهم فرصة أن يدرسوا، ولدينا مشاكل كبيرة في التعليم ومخرجاته، ومن يتأهلون في التعليم العالي لا يكتسبون المهارات التي يحتاجها سوق العمل .

كيف تنظرون إلى تأثير الحراك الجنوبي في مستقبل اليمن؟

الحراك يمثل تحدياً لاشك في ذلك، لكنه جزء من التحديات التي تواجه اليمن، وهي تحديات تنموية في أساسها، وأعتقد أن توفير فرص العمل وفتح أسواق الخليج للعمالة اليمنية سيساهم كثيرا في حل الإشكال، هناك جزء كبير من المشتركين في الحراك لديهم مشاكل فقر وبطالة وتكوين أسرة ومسكن يعني جذور المشاكل كلها أساسها اقتصادية وتنموية .

لا تدخل أجنبياً

هل تمكن اليمن من تقديم ضمانات للدول الغربية من أنها قادرة على ملاحقة تنظيم “القاعدة” على أراضيه؟

اليمن في مؤتمر لندن عزز التزامه بمحاربة “القاعدة”، ليس هناك بحسب علمي التزام استثنائي لأن اليمنيين يستشعرون خطر الإرهاب والتطرف، إذ أنه يؤثر في حياة الناس، واللجوء إلى مثل هذه الممارسات المتطرفة أمر مقلق لأية دولة كانت وللحياة والسكينة العامة، محاولة الوصول وتحقيق أهداف سياسية عبر وسائل عسكرية أمر غير مجد وإشكالية كبرى .

هل أفهم أنكم ترون أن الحرب ضد “القاعدة” يجب ألا تكون عسكرية؟

يجب اتباع كل الطرق والسبل، أعتقد ان قضية الحوار والتوعية وأية وسائل أخرى يجب ألا نغفلها، يعني الشباب الذين هم منخرطون يتركون العنف ويعودون لممارسة حياتهم، وقد كانت هناك تجربة سابقة للحوار وكانت هناك بعض النتائج ربما قليلة لكنها كانت طيبة .

في اعتقادكم هل يمكن أن يفكر الغرب في التدخل العسكري المباشر في اليمن؟

لا أتصور هذا، وأنا اقرأ الموقف هكذا، أن الغرب يريد أن يدعم تعزيز البنية المؤسسية في اليمن حتى يتمكن من مواجهة الإرهاب حتى لا يضطروا هم أن يتدخلوا في نهاية المطاف وليس العكس، الغرب يعرف ماذا يعني التدخل، فلديهم تجارب في الصومال والعراق وأفغانستان، واليمن من أكثر البلدان وعورة وصعوبة بالنسبة للمتدخل الاجنبي، فالتدخل مكلف بالمال وبالدم، وقرارات التدخل المباشر غير مقبولة وغير شعبية لا تقبلها شعوبها، فلدى الحكومات الغربية صعوبات بالغة مع شعوبها لأنها تدخلت في العراق وأفغانستان، أيضا الإعلام يعارض التدخل، وهذه القرارات لا تدعمها شعوب هذه البلدان .

هل طرح موضوع التدخل المباشر في اليمن من قبل أية دولة في مؤتمر لندن الأخير؟

لا، على الإطلاق .

هناك من يقول إن الغرب يضغط على السلطات اليمنية لإغلاق ملف تمرد الحوثي والاحتجاجات في الجنوب ليتم التفرغ للمعركة الكبرى مع تنظيم “القاعدة”، فهل هذا صحيح؟

لا استطيع أن أسميه ضغطاً، لكن رأيهم يقضي بضرورة حل هذه الصراعات بالطرق السلمية، هذه مسألة يطرحونها بقوة، ويقولون إن من مصلحة اليمن ان يتغلب على هذه الصراعات، وهذا صحيح، بل إنه من صميم مصلحة اليمن .

ما رؤيتكم لمستقبل اليمن والتحديات التي تواجهه؟

أعتقد أن اليمن لديه من الإمكانات والفرص ما تساعده على التقدم وبخطوات سريعة للأمام، لكن ذلك لن يتحقق إلا بالاندماج الاقتصادي، خاصة في مجلس التعاون الخليجي .

لقد تعب اليمنيون من الحروب، وربما صرنا أكثر استعداداً لأن نهتم أكثر بقضية الاستقرار، فرأسمالنا هو الإنسان، وأنا متفائل إزاء مستقبل اليمن ومصلحة اليمن واليمنيين قطعا في يمن موحد وديمقراطي يتمتع فيه الجميع بالحريات وأيضا بالفرص المتكافئة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.