نظمت الدورة الأولى من مهرجان أجيال السينمائي، من تقديم مؤسسة الدوحة للأفلام، ملتقى إعلام الأطفال على مدار يومين استعرض خلاله المشاركون مسألة التركيز على قصص حقيقية ومحتوىً محلي بهدف تعزيز نوعية أفلام الأطفال. ودارت حوارات المنتدى، الذي حمل عنوان "أطفالنا أولاً!"، حول قيمة المحتوى المحلي ووضع السياسات الخاصة بالإعلام وتسويق الأفلام، وعرضت وجهات نظر متنوعة لمشاركين وخبراء من مختلف أنحاء العالم. ونوّه معظم المشاركين في المنتدى بأهمية الابتعاد عن رواية قصص الأطفال من وجهة نظر السينمائيين، والاستعاضة عنها بوجهة نظر الطفل. وفي هذا الخصوص قالت فاطمة الرميحي، مديرة مهرجان أجيال السينمائي "انطلق المشاركون في الملتقى من مقولة أن المحتوى هو العنصر الأبرز، ليؤكدوا بأن المحتوى يتمحور حول الطفل. ويمثل شعار "أطفالنا أولاً"، باعتقادنا، الطريقة المثلى لإيجاد حلول إيجابية لاحتياجات الإعلام الموجه لكافة الفئات العمرية من الشباب. ونأمل بأن تشكل هذه الخطوة بداية لشراكة مثمرة بيننا جميعاً. فلنكمل إذاً هذه الرحلة معاً، ولنعزز البيئة الإعلامية في كافة أنحاء العالم لجميع أبنائنا". وحول قيمة القصص الحقيقية للأفلام، قال نيتين ساوهني، المخرج المشارك في فيلم "طائرة ورقية" (الولاياتالمتحدةالأمريكية، فلسطين، 2013): "تجسّدت فكرتنا في إنشاء قصة تستند إلى ما تلتقطه عيون الأطفال الذين أبدعوا في بطولتها. وعندما قررت الأممالمتحدة استضافة مهرجان الطائرات الورقية في غزة، أدركنا أهمية الطائرة الورقية كعنصر يمكننا إضافته للفيلم، ولكن الأطفال هم من قدموا الحوارات واللغة السردية". وأضاف ساوهني: "ترمز كل طائرة ورقية في الفيلم إلى طفل في غزة – فلكل واحدة منها اسم وقصيدة وتركيب خاص؛ كما أنها تظهر للجمهور مدى قوة الروح البشرية في وجه المصاعب. ويعكس الفيلم في الأساس أسلوبنا الذي نتبعه لإبراز المواهب من غزة ومنحها المجال لسرد قصصها، والذي يجسد بالضبط ما يسعى مهرجان أجيال السينمائي إلى تحقيقه؛ إذ يستقطب المهرجان المخرجين الشباب ويقدم أعمالهم للجمهور، ونحن ندرك أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدوحة في تعزيز هذا التوجه، وبناء قدرات الشباب". ومن جانبه، أشار يان ويليم بولت، المؤسس والمنتج الإبداعي لمؤسسة "جيه دبليو بي" الهولندية، إلى أهمية عنصر استقلالية الطفل أثناء العمل في الإعلام الموجه للأطفال، وقال: "فليكن المحتوى حقيقياً وليس هشاً. وستحظى بنتائج مذهلة إذا اقتنعت بأهمية طرح القصة بالطريقة التي يود الطفل تصويرها بها". ونوّهت مونيك روينن، مستشارة الأفلام الطويلة في شركة "فيلم فند" الهولندية، بمسيرة النمو الملحوظ التي شهدها قطاع سينما الأطفال في الدولة، وأشارت إلى أن 22% من إجمالي الأفلام مخصصة للأطفال، بما يمثل 48% من مجمل عمليات بيع تذاكر حضور الأفلام السينمائية. ومن جانبها، قالت آنيت بريجنر، رئيسة المنتدى السويدي لتمويل محتوى الأطفال: "لطالما يُعتبر الأطفال الجمهور الأكثر تعقيداً؛ الأمر الذي يبرز أهمية إنتاج أفلام مخصصة للأطفال تتمتع بمحتوىً ذي قيمة فنية عالية". ودعا بيدرو بايمنتا، مدير مهرجان الفيلم الوثائقي "دوكانيما"، الموزمبيق، إلى ضرورة إعادة التفكير بمساحات العرض السينمائية، وأهمية تكوين علاقة جديدة بين السينما والجمهور؛ وقال: "يتم إنتاج الكثير من المحتوى السمعي والبصري في أفريقيا اليوم، ولكنه يعجز عن الوصول إلى شاشات العرض. ونحن بحاجة إلى إنشاء نموذج جديد يمكن بواسطته الانتقال بالسينما إلى أي مكان وفي كل مكان". وبمخاطبته لجنة التحكيم المتخصصة بأفلام الرسوم المتحركة، أضاف العباس العباس، المنتج في شركة "السهر أنيميشن" المصرية: "تعتمد أفلام الرسوم المتحركة على ركيزتين أساسيتين للازدهار والنمو، وهما عاملا الوقت والمال. ومن خلال تجربتي الخاصة، أستطيع القول أن الناس