يلتقي مسئولون أميركيون وإيرانيون بارزون اليوم الخميس في نيويورك قبل أن تستأنف المفاوضات النووية الرسمية بين مجموعة "5+1" (أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) وإيران على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يتوقع أن تستمر حتى 26 سبتمبر. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان في واشنطن "سيسافر نائب وزير الخارجية، وليام جيه بيرنز، ومساعدة الوزير للشؤون السياسية، ويندي أر. شيرمان وكبير مستشاري الوزير، جاكوب جيه سوليفان، إلى نيويورك لإجراء مشاورات مع مسؤولين إيرانيين في 17-18 سبتمبر. واضافت الوزارة "عقب هذه الاجتماعات الثنائية، ستشارك مساعدة الوزيرة شيرمان في المفاوضات النووية الشاملة للقوى الكبرى 5+1 والاتحاد الأوروبي مع إيران، والتي تبدأ في 18 سبتمبر". ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في وقت لاحق اليوم الخميس في نيويورك. ويشتبه الغرب بأن إيران تسعى لإنتاج اسلحة نووية، لكن الأخيرة تقول إنها تخصب اليورانيوم لأغراض سلمية، لاستخدامه في محطات توليد الطاقة ولأغراض طبية. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد انتقد الولاياتالمتحدة الشهر الماضي بسبب فرضها عقوبات جديدة على 25 شركة وشخصية إيرانية. وتتوقع الولاياتالمتحدة من إيران خطوات جديدة من أجل التوصل إلى اتفاقية بعيدة المدى. وقالت كبيرة المفاوضين الأمريكيين ويندي شيرمان "نحن مختلفون على قضايا أساسية بينها حجم ومدى قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم". وكانت المفاوضات الأخيرة من أجل تحجيم برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات عنها قد بدأت في شهر فبراير الماضي، لكن الطرفين فشلا في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية المهلة المتفق عليها في 20 يوليو الماضي. وقال مراقبون إنهم لا يتوقعون أن يلتقي الرئيس الأمريكي باراك اوباما نظيره الإيراني روحاني، ولا حتى لمجرد المصافحة بالأيادي. وقبيل المفاوضات النووية في نيويورك أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تصريحات صحفية عن دهشته لما أسماه هوسَ الولاياتالمتحدة بفرض عقوبات على إيران. وقال ظريف -في لقاء مع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- إن العقوبات الأميركية لن تؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة للاقتصاد والشعب الإيراني. وصرح الوزير الإيراني بأن بلاده "ملتزمة بحل مشكلة العقوبات"، مشيرا إلى أن الكونغرس يعارض أي اتفاق مع إيران "لأن ذلك سيفرض عليه رفع العقوبات". وأشار ظريف إلى أن الإيرانيين حذرون تماما من الولاياتالمتحدة، وأنه يجب وضع آلية من أجل بناء الثقة. والأسبوع الماضي، اجتمع ممثلون من ايران ودول الاتحاد الأوروبي ال3 الأعضاء فى مجموعة 5+1 فى مقر الأممالمتحدة فى فيينا وتبادلوا وجهات النظر حول المحادثات فى نيويورك. وبعد اجتماع فيينا، قال كبير المفاوضين النوويين الايرانيين عباس عراقجي للصحفيين ان ايران تشعر بتفاؤل حول التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول الموعد النهائي بالرغم من الخلافات الكبيرة. وأضاف "اننا متفائلون دائما، ولكن أمامنا طريق صعب". مما يذكر انه بموجب الاتفاق الهام فى جنيف، وافقت ايران على تجميد بعض الأنشطة النووية الخلافية مقابل رفع بعض العقوبات الغربية فى فترة ستة أشهر. ويعتبر حجم برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم والجدول الزمني لرفع العقوبات الدولية من المواضيع الرئيسية التي تثير الخلاف مع القوى الكبرى، ولا سيما عدد أجهزة الطرد المركزي التي يختلف عليها الطرفان الإيراني والغربي. غير أن المفاوضة الأميركية ويندي شيرمان أكدت أن الأسرة الدولية ستوافق على تعليق ورفع العقوبات في حال بدأت إيران عملا مقنعا ويمكن التحقق منه لإثبات أن برنامجها سيظل سلميا، وفق تعبيرها. وقالت شيرمان إن المستوى الحالي لقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم "غير مقبول". أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري فأعلن الأربعاء أمام نواب أميركيين أن الهدف من المفاوضات هو التوصل إلى اتفاق يضمن "عالما أكثر أمانا"، و"يزيل أي طريق يمكن أن يؤدي إلى القنبلة" (الذرية). وأضاف كيري أنه لا يستبعد إمكان شن عمل عسكري ضد منشآت نووية إيرانية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وكان استطلاع للراي، اجري الأربعاء، كشف أن غالبية الإيرانيين يؤيدون التوصل إلى اتفاق مع الدول الكبرى بشأن البرنامج النووي لبلادهم، وذلك مع استعداد طهران والدول الغربية لاستئناف مفاوضاتهم بشأن هذا البرنامج. واعتبر نحو 94% من الإيرانيين أن بلادهم تحتاج إلى برنامج نووي فيما شدد 70% على أنه ينطوي على أغراض سلمية فقط، وذلك وفق الاستطلاع الذي أجراه مركز أبحاث الرأي العام التابع لجامعة طهران ومركز الدراسات الدولية والأمنية في ولاية ميريلاند بشرق الولاياتالمتحدة. وقال نحو 79% من المستطلعين إنهم يؤيدون اتفاقا مع القوى الكبرى على أن تضمن فيه طهران عدم تصنيعها القنبلة النووية. لكن غالبية واسعة رفضت في المقابل بعض الشروط التي تفرض على بلادهم مثل إلزام إيران بتفكيك نصف أجهزتها للطرد المركزي أو الحد من الأبحاث في المجال النووي. وفي هذا السياق، أظهر الاستطلاع شكوكا كبيرة لدى الإيرانيين لجهة وفاء الدول الكبرى بوعودها برفع هذه العقوبات التي تشل الاقتصاد، واعتبر 75% من المستطلعين أن الولاياتالمتحدة ستجد أعذارا أخرى لفرض عقوباتها على إيران. وأورد الاستطلاع أن "الإيرانيين منقسمون حول فرص نجاح هذه المفاوضات وقالت غالبية واسعة إنها لن تلوم المسؤولين الإيرانيين إذا أخفقت المفاوضات". وكانت ايران استبعدت إمكانية التوصل الى اتفاق نووي مع دول مجموعة (5+1) في اجتماع نيويورك . وقال مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي في تصريح للصحفيين على هامش مشاركته في اجتماع الدورة ال53 للمنظمة الاستشارية الافرواسيوية المنعقد في العاصمة طهران انه "نظرا لحجم المواضيع التي ستطرح خلال اجتماع نيويورك استبعد التوصل الى اتفاق". وحول مسألة عقد الوفد الايراني لقاءات في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية اجاب عراقجي "طالما لم يحصل هناك تقدم ملحوظ في المفاوضات فليست هناك حاجة لمثل هذه اللقاءات". واوضح ان الاجتماع سينطلق يوم الأربعاء المقبل العمل الذي سيجمع ظريف وآشتون حيث سيتم خلاله تحديد كيفية استمرار المفاوضات. وقال "سنبدأ المفاوضات الثنائية مع مجموعة (5+1) إلا ان هناك نقاط اختلاف کثيرة نأمل بان نحقق تقدما فيها نظرا الى المفاوضات التي اجريناها مع کل من الولاياتالمتحدة وروسيا والصين". واعرب عراقجي عن أمله في التوصل الى اتفاق شامل من خلال اعتماد حلول تضمن نشاط ايران النووي من جهة وتزيل القلق المحتمل تجاه سلمية برنامجها النووي من جهة اخرى.