بدأت في صنعاء، اليوم، ورشة عمل حول "إدارة المصادر المائية في اليمن"، تنظمها على مدى يومين وزارة المياه والبيئة ممثلة بالهيئة العامة للموارد المائية بالتعاون مع منظمة اليونيسف. وفي افتتاح الورشة، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات والتنمية، الدكتور حسين مقبولي، أهمية انعقاد الورشة في ظل ظروف صعبة وقاسية يمر بها الشعب اليمني، جراء استمرار العدوان والحصار منذ ما يقارب سبع سنوات. وقال: "يعلم الجميع بالوضع المائي الحرج في الأحواض المائية باليمن، وهو ما تؤكده البيانات والإحصائيات التي ترفعها وزارة المياه والبيئة والهيئة العامة للموارد المائية، والنقص الحاد في حصة الفرد والمجتمع من مياه الشرب في ظل وجود استنزاف جائر في الاستخدامات الأخرى للمياه، وكذلك التدهور النوعي والكمي، وتأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية في اليمن". ولفت إلى أن التشريعات والقوانين في اليمن أعطت المياه أهمية كبيرة، وأوكلت إلى وزارة المياه -ممثلة بهيئة الموارد المائية- تطبيقها باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم الخطط والدراسات والسياسات حول الموارد المائية بالتعاون مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة، بالشراكة مع السلطات المحلية، للتعاون على إدارة الموارد المائية والحفاظ عليها من الاستنزاف والتلوث. وأكد مقبولي أهمية أن يدرك الجميع الخطر الذي يهدد الأمن المائي في ظل الطلب المتزايد على المياه، وشحة الموارد المائية، والاستنزاف الجائر للمياه، والتغيرات المناخية التي أثرت على الموارد المائية، والتأثير على صحة الإنسان، بسبب تلوث المياه السطحية والجوفية. واعتبر مثل هذه اللقاءات والأنشطة، التي تجمع المختصين من الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة، فرصة لمناقشة قضايا المياه للخروج بمعالجات وتوصيات تُسهم في الحد من التدهور في الوضع المائي كماً ونوعاً، في الأحواض والمناطق المائية. ولفت نائب رئيس الوزراء إلى ضرورة الاستفادة من تجربة المجلس الدنماركي، في مجال تنمية الموارد المائية، بالتعاون مع الهيئة العامة للموارد المائية، من خلال التوسع في مشاريع حصاد مياه الأمطار بمحافظة صعدة .. معبّراً عن الأمل في تعاون منظمة اليونيسف مع وزارة المياه وهيئة الموارد المائية في تنفيذ المشاريع والخطط التي ستتضمنها توصيات الورشة. وفي الورشة، التي حضرها وزير الإدارة المحلية علي القيسي، أشار وزير المياه والبيئة المهندس عبدالرقيب الشرماني إلى أن اليمن واحد من أكثر البلدان التي يعاني من ندرة المياه في العالم، إلى جانب التداعيات السلبية للعدوان على اليمن منذ ما يقارب سبع سنوات. وأكد أن استنزاف المياه الجوفية، منذ سبعينات القرن الماضي، تسبب في أزمة مياه كبيرة تؤثر على مستقبل سكان اليمن، جراء الحفر غير المنظم للآبار الأنبوبية، والاستغلال المفرط لطبقات المياه الجوفية، والتوسّع السكاني المتنامي وتغيّر المناخ. ولفت الوزير الشرماني إلى أن اليمن اشتهر منذ القدم بالتقاليد الزراعية ذات أنظمة الري الفاعلة بسبب المدرجات الزراعية، إلا أنه يعاني اليوم من انعدام الأمن المائي والغذائي .. مؤكداً أن العدوان القائم على اليمن أدى إلى إيجاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم في مختلف المجالات، بما فيها المياه. وأرجع ندرة المياه في