يفرض الغرب عقوبات صارمة على موسكو بين الفينة والأخرى في محاولة لعزلها على الساحة الدولية بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية على الأقل من وجهة النظر الروسية. وفي هذا الإطار عدت الرئاسة الروسية، الخميس، محاولات "عزل" موسكو على الساحة الدولية بأنه "محكوم عليها بالفشل" ،معتبرة العقوبات المفروضة عليها مجرد "محاولات للضغط" كونها لم تصدر عن مجلس الأمن الدولي. وأكدت الرئاسة الروسية أن سياستها الخارجية والداخلية "لم ترض" بعض الأطراف الغربية، كونها أصبحت "مستقلة أكثر من اللازم، وتجرؤ على إبداء آراء مغايرة لما تبنته عواصم معينة"، من دون تحديدها. وقال رئيس الديوان الرئاسي الروسي، سيرغي إيفانوف، في تصريحات صحفية،إن "المحاولات الراهنة لعزل موسكو تقوم بها دول بعينها وليس العالم كله، معتبراً أن تلك "المحاولان محكوم عليها بالفشل". وأضاف إيفانوف، أن "العقوبات الحقيقية هي تلك التي يفرضها مجلس الأمن الدولي، أما غيرها فليست سوى محاولات للضغط"، وذلك في إشارة إلى العقوبات المفروضة على روسيا بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية. وأعرب المسؤول الروسي، عن "قلق الكرملين من استمرار الهجمات الغربية على شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، عاداً أنها "تهدف إلى النيل من هيبته". وأكد إيفانوف، أن "روسيا شعرت من قبل الأحداث الدرامية في أوكرانيا، بأن سياستها الخارجية والداخلية لا ترضي أناسا في الغرب، وجدوا أنها أصبحت مستقلة أكثر من اللازم، وتجرؤ على إبداء آراء مغايرة لما تبنته عواصم معينة"، من دون تحديدها. وتفرض الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوربي عقوبات على روسيا بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية وتأييدها للمسلحين في شرق أوكرانيا، في صفحة جديدة من الصراع الدولي تذكر بزمن الحرب الباردة. وتتخذ روسيا ايضا مواقف "متقاطعة تماماً" مع تلك التي تطبقها أميركا وبعض الدول الغربية، لاسيما فرنساوبريطانيا، تجاه النظامين السوري والإيراني. يأتي هذا قبل أيام من تنظيم انتخابات تشريعية في أوكرانيا ،في حين تدور معارك بصورة شبه يومية في شرق البلاد عند بعض النقاط الساخنة على خط الجبهة. وقتل مدني وجرح خمسة اخرين في قصف مدفعي بين القوات الأوكرانية والمسلحين الليلة قبل الماضية في دونيتسك، كبرى المدن التي يسيطر عليها المسلحون الموالون لروسيا. والنزاع الذي اوقع بحسب الاممالمتحدة اكثر من 3700 قتيل، يبدو انه يتفاقم من دون ان يحل السلام الذي وعد به الرئيس بترو بوروشنكو عندما انتخب في مايو الماضي من الدورة الاولى. و في بروكسل يدعو قادة الاتحاد الاوروبي، في قمة تعقد هذا الأسبوع على بذل المزيد لتحقيق الاستقرار في أوكرانيا وفقا لمسودة بيان لكن الدبلوماسيين لا يتوقعون تغييرا في العقوبات المفروضة على موسكو في المستقبل القريب. وتأتي دعوة زعماء الاتحاد الأوروبي قبل أيام من الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في أوكرانيا في 26 أكتوبر الجاري والتي ستأتي بمشرعين قوميين ومسؤولين مؤيدين للغرب إلى السلطة وهو أمر من المستبعد أن يلقى ترحيبا من قبل موسكو. وتوصلت أوكرانيا والمسلحون في شرق البلاد إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار في الخامس من سبتمبر الماضي في مينسك عاصمة روسياالبيضاء في أول خطوة نحو إنهاء أسوأ أزمة بين موسكو والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة. وشدد الاتحاد الأوروبي تدريجيا العقوبات التي فرضها على روسيا في أعقاب ضمها منطقة القرم من أوكرانيا في مارس الماضي ولدعمها المسلحين في شرق أوكرانيا. وقالت الأممالمتحدة هذا الشهر إن الصراع في أوكرانيا لا يزال يحصد حوالي عشرة قتلي في اليوم على الرغم من وقف إطلاق النار. ويحاول قادة بريطانيا والمانيا وفرنسا وإيطاليا الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوضع حد للقتال. وفي بداية الأسبوع أمر بوتين بسحب نحو 18 ألف جندي كانوا منتشرين قرب الحدود مع أوكرانيا.لكن حلف شمال الأطلسي (الناتو) قال إن لا إشارة على أي انسحاب روسي رئيسي. وتوازيا مع ذلك حثت واشنطن الخميس جميع الاوكرانيين، بمن فيهم سكان الشرق وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، على التصويت الاحد المقبل في اطار الانتخابات التشريعية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي "انها مرحلة جديدة مهمة بالنسبة الى امة لا تزال تثبت التزامها ببناء ديموقراطية صلبة رغم التقلبات السياسية الاخيرة والتحدي الامني الكبير في بعض مناطق البلاد". وحذرت بساكي المسلحين الموالين لروسيا من اجراء انتخابات موازية في معقليهم دونيتسك ولوغانسك، مؤكدة ان "الانتخابات الشرعية الوحيدة" هي التي ستجري نهاية هذا الاسبوع وفي السابع من ديسمبر لاختيار برلمان اوكراني جديد. ويقاطع المسلحون الذين يسيطرون على حوالى ثلاثة في المئة من الاراضي الاوكرانية ويقاتلون الجيش النظامي منذ ابريل هذه الانتخابات. واعلنوا انهم عازمون على اجراء انتخاباتهم الرئاسية والتشريعية في الثاني من نوفمبر. واوضحت اللجنة الانتخابية ان نحو مليوني شخص من اصل 5,2 ملايين ناخب يمكنهم التصويت في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، ما يعني ان العملية لن تشمل 14 مقعدا من اصل 32. وفي شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في الربيع الفائت، فان الانتخابات لن تشمل 12 مقعدا. وقالت كييف ان الانتخابات ستجري في هذه المنطقة حين تعود الى السيادة الاوكرانية. واكدت بساكي ان الأمريكيين "سيرفضون ايضا اي شكل من التدخل في هذه العملية الشرعية الديموقراطية وفي قدرة الشعب الاوكراني على اختيار قادته"، لافتة الى ان واشنطن "مستعدة للعمل مع البرلمان الاوكراني الجديد لمحاربة الفساد وتعزيز الاصلاحات ومواصلة الحل السلمي للنزاع في شرق البلاد".