تحتفلُ سلطنة عُمان يوم غد الثلاثاء بذكرى يوم انطلاقة نهضتها المُباركة بقيادة السُلطان قابوس بن سعيد، والتي تجلت فيها مظاهرُ التطورِ والتقدمِ والازدهار في كافة أنحاء السلطنة وفي مختلف المجالات. وتأتي هذه الذكرى التي انطلقت في 23 يوليو 1970م، هذا العام في ظل انجازات ونجاحات تحققت في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي وصلت بالسلطنة إلى مصاف الدول المتقدمة. وتحتل هذه الذكرى مكانة عالية في نفوس العمانيين، فقد أوجدت في نفوسهم بهجةَ الحاضر، ورسمت على وجوههم إشراقة المُستقبل الواعد، آخذة في الحُسبان الاهتمام في المقام الأول بالإنسان العُماني والارتقاء به، وإشراكه فعلياً في مؤسسات الدولة العصرية، وتحمل مسؤولية البناء والتنمية. وشهد عام 2012م تطورا في مسيرة الشورى العمانية تمثل في افتتاح المبنى الجديد لمجلس عمان الذي يمثل نقلة نوعية في مسيرة العمل الوطني والبرلماني، وحظي المجلس في فترته الخامسة بمجموعة من الصلاحيات التشريعية والرقابية عُدت مكسباً مهما في مسيرة الشورى العُمانية. وجاءت المجالس البلدية لتشكل خطوة جديدة في إطار بناء مجتمع عصري، وتضيف لبنة أخرى إلى بناء نهج الشورى القائم، وتقوم على مبدأ الشراكة والتعاون والتعاضد المؤسسي المستند على دور المواطن في بناء وطنه ومجتمعه والمساهمة في البرامج التنموية المختلفة. وأجريت انتخابات المجالس البلدية للفترة الأولى في 22 ديسمبر 2012م، لاختيار 192 عضوًا في محافظات السلطنة الإحدى عشرة، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 50.3 في المائة من إجمالي المثبتين في النظام الإلكتروني بالبطاقة الشخصية، وتصدرت المرأة في بعض الولايات قائمة المتنافسين. وحظي المجلس الأعلى للقضاء بمكانة خاصة واهتمام بالغ من قبل سلطان عُمان والذي يُمثل نقلة نوعية في تاريخ القضاء العُماني الحديث الذي يتمتع باستقلالية تامة ليقوم بدوره المنوط به لنشر العدل وإحقاق الحق، وتأكيدا على أهمية دور المجلس في هذه المرحلة ترأس السلطان قابوس في 1 إبريل 2013م المجلس الأعلى للقضاء. وفي قطاع السياحة تم تخصيص 15 مليون ريال عماني لرفع كفاءة وتحسين المواقع الخدمية والسياحية بمحافظة ظفار والتي تخدم بالدرجة الأولى زوار المحافظة أثناء موسم الخريف، وبحيث يتم تنفيذها من خلال برنامج زمني يبدأ اعتباراً من هذا العام 2013م. وحصلت السلطنة على المرتبة الرابعة في الشرق الأوسط ضمن قائمة الدول الأكثر تطوراً في قطاع السياحة والطيران وفق تقرير التنافسية للسفر والسياحة لعام 2013م الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.. كما حصلت على ثلاث جوائز دولية في هذا مجال السياحة. وتسعى الموازنة العامة لسلطنة عمان للعام الحالي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف لتلبية احتياجات التنمية وبما يتناسب مع الأهداف الكلية المعتمدة في الخطة الخمسية الثامنة "2011 2015م" وإطارها المالي.. وبلغ حجم الإنفاق الحكومي المعتمد في الموازنة لهذا العام حوالي 12.9 مليار ريال عماني، والإيرادات المقدرة حوالي 11.2 مليار ريال عماني. وفي إطار دعم وتشجيع الشباب على المبادرة في إنشاء مشاريعهم الخاصة، جاء تأسيس صندوق "الرفد" برأس مال وقدره 70 مليون ريال عُماني يضاف إليه 7 ملايين ريال عُماني سنويا. وتم مد خدمة التأمينات الاجتماعية لتشمل أكبر شريحة من المواطنين ولتوفير الاستقرار الوظيفي والمهني للعاملين خارج القطاع الخاص فقد أقر مجلس الوزراء العماني مشروع إصدار نظام التأمينات الاجتماعية على العمانيين العاملين لحسابهم الخاص وأصحاب الأعمال والمهن الحرة ومن في حكمهم. وفي 15 مايو 2013م حصلت السلطنة على جوائز تقديرية من منظمة الأممالمتحدة حول إسهامها في مجال الخدمة العامة. وفي مجال الاستثمارات حازت الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العمانية على جائزة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" كأفضل مؤسسة لترويج الاستثمار الأجنبي المباشر الموجّه نحو التصدير للعام 2013م. وتساهم المناطق الاقتصادية المتخصصة والصناعية والمناطق الحرة في إنعاش الحركة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الخارجية وفتح أسواق التصدير أمام الصناعات التحويلية، كما تعتبر أداة فعالة لتحقيق الأهداف الاقتصادية المتمثلة في نقل المعرفة والتقنية وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين. ويبلغ حجم الاستثمارات