شهدت مدينة نيويورك ومدن آخرى تجمعات لثالث ليلة على التوالي منددين باستخدام الشرطة القوة المميتة ضد الأقليات، في الوقت الذي دعا حقوقيون في الأممالمتحدة الشرطة الأمريكية إلى مراجعة سياستها الأمنية. وعبر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن "مخاوفه المشروعة" بسبب عدم إدانة محلفين في الولاياتالمتحدة أفراد شرطة متورطين في قتل مدنيين أسودين. وأبدى حقوقيون في الاممالمتحدة في بيان قلقهم من عدم توجيه الهيئة المحلفة في الولاياتالمتحدة تهم إلى عنصري شرطة قتلا رجلين أسودين في حادثتين منفصلتين، ما ادى إلى اشتعال فتيل الاحتجاجات في البلاد. وقال الحقوقيون إن العدالة الأمريكية كانت ستأخذ مجراها في حال إحالة الضابطين في قضيتي مايكل براون في فيرجسون بولاية ميزوري وإيريك جارنر في نيويورك إلى المحاكمة. وقالت المقررة الخاصة لقضايا الأقليات بالأممالمتحدة ريتا إيزاك إنها تشعر ب"القلق من قراري هيئتي المحلفين والأدلة المتضاربة فيما يبدو فيما يتعلق بالحادثتين". وتخوف الخبراء من نمط الحصانة الذي يتمتع به رجال الشرطة عند ممارستهم للقوة ضد ضحايا أمريكيين أو غيرهم من الأقليات. وطالب المقرر الخاص للأشكال المعاصرة للعنصرية في الأممالمتحدة ،موتوما روتيري، بالتحرك فورا في مواجهة ما أسماه أدلة على ممارسات تنطوي على تفرقة في المعاملة والتصنيف العرقي من جانب عناصر الشرطة. من جانبه، أكد كريستوف هاينز المقرر الخاص لعمليات الإعدام التعسفية في الأممالمتحدة أن القانون الدولي لا يسمح باستخدام القوة القاتلة إلا في الحالات القصوى للدفاع عن النفس و حماية الأرواح منوها بطبيعة القوانين الأمريكية المتسامحة. ودعت لجنة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب الولاياتالمتحدة الشهر الماضي للتحقيق بشكل كامل واتخاذ إجراءات قانونية ضد بطش الشرطة وإطلاق النار على شبان سود عزل وعدم استخدام مسدسات الصعق الكهربائي إلا في المواقف التي تمثل خطرا على الحياة. ويعد هذا أول تقرير تعده اللجنة لسجل أمريكا في منع التعذيب منذ عام 2006. وصدر التقرير في أعقاب توالي اضطرابات نتيجة "العنصرية" في عديد مدن أمريكية بسبب قرار هيئة محلفين في مدينة فيرجسون بولاية ميزوري . وأفادت تقارير إعلامية أن الشرطة الأمريكية اعتقلت أكثر من 400 متظاهر خلال تلك الاحتجاجات ووجهت لأغلبهم تهمة الإخلال بالنظام العام. من جانبها أعلنت السلطات القضائية في نيويورك، الليلة الماضية تشكيل هيئة محلفين للنظر في قضية مقتل شاب أسود أعزل يدعى أكاي غورلي برصاصة أطلقها شرطي أبيض في "حادث عرضي" وقع في بروكلين في 20 نوفمبر. وكانت هيئتا محلفين في كل من فيرغسون ونيويورك نظرتا في حالتين مماثلتين مؤخرا وقضتا في كلتيهما بعدم ملاحقة الشرطيين الأبيضين المتورطين في قتل رجلين أسودين، الأمر الذي أثار موجة من الغضب والاحتجاجات العنيفة في سائر أنحاء الولاياتالمتحدة وأعاد إلى السطح مسألة التوترات العرقية في البلاد. ومع كثرة هذه الأخطاء البوليسية القاتلة ارتفعت حدة الغضب الشعبي وتواصلت الاحتجاجات الشعبية في المدن الرئيسية في البلاد حيث سجلت الجمعة تظاهرات جديدة لليلة الثالثة على التوالي. ودعا رئيس بلدية نيويورك، بيل دي بلاسيو، شرطة نيويورك البالغ عددهم 22 ألف شرطي إلى ضبط النفس عند مباشرة عمليات التوقيف للمشتبه فيهم، مضيفا أنه سيتم تجهيز أفراد الشرطة بكاميرات مثبتة في أجسادهم عند القيام بعملهم. وبعد ظهر الجمعة أقيم حفل تأبين لغورلي في بروكلين تجمع على إثره المئات من المتظاهرين وقطعوا حركة السير في نيويورك، مساء امس الجمعة، على الرغم من هطول المطر. وجرت تظاهرات احتجاجية أخرى ولا سيما في ميامي وشيكاغو وبوسطن ونيو أورلينز، في ثالث ليلة على التوالي من الاحتجاجات في هذه المدن الكبرى. وكان قتل أكاي جورلي (28 عاما) بالرصاص في بروكلين بنيويورك أحدث واقعة في سلسلة من تصرفات الشرطة المميتة التي أشعلت غضب الرأي العام الأمريكي بشأن ما يعتبره كثيرون أعمال عنف عنصرية من جانب قوات انفاذ القانون. وكانت موجة الاحتجاجات الغاضبة ولكن السلمية إلى حد كبير التي وقعت الأسبوع الماضي قد بدأت يوم الأربعاء عندما امتنعت هيئة محلفين بنيويورك عن توجيه اتهامات للشرطي دانييل بانتاليو في قضية خنق إريك جارنر وهو أب لستة عمره 43 عاما حتى الموت. واعتقل جارنر الذي لم يكن يحمل سلاحا للاشتباه ببيعه سجائر بشكل غير قانوني في مواجهة مع الشرطة صورت بالفيديو في جزيرة ستاتين في يوليو الماضي . وأعلن قرار عدم توجيه اتهامات لبانتاليو بعد تسعة أيام من اتخاذ هيئة محلفين كبرى في ميزوري قرارا بعدم توجيه اتهامات لشرطي أبيض لقتله بالرصاص في أغسطس شابا أسود أعزل في ضاحية فيرجسون بمدينة سانت لويس مما أشعل اضطرابات وعمليات اشعال نار هناك على مدى ليلتين. ثم قتل ضابط شرطة أبيض رجلا أسود أعزل بالرصاص في فينيكس بولاية أريزونا يوم الخميس أثناء مشاجرة مما أدى إلى احتجاجات هناك. وقالت سورايا سوي فري وهي ممرضة (45 عاما) وناشطة من برونكس كانت تشارك في احتجاجات في نيويورك "الحكومة خلقت وحشا والوحش أصبح الآن طليقا."