اليمن -خلال المرحلة الراهنة- إلى الاختلال المتزايد بين إمدادات المياه العذبة المتاحة وتزايد احتياجات السكان .. معتبراً تأثير تغيّر المناخ والتغيرات البيئية الأخرى على كمية الأمطار مشكلة متنامية في اليمن. وقال وزير المياه والبيئة: " نظراً لاستخدام نسبة كبيرة من المياه في الزراعة، فإن طرق الري غير الفاعلة، والإفراط في استخراج طبقات المياه الجوفية، تُسهم في المشكلة بما يتجاوز الاحتياجات الأساسية للاستخدام المنزلي والصناعي". وأكد أن حكومة الإنقاذ، ممثلة بوزارة المياه والبيئة، تعطي موضوع الموارد المائية أولوية، رغم شحة الموارد والتحديات التي تواجه قطاع المياه في اليمن، جراء العدوان الذي تسبب في تدمير الكثير من المنشآت المائية. وفي الورشة، التي حضرها نائبا وزيري المياه والبيئة حنين الدريب والكهرباء والطاقة عبدالغني المداني، أشار الممثل المقيم لمنظمة اليونيسف، فيليب دوميل، إلى أن اليمن يعاني من شحة كبيرة وعجز في المياه، ما يشكل تحدياُ كبيراً اليوم وفي المستقبل. وقال: "إن أهمية المياه تكمن في كون الماء هو الحياة، وإنتاج المياه النظيفة مهم للثروة الحيوانية والزراعة".. لافتاً إلى أن التغيّر المناخي يزيد الوضع تعقيداً. وأضاف: "إن الأرقام التي يتحدث عنها الخبراء تعطي مؤشراً بأن المنطقة ستصبح أكثر حرارة وجفافاً، ما يضاعف من التحدّيات بصورة أكبر في الوقت الذي يزيد فيه الطلب على المياه، بما يحد من مواجهة الاحتياجات الأساسية من المياه". وتطرق فيليب دوميل إلى أن ذلك يتطلب قرارات إستراتيجية لضمان الإدارة المستدامة للموارد المائية، للتأكد من استخدام وحماية المصادر المائية، لضمان استمرار توفر الماء بالكمية والجودة المطلوبة للإيفاء بالاحتياج لليوم وغداً والأجيال المقبلة. ولفت إلى أن التحدي المائي هو ما سيركز عليه المشاركون في الورشة، ما ينبغي عكس مخرجات الورشة على الواقع العملي. حضر افتتاح الورشة وكيلا وزارتي الصحة الدكتور محمد المنصور، والإدارة المحلية عمار علي الهارب، ورئيس الهيئة العامة للموارد المائية المهندس هادي قريعة، ورئيس الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف محمد الوادعي. عقب ذلك بدأت جلسات أعمال الورشة بعقد جلسة عمل، قُدمت خلالها خمس أوراق عمل تناولت الورقة الأولى "الوضع المائي الحالي وتأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية في اليمن'، قدّمها وكيل هيئة الموارد المائية المهندس عبدالكريم السفياني. وتناولت ورقة العمل الثانية المقدمة من مدير عام الدراسات في هيئة الموارد المائية، المهندس أمين مهيوب العباسي، "الرصد المائي الهيدرومناخي في اليمن الخلفية التاريخية والوضع الحالي"، فيما تطرقت ورقة العمل الثالثة المقدمة من استشاري الهيئة، المهندس علي قاسم السياغ، إلى التدهور الكمي والنوعي للمياه في اليمن. وركزت ورقة العمل الرابعة المقدمة من المدير الفني بالمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في أمانة العاصمة، المهندس عادل معوضة، على شحة مصادر المياه وتأثيرها على توفير خدمات المياه في اليمن، في حين استعرضت ورقة العمل الخامسة إدارة البيانات المائية. وتختتم الورشة أعمالها يوم غدٍ الاثنين بعقد ست أوراق عمل حول تجربة منظمة "دي آر سي" حول تنمية المائية في صعدة والدراسات المائية في اليمن، ودور البحث العلمي في تقييم إدارة الموارد المائية.