يميلون دوماً إلى نسيان عامل الوقت الذي يتطلبه إنتاج فيلم رسوم متحركة عالي الجودة. وبالطبع، ستنعكس الحاجة لإنتاجه بسرعة سلباً على الميزانية المخصصة لذلك". كما ناقش أعضاء اللجنة مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك أهمية امتلاك الرسوم المتحركة لمحتوى ثقافي يعبر عن البيئة التي صدر منها، وإيجاد منصة مشتركة للأنواع المختلفة من هذه الأفلام، وحاجة العاملين في هذا المجال في المنطقة لامتلاك التدريب الكافي. وأضاف العباس: "يتمثل التحدي الرئيسي الذي تواجهه منطقة الشرق الأوسط في عدم امتلاك وسائل الإعلام الحد الأدنى من المهارات التي تتطلبها عملية إنتاج الرسوم المتحركة. ويُذكر أن 80% من عملية إنتاج هذا النوع من الأفلام يكمن في مرحلة التحضير للإنتاج، وأعتقد أنه في منطقة الشرق الأوسط لا تأخذ منا عملية التحضير أكثر من 5% من إجمالي الوقت الذي يأخذه إنتاج كامل الفيلم". وبدوره، أدلى أوليفر آكر من "أكاديمية كرتون نتورك للرسوم المتحركة" في أبوظبي برأيه المتعلق بشغف المنطقة العربية بأفلام الرسوم المتحركة انطلاقاً من حجم الإقبال الكبير على الدورات التدريبية في الأكاديمية، الأمر الذي يبدو جلياً بامتلاكهم لأكثر من 150 طلب تقديم للمشاركة بدوراتهم ال 14 كل عام. وأردف آكر: "قمنا بالاستثمار بدوراتنا التدريبية بهدف تحديد هوية فنية خاصة بالمنطقة، والإسهام في إطلاق المقدرات الكبيرة للمواهب الإبداعية التي تمتلكها، فضلاً عن تطوير قوى عاملة إبداعية على قدر كبير من المهارة تعمل على استقطاب المزيد من الشركات المتخصصة بإنتاج الرسوم المتحركة". كما تحدث فادي البرغوتي، الرئيس التنفيذي والمؤسس لاستوديوهات "كيرل ستون"، عن رغبته في أن تصبح شركته "مارفيلالشرق الأوسط" بقوله: "بدأنا العمل في عام 2009 واضعين نصب أعيننا هدف ابتكار أبطال خارقين من وحي ثقافة المنطقة العربية، ولكن يتمثل التحدي الرئيسي أمامنا في القدرة على توليد عائدات من استثماراتنا. كما تواجهنا تحديات أخرى متعددة في مجال حقوق الملكية الفكرية؛ فبالإضافة إلى امتلاك الحد الدنى من المؤهلات الإعلامية المطلوبة لابتكار المحتوى المرغوب، يلزمنا مزيد من التدريب لضمان إبرام اتفاقيات توزيع وترخيص فاعلة لأنها تمثل السبيل لحصول العمل على عائدات مقابل الجهد الذي بذلناه". وأظهرت جلسة النقاش الخاصة بالتحديات والتوصيات المتعلقة بأبحاث السياسات العامة وقوانين الإعلام الموجه لفئة الشباب في المنطقة العربية والعالم قلقاً من ندرة المحتوى المحلي في هذا المجال مع عدم وجود نمط قانوني موحد وتفضيل اللاعبين الأساسيين في هذا القطاع امتلاك قوانين ناظمة طوعية. كما تحدثت نعومي صقر من جامعة وستمنستر بالمملكة المتّحدة عن القضايا التنظيمية الإيجابية والسلبية ابتداءً بحصص الإنتاج ونسبة المحتوى التعليمي المطلوب، ووصولاً إلى التأثيرات الأكثر سلبية التي تولدها أنظمة التقييم والحد الفاصل بين المحتوى المخصص للأطفال وذلك الموجه للكبار. ومن جهتها، قدمت ناديا بولبوليا، الرئيس التنفيذي ل "الجمعية الوطنية لشركات البث الإعلامي" في جنوب إفريقيا، موجزاً عن المشهد القانوني والتنظيمي في جنوب إفريقيا حيث يتم استخدام القوانين كحافز لدعم البرامج التي تهم الرأي العام والرامية إلى تعزيز مبدأ التنوع والتعددية. وأخيراً رسم سامي رفول، الرئيس التنفيذي ل "المركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية" مشهداً عاماً عن الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة والتحديات الناتجة عن اختلاف القوانين بين الدول تبعاً للاختلاف الثقافي واختلاف نسبة المتابعة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15- 19 عاماً في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن التوجه الكبير نحو متابعة الأخبار على الإنترنت بدل الوسائل التقليدية.