الكلية في المناطق الصناعية السبع 3.9 مليار ريال عماني تقريبا، وارتفع عدد المشاريع المقامة فيها من 304 مشروعات في عام 2007م ليصل إلى 1267 مشروعاً في نهاية عام 2012م، وقد وفرت هذه المشروعات أكثر من 13400 وظيفة للقوى العامة الوطنية من إجمالي 33057 وظيفة موجودة بها. وفي مجال الطرق حصلت السلطنة على المركز الخامس من بين 142 دولة على مستوى العالم في جودة الطرق بمجموع 6.4 في تصفيات مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وفي مجال الموانئ فقد فاز ميناء السلطان قابوس بجائزة "أفضل ميناء استجابة لمتطلبات السياحة البحرية لعام 2012م" ، التي تم منحه إياها من قبل مجلة "كروز إنسايت" السياحية العالمية، وذلك خلال انعقاد مؤتمر ومعرض سياحة السفن البحرية خلال الفترة من 11 إلى 14 من مارس 2013م بمدينة مياميبالولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي يناير 2013م تم تأسيس شركة وطنية للقطارات تعمل مطوّراً ومنفذا رئيسيا لشبكة سكة القطارات الوطنية بالسلطنة، تكون مملوكة للحكومة بالكامل تقوم بأنشطة أساسية تشمل الإشراف على جميع أعمال التخطيط والتصميم والمناقصات والتشييد والبناء لمشاريع القطارات، ويبلغ طول سكة الحديد من البريمي إلى صلالة 1687 كم. وفي مجال النقل الجوي يعد الطيران العماني الناقل الوطني للسلطنة، الذي حقق نجاحاً دولياً بفوز الدرجة السياحية به بلقب "الأفضل" في الشرق الأوسط خلال حفل توزيع جوائز السفر العالمية 2013م المعروفة بجوائز ال"أوسكار" في عالم السفر. وقد استلمت الشركة خلال عام 2013م طائرتين جديدتين من طراز أيرباص "330" ليصبح عدد طائرات الناقل الوطني للسلطنة 32 طائرة، وتعتزم الشركة شراء 20 طائرة منها 6 طائرات من طراز بوينج 787 دريملاينر من المتوقع البدء في استلامها خلال عام 2015م ليصل أسطول الشركة في عام 2016م إلى أكثر من خمسين طائرة. أما في مجال النقل البحري فقد رفعت الشركة العمانية للنقل البحري خلال عام 2013م أسطولها إلى 43 ناقلة بعد أن تسلمت في شهر أبريل ناقة خام الحديد العملاقة "فالي شناص" من شركة جيانسكو رونشينج للصناعات الثقيلة بجمهورية الصين. وفي ظل الاهتمام الكبير بالإعلام والفنون فقد تحول الإعلام العماني على مدى السنوات الماضية إلى رافد كبير ومؤثر من روافد التنمية الوطنية مستخدماً التطورات التقنية الضخمة والمتواصلة في مجال الإعلام والاتصال مواكباً ومتفاعلاً مع العالم الخارجي ليحافظ على القارئ والمشاهد والمستمع والمتابع إلكترونيا على وسائل التواصل الاجتماعي.. وتعتبر دار الأوبرا السلطانية بمسقط دليلاً على الجهود التي يبذلها السلطان قابوس في دعم التنمية الثقافية في السلطنة والانفتاح على العالم عبر بوابة الفنون. وفي مجال الحكومة الإلكترونية حافظت السلطنة على المرتبة 40 في التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمرتبة الخامسة إقليميا وذلك في ظلّ ما تشهده من تقدّم متسارع في توظيف تقنية المعلومات لتعزيز الأداء في شتى القطاعات، وفي 20 مايو 2013م شاركت السلطنة دول العالم الاحتفال ب"اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات" تحت شعار"تقنية المعلومات والاتصالات وتحسين السلامة على الطرق". ويبقى ما تحقق للمرأة العُمانية مصدر فخر لكل العُمانيين، فقد نالت اهتمام أكبر بجعل ال17 من أكتوبر من كل عام يوماً للمرأة العُمانية، وأثبتت المرأة العمانية وجودها وكفاءتها في كل مجالات التنمية لتساهم بدورها في دفع حركة التنمية وخدمة وطنها وإعلاء شأنه، وتعمل جمعيات المرأة العُمانية البالغ عددها 56 جمعية على تفعيل مشاركة المرأة في العمل الاجتماعي التطوعي وتنشيط دورها لتأخذ موقعها ضمن برامج التنمية في البلاد. واتسمت السياسة الخارجية للسلطنة بملامح الشخصية العُمانية وخبرتها التاريخية مقرونة بحكمة القيادة وبعد نظرها في التعامل مع مختلف التطورات والمواقف، ودأبت هذه السياسة وعلى امتداد السنوات الماضية ولا تزال على مد جسور الصداقة وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام علاقات حسن الجوار. وتأتي هذه الذكرى والعلاقات اليمنية العمانية تشهد تطوراً متنامياً في التعاون في جميع المجالات في ظل قيادة البلدين فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد وذلك انطلاقاً من الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية القوية النابعة من أواصر ووشائج القربى التي تربط الشعبين الشقيقين.