أكد سياسيون وأكاديميون وباحثون يمنيون أن المبادرة اليمنية حول تفعيل العمل العربي المشترك إذا ما تم العمل بها وأقرت خلال القمة العربية المقبلة كمشروع استراتيجي ستمثل طوق نجاة للواقع العربي الراهن. ولفت هؤلاء في أوراق عمل قدموها خلال ندوة (المبادرة اليمنية وأهميتها في تفعيل العمل العربي المشترك" التي نظمتها صحيفة 26 سبتمبر وجامعة عمران ، اليوم في صنعاء- إلى ضرورة إصلاح المشاكل التي يعاني منها الدول العربية وأن تتجه الجهود لتنقية الأجواء داخل هذه الدول. ففي الجلسة الأولى التي رأسها رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني استعرض المشاركون أربع اوراق عمل، الأولى من قبل عضو مجلس الشورى إسماعيل الوزير بعنوان " ملامح المبادرة اليمنية وأهدافها". وقدمت الورقة عرضا تحليلا لمضامين المبادرة وما ركزت عليه من أهداف يجب أن يحقهها اتحاد الدول العربية وتتمثل في تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال استكمال الإصلاحات الاقتصادية، تطوير العمل الا قتصادي المشترك، وتحقيق السوق العربية المشتركة وتحرير انتقال العمالة ورؤوس الاموال بين دول الاتحاد. واعتبرت الورقة أن من " الأشياء" الهامة في المبادرة التركيز على صندوق الدعم المشترك، بنك التنمية الاتحادي، هيئة تسوية المنازعات التجارية بين الدول العربية، ميزانية الاتحاد ونظام االتصويت المقترح. بينما تناولت الورقة الثانية التي قدمها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور صالح علي باصرة " أهمية المبادرة وقيام اتحاد الدول العربية" . وراى باصرة أن المبادرة خطوة جيدة في ظل المعاناة من أفكار المشاريع الصغيرة وتأتي بمثابة تحريك للماء الساكن سيما والجامعة العربية مضى على تأسيسها أكثر من ستة عقود ما يوجب تجديد آليات عملها لتعزيز دورها والغاية التي أنشأت من أجلها. واكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي أهمية إقامة اتحاد للدول العربية كونه سيصدر عنه قرار سياسي موحد تجاه القضايا المشتركة ويفعل التعاون الاقتصادي. وأشار إلى أن قلة التصنيع في العالم العربي ناجم عن محدودية العلاقات التجارية بين الدول العربية وأنه لا يمكن تحقيق علاقات عربية أكثر فعالية اليوم إلا عبر تفعيل الجوانب الاقتصادية. ولفت إلى أن نجاح الاتحاد العربي مرهون بمدى قدرة جامعة الدول العربية او الأتحاد العربي على التغلب على ما سيواجه مشروع قيام الاتحاد من تحديات في مقدمتها التحدي الإسرائيلي كون إسرائيل ستعمل جاهدة على أن يبقى العرب مفكيين غير موحدين. و ذكر باصره أن من تلك التحديات : الغرب بمواقفه وسياساته باعتبار دوله مصنعة للأسلحة وترى في الوطن العربي والمنطقة سوقا رائجة لها ولها سياسات ونهج لا يصب في بوتقة التوحد العربي. وعددت الورقة عدد من اعمال التدخلات العسكرية في الوطن العربي ومحيطة الإقليمي منها اللعب مع إيران باسم برنامجها النووي، واحتلال العراق، وافغانستان، وما يفرض على الواقع من مصطلحات تعزز الانقسام والتفكك العربي كمسميات الشرق الأوسط والشرق الأوسط الجديد بهدف ألا يكون هناك ما يسمى عالما عربيا. وأشارت إلى أن من تلك التحديات ايضا تحدي داخل الدول العربية ذاتها ،وهل الأنظمة السياسية مستعدة أن تتنازل عن بعض حقوقها وامتيازاتها في سبيل إنجاح وتثبيت دعائم هذا لمشروع؟!. وشددت على ضرورة اصلاح المشاكل التي يعاني منها كل بيت (دولة) عربي و أن تتجه الجهود لتنقية الأجواء داخل الدول العربية والنظر بمسؤولية جادة إلى واقع الأقليات والعمل على حل قضاياها بحيث لا تمثل عامل تفتيت واضعاف للمشروع العربي. اما الورقة الثالثة التي قدمها عضو مجلس النواب نائب رئيس البرلمان العربي الدكتور منصور الزنداني فقد عرضت "موقف البرلمان العربي من المبادرة اليمنية" والمراحل التي مرت بها المبادرة منذ العام 2003 حتى العام الجاري و صولا الى عرضها في القمة العربية أواخر الشهر الجاري في ليبيا. و توقفت الورقة ازاء ما شهدته المبادرة اليمنية من مناقشات واستفسارات على مستوى جامعة الدول العربية والمؤسسات واللجان التابعة لها، وما حظيت به من اهتمام وتفاعل من قبل الكثير من اعضاء البرلمان العربي. واستهلت الورقة توضيحاتها بالسؤال الذي تردد طويلا في تلك المناقشات وهو: هل اليمن وهو يعيش هذه الاوضاع السياسية الصعبة قادر على أن يتحمل هم الامة العربية وهل مشروع إقامة الاتحاد ترفا فكريا؟. وذكرت الورقة أن الاجابات أكدت