تضاربت الانباء بشأن وقف القتال في ليبيا بعد يوم من انتهاء الجولة الأولى من جلسات الحوار الليبي برعاية الأممالمتحدة في جنيف، بمشاركة فرقاء سياسيين، والتي من المقرر استئنافه الأسبوع المقبل. حيث نفى المكتب الإعلامي لما يعرف باسم قوات "فجر ليبيا" وقف القتال ضد الجيش الليبي، بعد وقت قصير من بيان للمتحدث باسم جماعة درع الوسطى المسلحة المنضوية تحت "فجر ليبيا"، يتحدث عن موافقة على وقف العمليات العسكرية. وقال المكتب الإعلامي ل"فجر ليبيا" في بيان، إن "البيانات العسكرية تصدر فقط عن القائد الأعلى للقوات المسلحة أو الناطق الرسمي باسم هيبة الدولة"، موضخة أن "فجر ليبيا ليس لديها ناطق رسمي منذ تحرير العاصمة" على حد تعبير البيان. ونقلت "فرانس برس" عن بيان سابق ل"فجر ليبيا"، إعلانها عن "وقف إطلاق النار على أن يلتزم الطرف الآخر بذلك"، مضيفة أنه " في حال خرق وقف إطلاق النار من الطرف الآخر سيتم التعامل معه بالشكل المناسب انطلاقا من حق الدفاع عن النفس دون الرجوع إلى أي جهة كانت". والبيان الذي تلاه أحمد هدية المتحدث باسم جماعة درع الوسطى المسلحة، المنضوية تحت "فجر ليبيا"، كشف عن "سعيها لفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى والمرضى وإخراج المحاصرين، في بنغازي وككلة وغيرها من بؤر التوتر". وكانت جولة المحادثات الاولى التي استضافتها بعثة الأممالمتحدة للدعم ليبيا قد اختتمت امس الجمعة في مقر الأممالمتحدةبجنيف بعد يومين من المناقشات المكثفة الهادفة التوصل إلى سبل إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد. ووصفت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا في بيان لها مباحثات الحوار الوطني ب "البناءة" وأنها "عقدت في أجواء إيجابية عكست الالتزام الصادق للمشاركين للوصول لأرضية مشتركة لإنهاء الأزمة الليبية". وذكر البيان ان المشاركين اتفقوا بعد نقاش مستفيض على جدول أعمال يتضمن الوصول إلى اتفاق سياسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية والترتيبات الأمنية اللازمة لإنهاء القتال وتأمين الانسحاب المرحلي للجماعات المسلحة من كافة المدن الليبية للسماح للدولة لبسط سلطتها على المرافق الحيوية في البلاد. كما عبر المشاركون عن قلقهم إزاء التهديد المتنامي للجماعات الإرهابية داخل ليبيا وخارجها .. مؤكدين على الحاجة لتضافر الجهود لمكافحة خطر الإرهاب. وفي هذا السياق، دانوا عمليات القتل والخطف الأخيرة لمواطنين ليبيين وأجانب، وعبروا عن تضامنهم مع ضحايا الإرهاب في كل مكان. من جانبها أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا امس الجمعة، عن نزوح أكثر من 400 ألف شخص من مناطقهم منذ مايو من العام الماضي بسبب اندلاع القتال. وقال ويليام سبيندلر المتحدث باسم المفوضية في مؤتمر صحفي امس "إن تواصل المعارك في المدن الليبية أجبرت الآلآف من أهاليها إلى النزوح إلى مدن أخرى أكثر أمنا".. موضحا أن 90 ألف في بنغازي نزحوا بسبب القتال المستمر فيها. وأضاف ان مدن راس لانوف ودرنة وسرت وبن جواد أكثر المدن نزوحا. وأشار في حديثه إلى نزوح 83 ألف الى طرابلس من مدن الجبل الغربي بسبب القتال. على الصعيد نفسه كشفت الأممالمتحدة عن عقد جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلين عن الأطراف المتنازعة في ليبيا، وذلك الأسبوع المقبل في جنيف، رغم غياب بعض الأطراف عن أول اجتماع. وقالت المنظمة الدولية، في بيان صدر ليل الخميس، "اتفق المشاركون على العودة إلى جنيف الأسبوع المقبل لإجراء جولة جديدة من الحوار بعد إجراء المشاورات الضرورية". وأضاف البيان "عبرت البعثة والمشاركون عن أملهم في أن يشارك في محادثات الأسبوع المقبل كل الممثلين، الذين وجهت إليهم الدعوة بما في ذلك من لم يحضروا هذه الجولة". وحضر وفد عن مجلس النواب والأحزاب المتحالفة مع طرابلس الجولة الأولى من المحادثات، لكن ممثلين كبارا عن جماعة "فجر ليبيا" والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، رفضوا المشاركة. وتهدف محادثات الأممالمتحدة إلى تشكيل حكومة وحدة ووقف القتال بين القوات الحكومية والميليشيات المسلحة، التي صنفها البرلمان إرهابية، ووضع البلاد على مسار الديمقراطية من جديد. وتباشر الحكومة المعترف بها دوليا برئاسة عبد الله الثني، ومجلس النواب المنتخب، عملهما من شرق البلاد، بعدما سيطر المتشددون على العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، صيف العام الماضي. وشكلت التيارات المتشددة التي خسرت في الانتخابات التشريعية، ما أطلقت عليه حكومة، وأعادت العمل باسم المؤتمر الوطني العام، الأمر الذي عمق الهوة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا. ومنذ أغسطس من العام الماضي، تسيطر قوات "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس، بعد معارك مع القوات الحكومية، علما أن هذا الائتلاف يضم خليطا من المقاتلين، يتحدر معظمهم من مدينة مصراتة (200 كلم شرق العاصمة). وساهمت سيطرة "فجر ليبيا" على طرابلس في إحياء المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في العاصمة الليبية، الذي شكل حكومة موازية، لكن المؤتمر والحكومة لم يلقيا أي اعترافات دولية. كما شكلت "فجر ليبيا" غرفة عمليات باسم "الشروق" تقدمت بها منذ مطلع ديسمبر الماضي شرق البلاد، بهدف السيطرة على منطقة "الهلال النفطي" بين بنغازي وسرت، حيث تتركز أهم الثروات النفطية بالبلاد، في حرب أدت إلى تراجع حاد في الإنتاج النفطي الليبي. ويأمل الشعب الليبي ان يقود توافق الأطراف المشاركة في الحوار على استئناف المحادثات الأسبوع المقبل، إلى إمكانية التوصل إلى حل يضع حدا للاقتتال بين الفصائل المتناحرة، بعد 4 سنوات من الفوضى والتدهور الأمني عقب الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.