أن ذلك جاء من جوهر الشخصية اليمنية التي مهما عانت من أزمات داخلية فإنها لا تغفل هم الأمة وما يعترضها من تحديات. واشارت الى البرلمان العربي الذي يتألف من 84 عضوا من مختلف الدول العربية يمثل اليمن فيه أربعة أعضاء، وكان أول قرار اتخذه تشكيل لجنة من اليمن، تونس، السعودية، وسوريا لإعداد تقرير عن المبادرة اليمنية قُدم إلى لجنة الشئون السياسية والخارجية العام 2008م وخلصت الورقة إلى أن البرلمان العربي تعامل مع المبادرة على أنها أصبحت مبادرة عربية ، وشكل البرلمان في هذا المنحى لجنة من ثماني دول لمتابعة تنفيذها. وأكد الزنداني في ورقته "أن قيام اتحاد عربي ليس ترفا فكريا وإنما ضرورة يفرضها الواقع..مستشهدا بتساؤلات من الواقع تؤكد أنه لو كان هناك اتحاد عربي لما تعرض العراق الى ما تعرض له وما تعرضت السودان لذلك التآمر وما وصل حال الأمة من الضعف والذل إلى ما وصل إليه اليوم". وذكر الزنداني أن اللجنة نزلت إلى اليمن والتقت بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية كما التقت امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الذي أكد دعمه للمبادرة و زارت الرئيس الليبي معمر القذافي الرئيس القادم للقمة و سلمته مشروع المبادرة ضمن ثلاثة ملفات قدمتها اللجنة إليه. وبالنسبة للورقة الرابعة التي قدمها نائب رئيس جامعة عمران الدكتور عبد العزيز الكميم فقد تناولت " المبادرة اليمنية والأمن القومي العربي" و ابرزت الورقة مفهوم الأمن القومي العربي ومكوناته ودور المبادرة في تطوير وتحديث القواعد القانونية المنظمة لتكوين آلية الأمن القومي العربي وممارسة مهامها، ودورها في تبني مبادئ الديمقراطية والمشاركة الشعبية وخرجت بعدد من الاستنتاجات والتوصيات. وفي الجلسة الثانية التي عقدت برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور صالح باصرة استعرض المشاركون ثلاث أرواق عمل :الأولى لوكيل وزارة الخارجية الدكتور علي العياشي بعنوان " اتحاد الدول العربية .. بين المتغيرات والطموحات" وقربت الورقة واقع التحديات والتغيرات التي طرأت على الساحة بعد أحداث ال11 من سبتمبر 2001م وكيف كرست سياسة القطب الواحد وكيف أنعكست تداعيات احداث ال11 من سبتمبر على الخارطة السياسية الدولية عبر الأحداث التي تعرض لها العراق، افغانستان، والخليج العربي. واستطردت الورقة في العرض وصولا إلى إبراز التحدي الذي فرضته ظاهرة القرصنة في البحر العربي ومضيق باب المندب، وتهريب المخدرات و بروز قوى جديدة إقليميا .. و نوهت بواقع النظام الإقليمي العربي وكيف برزت صور الانقسام بين الدول العربية. فيما توقفت ورقة الاستاذ بجامعة صنعاء الدكتور محمد الميتمي عند " أهمية التكامل العربي المشترك وإعادة تشكيله من منظور إقتصادي" و ركزت على الأثر الذي أحدثته العولمة في ايجاد فرص لمشاريع كبيرة للدول التي استطاعت أن تستغل العولمة و تتماشى مع متغيراتها دون تأثر. وأكدت الورقة أن المبادرة إذا ما تم العمل بها واقرت خلال القمة المقبلة كمشروع استراتيجي ستمثل طوق نجاة للواقع العربي الراهن. و رأت أن الدول العربية بحاجة إلى ما أسمتها ب" ثلاثة قوارب نجاة تمتثل في التكامل الاقتصادي، التنسيق والتكامل السياسي، و الوحدة الثنائية ". وأشادت بما تتمتع به الوثيقة من مزايا تتمثل في الحصول على مزايا الإنتاج الكبير، وتنويع مصادر الدخل، خلق سوق كبيرة متداخلة، تحسين ورفع مستوى دخول سكان اعضاء اتحاد الدول العربية. و ركزت الورقة الأخيرة لاستاذ العلاقات الدولية بجامعة صنعاء الدكتورة خديجة الهيصمي على " فرص تبني المبادرة اليمنية في ظل المستجدات الراهنة". واشارت الورقة إلى الدور الذي لعبته عدد من العوامل والقوى الدولية في خلق انقسام في الداخل العربي حتى بات هناك تيارات وتوجهات منفصلة منها إنقسام أمام العدو، خذلان المقاومة، شق يدعو إلى مفاوضات سلام، مؤكدة أن الاحتلال العسكري بات مباشرا بقصد تحقيق مصالحه. و اشترطت الورقة لنجاح اقرار المبادرة توفر الاستقرار السياسي داخل الدول العربية وإدراك أن قوة الامة في لم الشمل العربي, وانتهت متساءلة : هل يمكن القبول بمؤسسات عربية تتخذ فيها قرارات ملزمة وواجبة النفاذ ؟. وكانت الندوة قد شهدت مناقشات ومداخلات مستفيضة من قبل شخصيات سياسية وأكاديمية ومثقفة تناولت المبادرة من جوانب مختلفة برؤى مكملة ومعززة لمضامين أوراق العمل والتصورات الكفيلة بإنجاح المبادرة والدفع بها إلى حيز التنفيذ.